الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
ما حدث للجيش الأمريكي في أفغانستان أكثر بكثير مما حدث للجيش الإسرائيلي في سديروت وغلاف غزة. وشاهد العالم كله كيف جرّت الجيوش الامريكية وراء البحار ذيول هزيمتها وهربت من كابول تاركة معداتها واعوانها وهربت على وجه السرعة بانهيار لن تنساه الشعوب.
حين يفشل السياسيون تبدأ الحروب ، وتأكل الأخضر واليابس ويسقط الأبرياء بلا رحمة ليدفعوا ثمن فشل الساسة. ثم بعد يوم او أسبوع او اشهر يكتشفون ان الحل العسكري لا يمكن ان يكون معادلة دائمة في حياة البشر. وليس ثمة جمهور على وجه الأرض يمكن ان يعيش لأجيال واجيال في حرب متواصلة دون التوصل لحل سياسي يعيد الحياة الى طبيعتها .
قبل شهر ألقى بنيامين نتانياهو خطابا مقرفا امام الهيئة العمومية للأمم المتحدة جاء فيه: ان الفلسطينيين لا يشكلون سوى 2% من العالم العربي وانه لا يكترث بهم ويهمه ان يواصل التطبيع مع الأنظمة العربية وبالذات المملكة العربية السعودية!.
لم يمض شهر واحد حتى قام 2% بتمريغ رأسه في الطين، ونجحت هذه النسبة البسيطة من العالم العربي ان تهزم جيش إسرائيل وتأسر جنوده وضباطه وتجعله عبرة لمن اعتبر .
منذ 2008 والعالم يحذّر نتانياهو انه لا بد من وجود حل سياسي، وهو مغرور بمنطق القوة وبدعم أمريكا ولا يسمع النصيحة.
حاصر غزة حتى انفجرت في وجهه. واعتدى على المسجد الأقصى وهو يعرف ان يهود العالم كله سيكونون في خطر لمئات السنين جراء هذا الاعتداء السخيف. واصل قصف سوريا واجتاح الضفة وقصف دول عربية أخرى وفي كل مرة يواصل الهروب من أي حل سياسي .
ذات مرة في العام 2012 حمل الرئيس الأمريكي باراك أوباما قلما وطلب من نتانياهو ان يرسم له خارطة إسرائيل، ولكنه لم يفعل ورفض ان يرسم خارطة لإسرائيل !!.
ولغاية اليوم يرفض أي مسؤول إسرائيلي ان يرسم خارطة إسرائيل. وحتى الرئيس البريطاني وقادة إنجلترا وفرنسا وألمانيا لا يقدرون رسم خارطة لإسرائيل. لماذا ؟.
لأنه لا يوجد خارطة لإسرائيل ولأنها ليست دولة وانما هي قاعدة عسكرية لا حدود لها ولا دستور لها .
في الخارطة التي يرسمها الإسرائيليون تبدو غزة ضمن خارطة إسرائيل ! وكذلك الضفة الغربية ! فهل لهم اية حقوق او مواطنة!
بعد أيام ، او أسابيع ، او اشهر . سوف تتوقف الحرب
لن تنتصر إسرائيل ولن تنجح مدمرات أمريكا ودعم أوروبا في منح الإسرائيليين الشعور بالامن او الأمان .
ومن الان فصاعدا ، كلما لمح سكان تل ابيب سيارة دفع رباعي بيضاء اللون او موتورا يحمل شبانا ، سوف يعتقدون ان مقاتلين فلسطينيين جاءوا الى مدينتهم . وستبقى صور سديروت خالدة الى الابد في عقولهم كما خلدت صورة كابول في عقل بايدين .
بلينكين جاء على اول طائرة الى تل ابيب ، وسوف يلتقي نتانياهو وأبو مازن وربما يلتقي الأمير محمد بن سلمان والرئيس السيسي .
هل يستطيع بلينكين ان يرسم لنا خارطة إسرائيل ؟
او بصورة أخرى هل يستطيع نتانياهو ان يرسم لنا اين يعيش 2% من العرب ؟.