السبت: 21/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

انهاء الاحتلال بديلا عن حل الدولتين

نشر بتاريخ: 09/11/2023 ( آخر تحديث: 09/11/2023 الساعة: 09:10 )

الكاتب: د. أحمد رفيق عوض

اورد كريغ مخيبر المدير السابق المستقيل لمكتب المفوضية السامية لحقوق الانسان في نيويورك في رسالة استقالته من منصبه ضمن امور اخرى انه يتقدم باستقالته بسبب ان المجتمع الدولي الذي رفض التحرر من نموذج (فاشل)لاكثر من 30 عاما حيث وعد بحل دولتين و مفاوضات افضت الى اتفاق اوسلو الذي اصبح بمثابة غطاء لما يحصل على ارض الواقع من ملاحقة و اضطهاد و عقاب جماعي للشعب الفلسطيني في غزة و تنمية لنظام فصل عنصري , و راى مخيبر ان اقتراح حل الدولتين لم ياخذ بعين الاعتبار حقوق الانسان للشعب الفلسطيني , و اشار مخيبر في رسالة الى ان المشروع الاستعماري للمستوطنات لاكثر من 75 عاما مدعوم من الكثير من الاوروبيين ,و ادى فيما ادى اليه الى النزوح القسري و التطهير للفلسطينيين , و في مقابلة مع قناة الجزيرة , ذكر مخيبر بصراحة ان كل الاطراف الدولية المؤثرة في الصراع يعرفون ان حل الدولتين غير ممكن .

و قد بدأت بكلام مخيبر لاقول ان الكلام عن حل الدولتين تحول الى شعار يختبىء خلفه كل الاطراف التي تتهرب من مسئولياتها او تلك التي تريد ان تقدم خطة خداع جديدة او تلك التي تعتقد ان هذا الكلام مقبول اعلاميا و دوليا .

حل الدولتين التي يتغنى الجميع به منذ اوائل التسعينيات بشكل رسمي ليس له رصيد على ارض الواقع , ذلك ان اسرائيل بدعم او صمت او تواطؤ او عجز اقليمي و دولي افرغت هذا الشعار من مضمونه تماما , فقد ملأت الضفة الغربية المحتلة بمئات المستوطنات من كل الانواع و لكل الاحداث و الاغراض , و جعلت من الاستيطان مشروعا ايدلوجيا و اقتصاديا و امنيا و ديموغرافيا يشكل احد ركائز النظام السياسي الاسرائيلي و اعمدته التي تضمن له البقاء و الاستمرار و عدم الانفجار الداخلي او احتقان المجتمع الاسرائيلي المتعدد الاعراق و الطبقات و الطوائف و الاحزاب .

و قد ظل هذا الشعار ,اقصد حل الدولتين , شعارا جذابا و له شعبيته و دبلوماسيته رغم ان الظروف و الوقائع تجاوزته تماما , ليس من خلال الانزياح الاسرائيلي نحو اليميني المتطرف فقط و رفضه اية تسوية تقوم على التخلي عن الارضي , و ليس بسبب الاستيطان المتنامي و الذي لم يتوقف ساعة واحدة كذلك كذلك , و لكن بسبب ما حصل في الجبهة الفلسطينية من انقسام و من اختلاف حزبي في كيفية الحل السياسي و مضمونه , و رغم ذلك ظل هذا الشعار مرفوعا فيما يقدم كل طرف مفهوم لهذا الشعار , فصفقة القرن تقترح حل الدولتين لتفكيك الارض الفلسطينية و ربطها ببوابات تسيطر عليها قوات الاحتلال , فيما يرى بعض الاسرائيليين ان الدولة الفلسطينية يمكن ان تكون في قطاع غزة , فيما يراها بعض الفلسطينيين و العرب بانها الاراضي التي احتلت عام 1967 بما فيها القدس الشرقية , و لكن كل هذا النقاش ينتهي امام هذه الحكومة الحالية في اسرائيل التي لا ترى في حل الدولتين سوى هدم و انهاء لاحلامها او اوهامها لا فرق , و لهذا فان حكومة نتنياهو الحالية ستجد في الحرب على قطاع غزة فرصة ذهبية جدا لتنفيذ مخططها في التسوية مع الشعب الفلسطيني , و ربما سيتم مزج خطة الحسم لدى سموترتش وخطة السيطرة الامنية الدائمة لدى الليكود و ذلك من خلال فصل القطاع عن الضفة بتشكيل جهة ما محلية او عربية او دولية تديره باجندة اسرائيلية او امريكية , من ثم حشر الفلسطينيين في الضفة الغربية ضمن كانتونات مزدحمة بدون بنية تحتية يتم السيطرة عليها من خلال البوابات و تنقيط المساعدات و مراقبة النشاطات .

اي ان هذه الحكومة في حالة بقيت في السلطة ام لم تبق , الا ان اسرائيل بعد هذه الحرب لن تكون متعجلة في تطبيق حل الدولتين على الاطلاق , بل ستكون مهووسة بضمان ما يسمى بالامن , و لن يكون هناك ضغوط دولية كبيرة على اسرائيل لاجبارها على حل الدولتين , اذ لم تجبرها على ذلك ايام الهدوء فما بالك بايام الحرب .

و عليه و اذا كان مفهوم حل الدولتين يفترض كل هذا التاجيل و الاعيب و الخداع و المماطلة و كثرة التفاسير و عديد التخريجات , فان من الواجب ربما طرح مفهوم اخر بالمقابل يقوم على انهاء الاحتلال باعتباره الحل الوحيد و الاكيد لاستقرار و سلام مفقودين حتى الان .

انهاء الاحتلال لا يقود بالضرورة الى دولة فلسطينية ,اذ ان هذه الدولة ستكون محل تفاوض و تسويات اقليمية مع دول الجوار , و لكن انهاء الاحتلال معناه التخلص من الاطماع الاسرائيلية و الاجراءات الاسرائيلية و قطع الطريق على كل متفذلك او متهرب او مخادع , و للكلام بقية .