الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

رسالة الى من لديهم حس انساني في دولة الاحتلال الاسرائيلي

نشر بتاريخ: 11/01/2024 ( آخر تحديث: 11/01/2024 الساعة: 18:49 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

في احد الحوارات التي ما زالت عالقة في ذاكرتي بيني وبين انصار السلام من الاسرائيليين في مكتبي في القدس وكان ذلك في ايام الزمن الجميل قبل ايام من اغتيال رابين وكان قد فاجاني احدهم بالقول ان الفرق بين العرب واليهود هو ان 95% من اليهود وصفهم بانهم اغبياء ولكن سبب ما ينعمون به من قوة ووانتعاش اقتصادي وفوق ذلك سيطرة على الغرب هو انهم اسلموا امرهم لخمسة في المائة منهم وصفهم بالاذكياء وفي قناعته ان هذا الحال هو العكس تماما عند العرب كتفسير لحال العرب المزري بين الامم ولم اجادله في ذلك ولم ابدي وجهة نظر في الذي قاله وتحديدا فيما يتعلق باليهود لسبب بسيط وهو انني في حينه كنت قد دخلت القصر امبارح العصر كما يقول المثل وهنا اقصد بالقصر هو حلم التعايش السلمي بين الفلسطينيين والاسرائيايين تحت سقفين متلاصقين كحل ممكن لانهاء الصراع الى ان تم اغلاق هذا القصر لاجد نفسي صحوت من الحلم بعد ان تبدد الامل في لحظة اغتيال رابين لاكتشف بعد ذلك ان الاذكياء بالمعنى الايجابي للذكاء في اقتناص الفرص الذهبية لصالح اليهود في دولة الاحتلال هم مجرد اشخاص قد لا يتجاوزون اصابع اليدين وعلى راسهم من اغتاله اصحاب الذكاء المزعوم.

سبب الخوض في هكذا موضوع هو الحنين او النوستالجيا لسنة 1995 التي قضيتها في القدس اتحاور وابني قصور في الهواء سلام يتعايش في كنفه كل سكان الارض المقدسة يهود ومسيحيين ومسلمين وكنا في حينه ضمن مجموعة اسرائيلية فلسطينية متماسكين كابناء عائلة واحدة اسست هذه المجموعة مشروع حواري شعبي داعم لسلام الشجعان ومدعوم من قبل قادة الطرفين و اطلقنا عليه برنامج شعب لشعب من هذه المجموعة غادرنا الى جوار ربه رون بونداك و فتحي عرفات غفر الله لهم ولا ادري ان بقي يائير هيرشفيلد حيا ام لا.

طبعا سبب هذا الحنين هو انني اصبحت على قناعة بان السلام على ارض السلام اوشك ان يندمل تحت غبار الحقد والكراهية والعنصرية الصهيونية التي يمارسها اليمين المتطرف الحاكم في اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بدليل اختفاء حزب السلام الرابيني الاسرائيلي (حزب العمل) عن الخارطة السياسية بحيث لم يعد يتجاوز نسبة الحسم في الانتخابات التي اصبحت برامجها تكتب بالدم الفلسطيني بعد ان اصبحت تتزامن مع الحروب التي شنتها حكومات الاحتلال ضد غزة وقبلها اعادة احتلال المدن الفلسطينية في عملية الدرع الواقي التي شنها شارون والتي وللاسف كانت ردا على المبادرة العربية للسلام التي تبناها مؤتمر القمة العربية في بيروت سنة 2002.

شارون بهذه العملية دمر السلام الى جانب تدمير البنية التحية للدولة الفلسطينية ليؤسس بذلك لتداول الحكم بين اليمين المتطرف واليمين الفاشي وتعزيزه بخلق جمهور اسرائيلي داعم لهذا اليمين ومعادي للسلام والذي تتوج مؤخرا بتشكيل جكم فاشي بامتياز بعد وصول حزبي بن غفير وسموتريتش لدفة الحكم ليكتمل مثلث نتنياهو الذي بدأ حياته السياسية بكتاب "مكان تحت الشمس" سنة 1993 الذي كان رابين اولى ضحاياه والسلام ثانيهما.

ما يجري في غزة من حرب ابادة للشعب الفلسطيني في اعتقادي هو اخر حلقة من حلقات التزوير والكذب التي ابدع فيها اليمين المتطرف في اسرائيل برئاسة نتنياهو طوال فترة حكمه الاطول في تاريخ اسرائيل وذلك ليس خدمة لاسرائيل ولكن من اجل نفسه لدرجة انني على يقين بانه ومن حيث انه مريض نفسي فهو يضع نفسه ومصالحه الشخصية فوق اي مصلحة اخرى بما في ذلك مصلحة اسرائيل.

نجح نتنياهو في هذه الحرب التي ما زالت مشتعلة في غزة ليس فقط بخداع كل حلفاء اسرائيل وعلى راسهم امريكا ولكنه ايضا نجح بخداع شعبه بسبب ما زعمه من كذب في الذي جرى في السابع من اكتوبر وذلك من اجل كسب تعاطف الاسرائيليين وكسبهم لطرفه ضد موضوع تجريمه باربع قضايا من قبل المحكمة الاسرائيلية وذلك من خلال معاقبة حماس كعدو لاسرائيل بشنه حرب ستندم عليها كل الاجيال القادمة في اسرائيل كونها حرب ابادة لشعب اعزل و هي حرب ضد الانسانية وذلك بعد ان فشل في انقاذ نفسه قبل الحرب من خلال محاولته تدمير النظام القضائي وتحويله الى اداة طيعة في يده والذي من اجله تحالف مع من كانوا متهمين بالارهاب والفاشية من قبل نفس القضاء الاسرائيلي وهذا يعيدني الى ما ذكرته انفا بان الديمقراطية الوحيدة المزعومة في المنطقة اصبح يتزعمها فاشيين يقودهم مريض نفسي متطرف وهو نتنياهو وهذا ما اصبح يعرفه العالم كله الذي صارت شعوبه تخرج الى الشوارع بمئات الالاف في معظم عواصم ومدن الغرب منددا بالجرائم التي يرتكبها نتنياهو وزمرته باسم كل اليهود الساميين منهم والخزريين.

سبب حديثي بهذه الصراحة هو هذا الارث الانساني الذي ورثته عن خبرة اخر خمس سنوات في تسعينات القرن الماضي مع رون ويائير وغاري وافيفيت وغيرهم والذين وجدت فيهم كل مواصفات الصداقة الحقة تشاركنا الافراح والاتراح وكم كنا نستمتع جميعا باكل الحمص والفلافل على الغداء في مكتبي في بيت حنينا الذي انتقلنا اليه من مكتب واد الجوز من اجل تخفيف المصاريف.

طبعا ليس هناك اي داعي لتذكير اي عاقل في اسرائيل بان دموية السابع من اكتوبر في اغلبها من صناعة الحكومة الفاشية الحالية في اسرائيل وذلك بحسب شهادات شهود العيان من الاسرائيليين في ذلك الاحتفال وشهادات اسرائيليين يعيشون في غلاف غزة وذلك بعد ان اتضح وبدون لبس ان الهدف الحقيقي من وراء تلك العملية الاستثنائية التي قام بها مقاومون فلسطينيون هي خطف اكبر عدد من الاسرائيليين كوسيلة وحيدة لتحرير الاسرى الفلسطينيين الذين هم ايضا تم اختطاف معظمهم من بيوتهم وهم نيام على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي وذلك في استبدالهم باسرى اسرائيليين وهنا لا بد وان اذكر بما قالته النساء الاسرائيليات اللواتي تم تحريرهن من الخطف بخصوص حسن معاملة الخاطفين من المقاومة الفلسطيينية لهن وهو ما يضيف شهادة ايجابية لضحد كل مزاعم نتنياهو وزمرته .

رابين كسر عظام الفلسطينين في الانتفاضة الاولى و شارك في حرب النكبة واقر بانه طرد الفلسطينيين في حينه من بيوتهم بالقوة انتهت بالاستيلاء على نصف المساحة المخصصة لاقامة الدولة الفلسطينية بحسب قرار التقسيم سنة 1947 الذي يعتبر شهادة ميلاد اسرائيل صادرة عن الشرعية الدولية باقامة وطن قومي لهم على ما نسبته 56% من ارض فلسطين التاريخية ولتنتهي الحرب بمساحة اسرائيل على 78% من هذه الارض.

رابين دفع حياته ثمن لفرصة اغتنمها باعتراف الفلسطيينيين بحق اسرائيل على 78% من ارض فلسطين التاريخية لانه يعرف بان ارض الميعاد هي مجرد غطاء تلحفت به الحركة الصهيونية لاقامة كيان سياسي لها خصوصا وان مؤسسي هذه الحركة هم انفسهم لا يؤمنون بالله وهم ليسوا ساميين كونهم ليسوا من يهود سيدنا موسى ولكنهم من يهود الخزر وهي خدعة اخرى تضاف كذبة الارض بلا شعب لشعب بلا ارض هذه الخدع والاكاذيب تم تلفيقها من اجل تيرير ما لا يمكن تبريره وهو الاستيلاء على الارض التي يسكنها الفلسطينيين منذ ما قيبل التاريخ بدليل ما صرح به الوفد الصهيوني المنبثق عن المؤتمر الصهيوني في بازل سنة 1897 لاستكشاف فلسطين والذي عاد برسالة مفادها ان العروس جميلة ولكنها مخطوبة.

ختاما اقول انه حان الوقت للاسرائيليين ان يتعلموا من دروس الماضي وان يغتنموا ما تبقى من فرص من اجل التعايش بسلام مع اصحاب الارض الفلسطينيون وليس وهم التعايش مع بعض الحكام العرب اخذين بعين الاعتبار ايضا بان ممارسات الحكام الفاشيين في اسرائيل تثبت بانهم اعداء للاسرائيليين قبل ان يكونوا اعداء للفلسطينيين او العرب بدليل ان اسرائيل وبسبب ممارسات هؤلاء اصبحت دولة منبوذة من كل شعوب العالم.