الأربعاء: 20/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مسارات مهنية: المهارات الحياتية وتسويق الذات

نشر بتاريخ: 04/10/2023 ( آخر تحديث: 04/10/2023 الساعة: 16:38 )

الكاتب: صخر سالم المحاريق

لا شكَ بأنَ التنافس مع الذات هو التنافس الحقيقي، فكُلما تنافسَ الإنسانُ مع ذاته تطور إلى الأفضل؛ بحيث لا يكون في الحاضر ما كانَ عليه في الماضي، وما سيكونُ عليه في المُستقبل، فكونك علامة تعجب فارقة وسط كُل علامات الاستفهام من حولك، هو بمثابةِ قرارٍ شخصيٍ أنت وحدكَ من تصنعهُ.
ما هي المهارات الحياتية ومُستوياتها؟

إن المهارات الحياتية والمعروفة بالمهارات الناعمة تارة، والشخصية تارة أخرى؛ ما هي إلا مجموعة مهارات تُساعد الإنسان على الانخراط بشكل أفضل في حياته، والتعامل الإيجابي مع مُكونات بيئته كافة (البشرية والمادية)، سعياً منهُ إلى تحقيق الذات وتقديرها، وهي ثلاثة مُستويات: مُستوى العلاقة مع الذات، ومُستوى العلاقة مع الآخرين، ومُستوى العلاقة مع البيئة والمُحيط (المُجتمع).

حيثُ تشيرُ الدراسات العالمية بأن نجاحك في حياتك بشكل عام وحياتك المِهْنيةِ على وجه الخصوص يرتكز بشكلٍ أساسي على مهاراتك الحياتية في جانبها الشخصي، وبالتالي الإجتماعي؛ فمهارات تنمية وتطوير الذات (كالوعي الذاتي، والتعلم الذاتي، والتكيف والمرونة النفسية، إتخاذ القرارات وحل المُشكلات، مهارات التفكير والتفكير الناقد)، هي مهارات هامة جداً في توكيدِ ذاتك، وبناء شخصيتك، وتعزيز الثقة بها، إضافة للمهارات المُتعلقة بالتعامل مع الآخرين (كالتواصل السلمي، والتعاطف، والتقمص، والاقناع، والتفاوض، والتشارك، وإدارة الصراع)، كذلك الأمر بالنسبة لمهارات التعامل مع المجتمع (كالمواطنة الصالحة، والتطوع، والمشاركة والمسؤولية الإجتماعية)، هي مهارات حياتية هامة جداً في حياة الفرد، وصقل شخصيته، وتقديمها مُجتمعياً.

علاقة المهارات الحياتية بمفهوم تسويق الذات؟

قد ينظرُ البعض إلى عملية تسويق الذات – Self Marketing بأنها شكل من أشكال التباهي أو التفاخر، ولكنها في الحقيقة أمر هام وضروري لتقديم الذات للآخرين بشكل مُنظمٍ ولبقٍ ولائقْ؛ من خلال عرض ما يتمتع به الشخص من معارف، ومهارات، وقُدرات، وأنا أنظر إليها شخصياً على أنها "ميزة" يتمتع بها الفرد، فتسويق الذات: هو بمثابة الوعي بها، والقدرة على عرضها وتقديمها بشكل أفضل يليقُ بها، وهُنا مقصد حديثي في البداية حول صناعة ذاتك كعلامة تعجبٍ فارقة وسْطَ علامات الاستفهام من حولك، بحيث لا تكون نكرة، فالكثير منا يملكُ العديد من القُدرات لكن ضعف شخصيتهُ وعدم القُدرة على تقديمها يحول دون إكتشاف الغير لهذه المواهب، والانطلاق في صناعة ذاته عبرها.

ما أهمية المهارات الحياتية في تسويق الذات مهنياً في سوق العمل؟

كما أسلفت سابقاً في حديثي تُعد المهارات الحياتية واكتسابها ركيزة أساسية في بناء شخصية الفرد وتنميتها، كما يعد تسويق الذات بشكل أمثل السبيل في إظهار تلك المهارات للآخرين، وابراز المواهب المختلفة، خاصة ما هي مُتعلقة بالكاريزما وتقديم الذات.

قد تتفاجأ عزيزي القارئ بأن سَبَبَ عدم قبولك في وظيفة ما، هو عدم امتلاكك لبعض المهارات الحياتية والتي قد تتقاطع مع طبيعة عملك واختصاصك في جانبه الفنِّيْ، إليك على سبيل المثال مهنة مندوب المبيعات، حيثُ يعتبر كل من مهارات التواصل الفعال، الإقناع، والتفاوض مهارات شخصية وحياتية هامة إلى جانب المهارات الفنية المتخصصة في علم التسويق كاستراتيجيات التسويق، وعناصر المزيج التسويقي وغيرها، وقس على ذلك العديد من المهن والاختصاصات.

ناهيك عن عدم قُدرة البعض على تقديم ذاتهُ بشكل جيد في مُقابلة عمل هُنا أو هُناك، فالمهارات الشخصية وتوكيد الذات والحُضور عوامل هامة جداً في ترك انطباع لدى المُتلقي أو المقابل، سواء على الصعيد الشخصي والاجتماعي أو على الصعيد المهني فيما يخصُ مُقابلات العمل وعملية الاستقطاب والتوظيف.

خُلاصة القول: إن من يفتقرُ للمهارات الحياتية (الشخصية)، والتي تتمحور حول تحقيق الذات وتطويرها، سيقبعُ مُنعزلاً عن مُحيطه مُتقوقعاً على نفسه، فالإنسان ذو الشخصية القوية هو الذي يواجه التحديات بتكّيف إيجابي دون كبتٍ أو ضياع، فشخصيتهُ وما تملكها من مهارات هي بمثابة البوصلة المُوجهةِ له في تحقيق مسارات النجاح في محطات حياته المختلفة، فالريادية، والمُبادرة، وأشكال النجاحات المُتنوعة ما هي إلا صفات يُحققها ويُحفز على وجودها في الفرد كَم المهارات الشخصية والتي يتمتع بها، ويُمكن القول بأن "الشخصية ذاتها وما تحملهُ من كاريزما وصفاتٍ هي بمثابة أكثر الأدوات قُدرة على الإقناع".

إقرأْ أيضاً ضمن السلسلة ذاتها على وكالة معاً:

مسارات مِهنيَّة: المهارات الرقمية ومُستقبل التشغيل.

مسارات مهنية: المهارات الفنية المُتخصصة ومُستوى الإجادة.