الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

والدة الأسير ابو الرب: اتمنى احتضانه قبل أن يحتضن حجارة قبري

نشر بتاريخ: 28/09/2023 ( آخر تحديث: 28/09/2023 الساعة: 21:49 )

الكاتب:

د. سناء زكارنة

من ربوع فلسطين الحبيبة ، ومن وحي الرجولة بها، ومن اساطير التاريخ نروي لكم قصة بطلها فلسطيني الهوية ودمه ثوري الانتماء حتى النخاع ، نحاول أن نستجمع كل حروف اللغة والكرامة ومفاهيم الشجاعة لتخط عن قائد وصنديد الحدث والحديث.

من بلدة قباطية الصمود والعنفوان الاسير البطل محمد احمد ناجي ابو الرب الملقب (التيع )، من مواليد قباطية محافظة جنين، وقد بزغ مولده بتاريخ 20/1/1978 ، حيث التحق بمدارس بلدته إلى أن وصل إلى الثانوية العامة ، لتبدأ مرحلة جديدة في حياته، ويلتحق بالانتفاضة الأولى رغم صغر سنه، ويصارع الاحتلال في كل شارع من شوارع محافظة جنين ، معلنا ثورته وشرارة كرامته التي أبت الخضوع للاحتلال والإقرار به ، وما أن بدأت الانتفاضة الثانية حتى أعلن مع مجموعة من أصدقائه عن تأسيس كتائب شهداء الاقصى، وينطلق في خطته التي وضعها لمقارعة الاحتلال ومجابهته لهم رفضا لكل سياسته اتجاه الأرض والإنسان.

ويذكر أن الأسير ابو الرب تم اعتقاله برفقة صديقة الشهيد الأسير كمال ابو وعر بتاريخ ٢٠٠٣/١/١٤ بعد محاصرة منزل كانا يتواجدان به، وبعد عملية اشتباك مسلحة استمرت 12ساعة ومطاردة استمرت لمدة عامين ، لينتهي به المطاف في زنازين التحقيق والتوقيف، حيث خضع إلى أبشع عمليات التحقيق، ما بين شبح وتقييد الأرجل واليدين وتعريضه لعدة محاولات نفسية هدفها إجباره على الاعتراف؛ إلا أنه لم يسجل أي اعتراف شخصي في ملفه ورفض كل التهم الموجهة إليه ، وعلاوة على ذلك رفض المثول أمام المحاكم الإسرائيلية لعدم اعترافه بشرعيتها كون المحاكم هي محاكم احتلالية ولا تستند إلى شرعية حقيقية.

وتم الحكم عليه لمدة ثلاثين عاما دون إقرار شخصي من قبله بأي تهمة، إلا أن الاحتلال يصدر أحكامه غيابيا ودون الاستناد إلى دلائل قانونية، وهذه إشارة إلى حالة الإرهاب القانوني الذي تعتنقه المحاكم العسكرية في دولة الاحتلال .

وينتقل اسيرنا البطل في كافة السجون الإسرائيلية، وهذه محاولة أخرى من قبلهم لثنيه عن مواصلة منهجه في مقاومة الاحتلال، ويجوب السجون من شمال البلاد إلى جنوبها ومن زنزانة إلى أخرى، ويحفر اسمه على جدران تلك السجون التي ستهدم يوما ما معلنة الانتصار على دولة الإرهاب .

بالرغم من انتمائه الفتحاوي الثوري الذي ينتهجه إلا أن الأسير خاض أربعة إضرابات بسنوات متفرقة ٢٠٠٤ , ٢٠١١, ٢٠١٢ ، ٢٠١٧ تعود في قيادتها لحركتي حماس والشعبية وانفرد بإضراب واحد عام ٢٠١٧ والذي كان يقوده القائد مروان البرغوثي

ومن الملفت للإنتباه في حياة الأسير ابو الرب أنه صاحب روح وفية، وسطر هذا الوفاء لرفيق دربه الشهيد ابو وعر، حيث خاض إضرابه الشهير عام ٢٠٢١ وذلك إسنادا لابا وعر حيث كان مريض بالسرطان وتمت إصابته بفايروس كورونا ليعلن ابو الرب إضرابه عن الطعام، وتم تحويله إلى زنازين المعتقل لثنيه عن إضرابه ، إلا أنه انتهى الإضراب بتحويله إلى زيارة ابو وعر والاطمئنان عليه والمكوث بسجن الرملة مدة شهر ليرافقه في اخر أيامه ويكون معه المعين بعد الله .

لم تثنيه جدران السجون عن مواصلة علمه، بل حصل على الثانوية العامة وأكمل البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية، وحاليا يتم اسيرنا دراسته في الدراسات العليا في تخصص الدراسات الإسرائيلية بجامعة القدس ابو ديس.

يذكر أن ابو الرب ما زال من القيادات الفتحاوية الثورية التي تتخذ من الوحدة الوطنية منهجا لها، ويعتبر التنظيمات الأخرى شركاء لهم في النضال والحكم ، ويتميز بشخصية وحدوية وقربه من الأسرى ، كما يروي الكثير من الأفراد خارج السجون أنهم يلجأون إليه لحل مشاكلهم العالقة والتي لا يقدرون على مواجهتها ، فأي شخصية تلك التي تجابه القيد وما زالت تقدم أقصى ما لديها لأبناء شعبها !!!

وابو الرب هو الابن الوحيد لعائلة مكونة من خمس اخوات، وام واب بلغ بهم العمر ما بلغ، وما زالا ينتظران عودته في كل يوم، وتحاول أمه جاهدة الصمود أمام مرض السرطان لتحتضن ابنها الوحيد وهي على قيد الحياة، وتقول في إحدى مقابلاتها: امنيتي أن احتضنه وانا حية على أن لا يحتضن حجارة قبري بعد ذلك .

الفرج العاجل للأسير ابو الرب، والدعوة إلى أصحاب القرار للعمل على سرعة الافراج عن أسرانا خلف القضبان، فهم القضية الحية التي ما زالت تنتظر الاصوات الحرة للوقوف مهم، وان تشمل صفقات الأسرى هؤلاء القيادات الذين بذلوا الكثير من السنين خلف قضبان السجون.