الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

السابع من اكتوبر يجب ما قبله

نشر بتاريخ: 05/01/2024 ( آخر تحديث: 05/01/2024 الساعة: 17:00 )

الكاتب:

السفير حكمت عجوري

يقول البعض انه لولا طوفان الاقصى لما حصل كل هذا الدمار البشري والحجري في غزة على يد جيش الاحتلال العنصري وهذا صحيح وفي نفس الوقت يقول البعض الاخر انه لولا طوفان الاقصى لما انتفض العالم من شرقه الى غربه ليعيد القضية الفلسطينية الى صدارة الاحداث في العالم بعد ان نجح اعدائها من الفاشيين الصهاينة في طمسها لدرجة انها خرجت او أُخرجت من ملف القضايا الدولية المشتعلة الى قضية محلية محصورة في تحسين المستوى المعيشي للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وذلك بعد ان تجمدت القضية منذ حصول فلسطين على دولة عضو مراقب في الامم المتحدة سنة 2012 وكأن هذا الانجاز هو اقصى ما يمكن لمسيرة الطلقة الاولى وبعد 59 سنة ان تحققه.

في اعتقادي ان هذا التجميد على المسرح الدولي والذي لا اجد له وصفا اخر اسس لما يسمى بصفقة العصر التي وعلى الرغم من التحدي الفلسطيني لهذه الصفقة وتمكنه من تجميدها في العلن الا ان تطبيقها في الخفاء وعلى نار هادئة لم يتوقف لحظة لان من خطط لهذه الصفقة وصاغها ليس ترمب وانما هو من يحكم دولة الاحتلال ، النتنياهو، والسبب في كل ذلك استمرار الوضع القائم على ما هو عليه بل وربما ازداد سوءا بعد ان اعيد احتلال كل المدن الفلسطينية التي صارت تستباح جهارا نهارا من قبل قوات الاحتلال تقتل وتعتقل دون اي محاسبة من اي كان لا من السلطة ولا من شهاد الزور الذين وقعوا على اتفاق اوسلو بمعنى ان الاحتلال تراجع عن منح الفلسطينيين حكم ذاتي اقل من دولة الى ادارة اقل من حكم ذاتي.

الاسوأ من ذلك هو الحروب التي كانت تشنها دولة الاحتلال على غزة منذ الانقسام سنة 2007 والتي كانت بمعظمها غير مبررة وانما كانت مرتبطة بوضع اسرائيلي داخلي وتحديدا بالانتخابات الاسرائيلية وكأن برامج الانتخابات الصهيونية ومن اجل ان تفوز لا بد وان تكون مكتوبة بالدم الفلسطيني وهو الامر الذي احدث تحولا جذريا في مجتمع الاحتلال نحو اليمين والفاشية والذي تتوج مؤخر بنجاح بن غفير وسموتريتش المدانين اصلا بالارهاب ليصبحوا اصحاب القرار في دولة الاحتلال وبتحدي صارخ لاخلاق اي حكم ديمقراطي وتحديدا لكافة الدول المتحالفة مع دولة الاحتلال التي اكتفت بعدم التعامل مع هذين الفاشيين مع ان الواجب الاخلاقي والحضاري والقيمي كان يستدعي قطغ العلاقات ما بين هذه الدول مع الحكومة الحالية في دولة الاحتلال لان استمرار العلاقة بين زعماء الغرب وبين حكومة يقودها ارهابيين يعتبر خيانة هؤلاء الزعماء للثقة التي وضعها فيهم ناخبيهم في دول الغرب .

ما سبق هو الذي حدى بالامين العام لمنظمة الامم المتحدة للتمرد على جدار الصمت المفروض عليه كما كان الوضع مع من سبقوه وذلك عندما يتعلق الامر بدولة الفصل العنصري وذلك بان اصدر الامين العام وبكل جرأة حكمه الانساني والاخلاقي على السابع من اكتوبر بانه لم يحصل من فراغ وانما هو ردة فعل لاحتلال صهيوني خانق استمر لمدة 56 سنة. وفي هذا السياق وبناء على ما قاله الامين العالم اصبح من غير المعقول او المقبول لاي فلسطيني مسؤولا كان ام شخص عادي ان يتخذ موقفا مخالفا على الاقل او خارج سياق ما قاله الامين العام السيد غوتيريش.

ان اي موقف فلسطيني من قبل اي مسؤول او غير مسؤول يدين ما قامت به المقاومة الفلسطينية في السابع من اكتوبر يعتثبر صك غفران لما ارتكبه الاحتلال من جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني على مدار 75 سنة وتحديدا ما يجري الان في غزة في هذه الحرب المستمرة الى ما يزيد عن الثلاثة شهور والتي اجمع القاصي والداني على انها حرب تطهير عرقي وحرب ابادة مع سبق الاصرار من قبل حكومة صهيونية يقودها ثلاث ارهابيين النتن وبنغفير وسموتريتش وللتاكيد على ما اقول هو ان حكومة الارهاب في تل ابيب وظفت الة دعايتها الاعلامية الكاذبة لشيطنة وتشويه ما حصل في السابع من اكتوبر ودفعت ملايين الدولارات لوسائل التواصل وباقي ماكنات الاعلام الرسمي في الدول المساندة لللاحتلال من اجل ترويج هذا الكذب ومن ثم ادانته بزعم انه من فعل ابطال المقاومة الفلسطينية لان هذه الادانة هي كل ما تريده حكومة الارهاب الصهيوني كغطاء ومبرر لما ترتكبه دولة الاحتلال من تطهير عرقي وابادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني بذريعة الدفاع عن النفس وذلك ضد كل قوانين الطبيعة كونها دولة احتلال.

في هذا السياق وعلى عكس ما يراه البعض فاني اعتقد ان موقف الرئيس الفلسطيني واصراره على عدم ادانة السابع من اكتوبر بالرغم من كل الضغوط التي وصلت الى حد تجويع الشعب الفلسطيني بقرصنة اموال المقاصة وهي اكثر من مليار دولار اضافة الى وقف حال العمالة الفلسطينية مع قناعتي بان مقاطعة سوق العمل الاسرائيلي هو عمل وطني بامتياز لان كل عامل فلسطيني يغطي مكان جندي اسرائيلي وهذا موضوع اخر خارج عن موضوع المقال ولكن وعلى الرغم من كل هذه الضغوط التي لا تخلو من مصير مشابه لسلفه الشهيد عرفات الا ان الرئيس الفلسطيني آثر ان يشن حرب سياسية واعلامية على المسرح الدولي ضد ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب ابادة تخوضها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة.

هذ التحرك للرئيس في اعتقادي هو اقصى ما يمكن له ان يقوم به كونه يعتبر المحطة الاخيرة قبل هدم المعبد وذلك نظرا للقيود التي تكبل قراراته وتحركاته بسبب استحالة الغاؤه لما التزم به فلسطينيا في اتفاق اوسلو وذلك من اجل الحفاظ على ما تم انجازه من اساسات وبنية تحتية لبناء اول دولة فلسطينية (المعبد) على الاقل في القاموس الدولي على الرغم من ان الرئيس يعلم علم اليقين بان اتفاق اوسلو كان قد تم اغتياله من الجانب الاسرائيلي وتحديدا من قبل النتن ياهو وذلك في اللحظة تم فيها اغتيال رابين بسبب التزامه بهذا الاتفاق في نوفمبر 1995 ليلي ذلك اغتيال عرفات بالسم في نوفمبر 2004 بسبب قرائته الفاتحة على هذا الاتفاق بعد فشل كامب ديفيد 2.

ما سبق يشجعني على القول بان الرئيس بصفته رئيسا لمنظمة التحرير فهو بذلك يفتح الباب على مصراعيه لفصائل المقاومة الفلسطينية وتحديدا حماس والجهاد للانضمام للمنظمة من اجل شرعنة وتحصين الفعل الفسطيني المقاوم دوليا من خلال المنظمة لما تحظى به من اعتراف دولي كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وهو الاعتراف الذي تم انتزاعه بالتضحيات والدم الفلسطيني والذي تتوج سنة 2012 باعتراف بدولة فلسطين عضوا مراقب كما دولة الفاتيكان في المنظمة الاممية وهو ما يعنى ان انضمام الفصيلين الى المنظمة يعتبر بداية انطلاقة جديدة ستعزز وبدون شك من امكانية حصول فلسطين على العضوية الكاملة.

السابع من اكتوبر جب ما قبله شاء الحكام الفاشيون في دولة الاحتلال ام ابوا لان ما حققته المقاومة الفلسطينية بعد هذا التاريخ على الصعيد الدولي ليس فقط انتصار للارادة الفلسطينية ولكته هزيمة نكراء للحركة الصهيونية التي كشفتها المقاومة امام العالم على حقيقتها العنصرية بعد ان اتضح للعالم كله على ان ما يفعله الاحتلال على مدار ثلاثة اشهر ضد الشعب الفسطيني هو ليس دفاعا عن النفس وانما هو دفاعا عن طبيعة هذه الحركة في ممارسة الفصل العنصري والتطهير العرقي لخلق قاعدة صهيونية على ارض فلسطين التاريخية خالية من غير اليهود لتكون قاعدة انطلاق لتحقيق اطماعهاالصهيونية في السيطرة على المنطقة كلها.