الكاتب: رامي مهداوي
متى ستنتهي الحرب على غزة؟ هذا هو السؤال اليومي الذي أواجهه بطرق وأساليب مختلفة ما جعلني أفكك السؤال بإجابات متنوعة، لأخرج بنتيجة واحده فقط لا غير ـــ أتمنى أن أكون مخطئا ـــ وهي أن الحروب ستشتعل بعد هذه الحرب.
تعريفي هنا لكلمة الحرب ليس فقط المعارك بين الجيوش أو التنظيمات والفصائل المسلحة واستخدام أسلحة ثقيلة وأدوات عسكرية مختلفة؛ وإنما المواجهات والقضايا والمشاكل التي أنتجتها الحرب وغيرها من تراكمات عدم التعامل معها بطرق صحيحة يؤدي إلى اشتعال المكونات والأنسجة المكونة للمجتمع الفلسطيني وانهياره وسقوطه بمستنقعات هو بالغنى عنها؛ مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحرب تدمر المجتمعات والاقتصادات، وتسبب أضراراً نفسية دائمة للعديد من المواطنين.
عادةً، تكون أولى خطوات ناجي الحرب عند الانتهاء منها هي حرب البحث عن أحبائهم. سيجدون بعضهم، ويعلمون عن فقدان البعض الآخر، وسيستمرون في البحث عن الذين سيصبحون فيما بعد مفقودين لفترة طويلة.
في نهاية الحرب، يبدأ المواطنون بوضع خطط واستراتيجيات لحرب البقاء على قيد الحياة ماليا، ومعالجة الاحتياجات الصحية والنفسية، وتأمين السلامة. عليهم أن يجدوا حلا لتأمين لقمة عيش عائلاتهم، والعثور على أماكن للعيش إذا تم تدمير منازلهم. ستكون تلبية الاحتياجات المالية والصحية والأمان تحديات مستمرة لأن الحرب دمرت البنية الاقتصادية والصحية والسياسية، ليس فقط لقطاع غزة وإنما الضفة الغربية.
ستبدأ حروب أيضا بأشكال كبيرة في البحث عن رأس المال الاجتماعي، بما في ذلك الموارد الاجتماعية الرئيسة مثل العائلات والمجتمعات، والتعامل مع الصدمات المتمثلة بالأيتام والأشخاص ذوي الإعاقة والألم والضيق النفسي والفظائع والخسائر التي تعرضوا لها.
ستشتعل أيضاً حروب على شكل إعادة بناء البنية التحتية، علاج المصابين والجرحى، المساعدات الإنسانية وتوزيعها، توثيق الجرائم، حرب الألم والصدمة وانتقالها إلى الجيل التالي والجيل الذي يليه، تعزيز الاستثمار في المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي تعزز التنمية المستدامة، تقديم فرص العمل للشباب ودعم ريادة الأعمال، التعاون الدولي.
وبالتأكيد كل ذلك يعتمد على أخطر حرب وتفاعلاتها وإفرازاتها التي بدأت تطفو على السطح منذ الآن، وهي حرب من يحكم ماذا؟ أين؟ كيف؟ متى؟ حرب المؤسسات؟ حرب الإدارة والأنظمة؟ حرب الرئاسة.. التشريعي.. منظمة التحرير..، وأيضا شكل الحكومة القادمة وصلاحياتها؟ وحتى داخل الفصائل والأحزاب ستشتعل الحروب الداخلية، حرب المجتمع المدني، حروب أقطاب القطاع الخاص، باختصار حروب كافة مكونات النظام السياسي ربما بولادة أجسام وهياكل جديدة واختفاء ربما بعض أو كل ما هو قائم؟!
في الوقت نفسه، على المستوى الدولي، ستكون هناك حروب لتأسيس والحفاظ على الأمن والسلام وغالبا ما تشمل ذلك تسويات تفاوضية لا أحد يعلم نتائجها حتى هذه اللحظة. يمكن أن تستغرق العدالة والحرية وتقرير المصير عقودا، ما تصبح مصدرا إضافيا للضيق وحتى الصدمة للناجين.
وعلينا ألا ننسى في النهاية أن الحرب ستبقى مستمرة رغم كل ذلك في الضفة الغربية مع الاحتلال والمستوطنين وربما يتم خلق سيناريوهات جديدة تؤدي إلى استمرار كافة الحروب التي ذكرتها في هذا المقال ما سيؤدي إلى الغوص في مستنقعات لا أتمنى التفكير بها لأن الكُل الفلسطيني سيكون ضحيتها!!.