الأحد: 17/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

لا تسمح لإسرائيل بالتحكم في درجة حرارة غرفة المفاوض ولا بنوع الطعام الذي يأكله

نشر بتاريخ: 09/12/2023 ( آخر تحديث: 09/12/2023 الساعة: 13:35 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام



من شدة ما فاوضنا بعشوائية مفرطة ودون اية ضوابط ولا رقابة برلمانية ماتت المفاوضات بعدما راحت كل هيبة لها . ومنذ وفاة الدكتور صائب عريقات لم نعد نسمع بدائرة المفاوضات ولا يصدر عنها أي بيان وكأنها دفنت من دون جنازة ومن دون وداع .
بعد تجربة المفاوضات بين حركة طالبان وبين أمريكا. شرعت قطر في ترسيم نمط جديد من المفاوضات غير مباشرة بين حركة حماس من جهة وبين إسرائيل وامريكا من جهة أخرى .
وقد لفت انتباهي تعامل الإسرائيليين بجدية متناهية مع الطريقة القطرية في المفاوضات بينما كانت تتعامل باستخفاف ودناءة مع المفاوضات المباشرة مع منظمة التحرير ، وهذه سابقة تستحق التأمل والمراجعة .
فقد اعلن الاحتلال انه سيواصل المفاوضات لإطلاق سراح الاسرى بالتوازي مع العودة للحرب ، ولكن حماس أعلنت وقف التفاوض طالما هناك حرب . فمن الذي صدق ومن الذي تراجع عن موقفه سوى البيت الأبيض والكابينيت الإسرائيلي :
أولا – ممنوع ان تكون المفاوضات على ارض يحكمها الاحتلال ويتحكم فيها امنيا وسياسيا ويتحكم في نسبة الكربوهيدرات والسكر في الطعام ويتحكم في الحراسة والامن ودرجة حرارة المكيف في قاعة التفاوض ..
ثانيا – ممنوع الدخول في التفاصيل الصغيرة لان الإسرائيلي يجهد لسحب أي مفاوض الى دهاليز تفاصيل سخيفة وصغيرة واذا سمح المفاوض العربي بذلك وبدلا من التفاوض حول القدس ستجد نفسك تفاوض لشهور طويلة مسألة المجاري التي تخرج من مراحيض المستوطنين!!
ثالثا – لا تقبل ان يكون الوسيط أمريكيا ولا من حلف الأطلسي لأنك تكون قد وقعت في المصيدة . فاستراتيجية أمريكا الأولى هي ( منع أي سلام بين اليهود والعرب ) وهي تواصل تغذية الصراع بكل ما يتطلب الامر . وممنوع منعا قاطعا ان يعتقد المفاوض العربي ان هناك فرق بين المفاوض الأمريكي وبين المفاوض الإسرائيلي .
رابعا – يجب ان تكون دولة عربية مرافقة وراعية لاي مفاوض فلسطيني ومحظور الخروج من العباءة العربية ابدا. لان فلسطين قضية عربية إسلامية وعلى تل ابيب ان تفهم ذلك ولا تنفرد بالمفاوض الفلسطيني كما ينفرد السجان بالسجين . وان أي مفاوضات قادمة يجب ان تكون في العالم العربي وليس داخل الأرض المحتلة ، و"بتصريح عسكري " يحدد حركة وسير المفاوض الفلسطيني .
خامسا – التعامل بالمثل هو المبدأ الوحيد الذي يمكن ان يحفظ لك الجبهة الداخلية وان لا تنقلب ضدك , فإسرائيل وفي اللحظة التي تبدأ التفاوض معك تكون قد بدأت في تأليب الجبهة الداخلية عندك ضدك وخلق معارضة مزيفة لإرباكك من خلال الجواسيس والذباب الالكتروني ومجموعات من السفهاء والمنحطين الذي يرافقون كل خطوات المفاوض ويسخرون منها .
سادسا : إسرائيل تتهرب من الجغرافيا وتريد ان تورط المفاوض الاخر بالديموغرافيا وهذا يقتل أي نجاح للمفاوضات .لا تبحث معها موضوع الديموغرافيا وليس مطلوب من أي مفاوض عربي ان يجد حلول لمشاكل إسرائيل الديموغرافية ، وليبحثوا هم عن حلول لمشاكلهم فهذا ليس دورك التاريخي ولا السياسي . ولتكن قاعدة دائمة عند أي مفاوض فلسطيني انه ليس مكلفا بحل مشاكل الإسرائيليين وجلب الراحة لهم . فهذه مشاكلهم وليبحثوا لأنفسهم عن حلول .
سابعا – لا تبحث مع أي مفاوض اسرائيلي مسألة المال خلال المفاوضات – لا تأخذ منه ابدا ابدا ولا تعطيه . لا تقبل منه هدية ولا تعطيه هدية . ويجب ان يحاكم علنا ويسجن من يقبل أية تسهيلات شخصية او هدايا من العدو، بحجة انه حاول مساعدة الفقراء الفلسطينيين فهذه مهمة وزارة التنمية الاجتماعية وليست من مهمات المفاوض . .
ثامنا – لا يوجد أي سر بينك وبين المفاوض الإسرائيلي ، فهو يفضح أي شي وكل شيء من اجل توريطك واضعاف موقفك .وهو سيحاول دائما ان يبلغك ان هذه جلسة سرية خطيرة ، والحقيقة انها ليست سرية ولا خطيرة ولا يوجد اسرار بينك وبين المفاوض الإسرائيلي ابدا. .
تاسعا – في اللحظة الأولى التي تعلن دولتك انك انت المفاوض تكون مخابرات الموساد والمخابرات الكندية والفرنسية والأوروبية قد بدأت بالبحث عن نقاط ضعفك ومراقبة عائلتك وبناتك واولادك , لذلك اذهب لتفاوض والبحر من وراءك وتعامل انك في مهمة وطنية وتضحية لأجل وطنك ولا تبحث عن حلول وسط لحماية نفسك وتجميل صورتك وصورة عائلتك .
عاشرا – لا تستخدم الهاتف الذكي ولا كمبيوترات ولا اية وسيلة من اجل التشاور ونقل المعلومات . ولا تخجل ان تقول للمفاوض الإسرائيلي انك انت مجرد مفاوض وانك لست صاحب قرار . ومهما حاول مدح قوتك فانت لست صاحب قرار ولا تريد ان تقول له من هو صاحب القرار ،ولا تعطيه اية معلومة مجانية ولو كانت تتعلق بدرجة الحرارة في عاصمة بلدك ولو كانت المعلومة منتشرة في الصحف دعه يجهد من اجل الحصول عليها .فهو لن يعطيك اية معلومة حتى لو كانت تتعلق باسمه الحقيقي دون ثمن.

الثبات على الموقف والتعامل بالمثل هو سر نجاح أي مفاوضات . فانت مفاوض ولست مكلف بالتنازل عن أي شيء . يمكنك التنازل عن سيارتك وعن بيتك وعن مالك الخاص لصديقك ولكنك لست مكلفا بالتنازل عن ذرة تراب من وطنك.