الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
حين وصل أنطونيو بلينكين الى تل ابيب قال بشكل غبي: قبل ان أكون وزير خارجية أمريكا انا يهودي أساسا . وهو يعتقد ان هذا يخيف ويؤثر بالعرب ولا يعرف ان هذا يزيد من صعوبة الموقف .
الإسرائيليون اليهود المفتونون بقوة سلاحهم الان يدعون للانتقام ويهتفون " الموت للعرب " ، وهم لا يعرفون معنى الانتقام . الانتقام عندهم ان يستخدموا سلاح الطيران فورا ويقصفوا مباني وابراج على رؤوس ساكنيها ، وان يقطعوا الماء والدواء والكهرباء عن ملايين البشر . هذا هو الانتقام من وجهة نظرهم .
ولكن الانتقام في مفهوم العربي انك تصبر على قاتل والدك 40 عاما ومن ثم تبدأ بالتفكير في الرد. لا يعرف المستر بلينكين ان وصول المدمرات فورد وايزنهاور ومشاركة الجيوش الامريكية في قصف غزة قد خلق دافع الانتقام ضد أمريكا وضد (بلينكين اليهودي) وان تفاصيل هذا الانتقام يمكن الحديث عنها بعد 40 عاما ، وحين ينتقم العربي من قاتل والده الذي ظلّ خائفا ومتوجسا لعشرات السنين. سيقول له اقرباؤه لقد تعجلت بالانتقام " .
لقد لعبت حكومة نتانياهو واليمين الإسرائيلي بمستقبل أولادهم واحفادهم على طاولة القمار الأمريكية . راهنوا بكل شيء لدرجة ان المثقف العربي لا يقتنع ان هناك عاقل في إسرائيل يدعو لوقف هذه الجرائم . اختفى اليسار واختفى دعاة حقوق الانسان واختفى الليبراليون !!.
لنفترض ان دول حلف الأطلسي شجّعت الاحتلال الإسرائيلي على قصف المدنيين وهدم المدن ، وغطّت على كل الجرائم . لنفترض ان الفلسطينيين انهزموا في هذه المعركة فهذا لا يعني ابدا ان إسرائيل قد انتصرت. بل يعني ان فواتير الانتقام من الأجيال القادمة ومن أولادهم واحفادهم قد ارتفعت كثيرا .
لا يبحث غالبية الإسرائيليين عن حل سياسي، بل اغلقوا جميع أبواب الحل السياسي منذ اعتلى نتانياهو الحكم في 2008. وذهبوا بعيدا في الاعتداء على المسجد الأقصى وتمكين المستوطنين من قتل العرب وقهرهم وإقامة حكومة ابارتهايد. وهذا سبب اندلاع الضفة الغربية وحرب طوفان الأقصى وكل المعارك الأخرى .
بعد أسابيع او أشهر سوف تنتهي الحرب. وتبدأ أمريكا وانجلترا وألمانيا وفرنسا وتل ابيب بالبحث عن ليبراليين عرب يتحدثون عن التعايش والتطبيع ونسيان ما جرى.
وكنت كتبت في الخامس من حزيران اننا تعلمنا من اليهود المستوطنين في فلسطين عبارة قوية (لو نشكاح لو نسلاح ومعناها لن ننسى ولن نسامح) وهي عبارة يرددونها كل عام ردا على المذابح التي ارتكبتها أوروبا ضدهم .
والحقيقة انهم نسوا وسامحوا .
لكن العربي البدوي لا ينسى ولا يسامح. هذه الفطرة التي جبل عليها منذ الاف السنين .
يقول المثل العبري ( الويل للمنتصر ) .