الأحد: 22/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

حرب اسرائيل على غزة تكشف الوجه الحقيقي للمجتمع الدولي

نشر بتاريخ: 05/11/2023 ( آخر تحديث: 05/11/2023 الساعة: 15:20 )

الكاتب: د.محمود الفروخ

بعد الصمت الدولي المريب على جرائم الابادة الجماعية والتطهير العرقي والمجازر الوحشية التي اقترفها جيش الاحتلال الاسرائيلي بحق أطفال ونساء وشيوخ قطاع غزة على مدار الاسابيع الاربعة الماضية ، فان الشعارات الرنانة التي كان يتغنى بها المجتمع الدولي لاسيما مؤسساته ومنظماته الانسانية والحقوقية المختلفة كمفوضية الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان ومجلس حقوق الانسان في جنيف ومنظمة الامم المتحدة للطفولة واليونيسيف وغيرها من المؤسسات والمجالس والمنظمات التي تعنى بحقوق الانسان أصبحت أكذوبة كبيرة وباتت في ظل صمتها المطبق على هذه الجرائم متواطئة وربما شريكة في هذه المجازر لأنها لم تقم بما يكفي لوقف هذا العدوان الاحتلالي الغاشم الذي كسر كل القواعد الانسانية وهشم صورة هذا المجتمع الدولي الزائف الذي لم يحرك ساكنا لوقف هذه الانتهاكات المتواصلة والمتصاعدة بحق المواطنين الابرياء في غزة منذ السابع من اكتوبر الماضي .

ان سياسة الكيل بمكيالين تجاه القضية الفلسطينية من قبل منظومة المجتمع الدولي ومجلس الامن الدولي يثبت مرة تلو الاخرى للجميع مدى انحياز هذا المجتمع وهذا المجلس لإسرائيل وسياساتها العنصرية ، وكذلك تبعيتهما لإرادة الادارة الاميركية الحليف الاكبر للاحتلال ، وبالتالي فانهما يتحركان وينفذان الاوامر التي تخدم مصالح أميركا بالدرجة الاولى وتحمي اسرائيل بالدرجة الثانية ، وهذا ما شاهدناه خلال الايام الماضية عندما أفشل مجلس الامن الدولي قرارات ومشاريع قوانين ترمي الى وقف اطلاق النار على قطاع غزة ووقف الحرب المشتعلة هناك ، وكيف أفشلت بعض الدول هذه القرارات عبر استخدامها حق النقض الفيتو وذلك لصالح اسرائيل دون الاكتراث للمذابح والمجازر والابادة الجماعية والتطهير العرقي التي يتعرض لها أطفال غزة على مراّى ومسمع العالم أجمع .

" يعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وثيقة تاريخية هامة في تاريخ حقوق الإنسان والذي صاغه ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم، والذي اعتمدته الجمعية العامة للامم المتحدة في باريس في 10 كانون الأول/ ديسمبر عام 1948 بموجب القرار 217 بوصفه أنه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم. وهو يحدد للمرة الأولى، حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالميا. وتنص المادة رقم 3 من الوثيقة أو الاعلان ان لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه ". ولكن للأسف تعتبر هذه القرارات أو النصوص الاممية حبرا على ورق اذا كان الامر يتعلق باسرائيل ، ولعل استقالة مدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في نيويورك، كريغ مخيبر، احتجاجا على ما وصفه تعاطي هيئات أممية مع الوضع في قطاع غزة ، وكتابته في رسالة موجهة بتاريخ 28 أكتوبر/ تشرين الأول إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك يقول فيها:"نشهد مرة أخرى، إبادة جماعية تتكشف أمام أعيننا، ويبدو أن المنظمة التي نخدمها عاجزة عن وقفها، ما يحدث بغزة حالة إبادة جماعية، وهيئات رئيسة بالأمم المتحدة استسلمت للولايات المتحدة الاميركية واللوبي الصهيوني الإسرائيلي"، دليل واضح على استنكاف هذه المؤسسات عن القيام بواجبها الملقى على عاتقها بحماية والحفاظ على القيم الانسانية وحقوق الانسان في كافة دول العالم دون استثناء، ويبين مدى سيطرة أميركا وربيبتها اسرائيل ومن ورائهم حلفائهم من الغرب على قرارات ونفوذ ومفاصل وهيئات هذه المؤسسات الدولية .

ان قتل وجرح وتهجير وحصار اسرائيل لالاف الفلسطينيين حتى الان في غزة غالبيتهم العظمى من الاطفال والنساء والشيوخ على مدار الايام الماضية يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان بكل المعايير الحقوقية والانسانية، ويفضح تغاضي المجتمع الدولي أمام هذه الجرائم بحق الانسانية ويعري هذا المجتمع من أخلاقه وقيمه وشعاراته الكاذبة والبراقة التي يتغنى بها منذ عقود والتي أفلست أمام ما يراق من دم ودموع لأطفال أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا في هذه البقعة المحاصرة من العالم .

ولعل حرمان هؤلاء المواطنين المحاصرين في سجن كبير من الحقوق الاساسية المتمثلة بمنع ادخال المياه والطعام والكهرباء والدواء ... الخ اليهم من خلال معابر القطاع وهي بالمناسبة متطلبات واحتياجات اساسية للعيش شكل ضربة قاسمة لصورة وسمعة المجتمع الدولي من جهة وأفقد ثقة الناس والشعوب العربية والاسلامية و العالمية في القانون الدولي الانساني من الجهة الاخرى ، ولو أن ما يحدث في قطاع غزة من قتل وبطش بالاطفال والنساء والشيوخ وقصف وتدمير للمساجد والكنائس والمدارس والمخابز والمستشفيات حدث في اوكرانيا لقامت الدنيا ولم تقعد أنذاك لأن الفعل والفاعل ليست اسرائيل والمفعول به ليسوا فلسطينيين.