الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

رسالة ثالثة الى من لديهم حس انساني في دولة الاحتلال الاسرائيلي

نشر بتاريخ: 23/01/2024 ( آخر تحديث: 23/01/2024 الساعة: 16:54 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

"ثلاثون الف قنبلة غبية فوق غزة دمرت غزة واهلها ومعهم تدمر القانون الدولي ".

النظام الصهيوني الذي يحكم دولة الاحتلال لم يعد يخفي على احد حليب الكره للعرب الذي يرضعه لاطفال اليهود منذ نشاتهم بحيث يولدوا يهودا و لكنهم يتربوا ويشبوا صهاينة بكل ما تعنيه الصهيونية من عنصرية والسبب في التركيز على العرب وليس على الفلسطينيين يعود لسببين الاول الغاء وجود كلمة فلسطين من القاموس الصهيوني ونفي الصلة ما بين الارض المقدسة واصحابها الاصليين الفسطينيون من عقول اجيال ما بعد النكبة من اليهود والسبب الثاني هو كره كل شيء اسمه عربي والهدف من كل ذلك هو تحريض الاجيال المذكورة على ديمومة العداء للفلسطينيين وطردهم حسث امكن من ارضهم اما بالسيف واما بالترانسفير وهذا هو الهدف الاستراتيجي للحركة التي تعمل على تحقيقه منذ قيامها بحسب قرار التقسيم.

ما ذكرته يعيدني بالذاكرة الى حديث ودي جرى بيني وبين رون بونداك الذي كانت تربطني به علاقة صداقة قوية حيث اخبرني بان ايهود باراك عندما كان رئيس للوزراء كان يطلب منه ومن بقية الطاقم المفاوض بان لا يحاولوا كتابة دولة فلسطينية حتى في لحظات فراغهم ولو بخربشاتهم على الورق حتى لا يخظئوا ويذكروا مصطلح دولة امام الوفد الفلسطيني الذي يتفاوضون معه، وهذا من المفروض ان يفسر سبب فشل مفاوضات كامب ديفيد 2 التي حمل كلينتون مسؤولية فشلها في حينه للراحل عرفات ولكنه تراجع عن ذلك بعد 11 سنة من مغادرته للبيت الابيض.

الحيلة والخديعة والكذب تم توظيفها بذكاء لاقامة اسرائيل بما في ذلك توظيف المحرقة /الهولوكوست بشكل دعائي وابتزاز سياسي اكثر منه انساني من اجل الافلات من الجرائم التي ترتكبها اسرائيل ضد الفسطينيين وتطهيرهم عرقيا من اجل السيطرة على كل فلسطين التاريخية تحت ذرائع دينية احيانا وذرائع امنية احيانا اخرى كقاعدة انطلاق نحو اقامة اسرائيل الكبرى.

شالوميت الوني من حزب ميرتس و وزيرة سابقة للتعليم قالت في في حديث مصور في ردها على موضوع العداء للسامية بالقول انها حيلة اخترعناها ونستخدمها دائما : " عندما ينتقد الاوروبيون ممارسات اسرائيل نواجههم بالمحرقة ومعاناة اليهود اما عندما ينتقدها الاخرون في امريكا وغيرها نواجههم بالعداء للسامية وذلك من اجل تبرير ما نفعله بالفلسطينيين".

المنطق الانساني يقول بان العداء للسامية في الغرب من المفروض ان يكون انتهى في سنة 1965 بعد تبرأة الكنيسة الكاثوليكية للشعب اليهودي من المسؤولية عن قتل السيد المسيح هذه التبرأة كانت فتوى كنسية للغرب المسيحي لوقف الهجمة العدوانية ضد اليهود وهو ما يستدعي ان تُقابَل هذه الفتوى من قبل اليهود بما يليق باتباع ديانة سماوية وليس بما تمارسه اسرائيل من سياسة الفصل العنصري والاضطهاد يحق الفسطينيين سكان الارض المقدسة.

الابتزاز الصهيوني لعقدة الذنب لدى الاوروبيين تجاه ما حصل لليهود في اوروبا على يد المانيا النازية بسبب عدم قدرة الاوروبيين على حماية اليهود من المحرقة تجلى في سن قوانين تجرم العداء للسامية في كل اوروبا وهو الامر الذي وظفته الحركة الصهيونية من اجل الافلات من العقاب بسبب جرائمها بحق الفلسطينيين منذ النكبة الاولى والى يومنا هذا وذلك بعد ان تمكنت الحركة الصهيونية من الدمج وبذكاء شديد ما بين اليهودية كدين واسرائيل ككيان سياسي عنصري بمعنى ان تجريم العداء لليهود كاتباع دين سماوي اصبح يتساوى مع تجريم العداء للممارسات الاسرائيلية غير الانسانية وذلك على المستوى الشعبي بينما تم ربط كل ذلك برعاية مصالح الغرب الاستعماري الامر الذي مكن اسرائيل في المقابل من الحصول على دعم عسكري وسياسي غير مشروط من قبل الغرب الرسمي.

الا ان ما حصل منذ السابع من اكتوبر في فلسطين وتحديدا في غزة من قتل وتدمير بربري وغير انساني كان وقعه صاعقا على كل شعوب الغرب وتحديدا جيل الالفية الثالثة منهم الذي نما وترعرع على القيم الانسانية واساسها حقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها وبدأ هذا الجيل يرى بوضوح ويعي الفارق الكبير ما بين اليهودية كاول دين توحيدي نزل على البشرية وما بين الصهيونية كحركة عنصرية هي اساسا لا تعترف بمن انزل هذا الدين وانما تعترف به كحاضنة وكغطاء لحماية طبيعتها في الطمع والهيمنة والتفوق على الاخر وكره كل من هو غير يهودي.

الى ما سبق نضيف بعض من تصريحات رجال دين يهود على وسائل التواصل الاجتماعي حول اسباب كره هتلر لليهود والتي ادت الى ارتكابه للهولوكوست بحقهم وكلها تؤكد على ان عداء هتلر لليهود لم يكن بسبب ديني على الاطلاق وانما بسبب ممارسات البعض اليهودي والتي كان يرى فيها هتلر خطرا على المجتمع الالماني ومنها التلاعب بسوق المال والجشع والاتجار بالجنس . بينما آخرون من رجال الدين اليهود عزوا الكره لاسباب سياسية والدور اليهودي في تفجير الثورة الشيوعية في روسيا التي تسببت بقتل ملايين النخبويين الروس اضافة الى تاسيس اليهود للحزب الشيوعي الالماني الذي اعتقد هتلر بانه يهدف ايضا الى قتل النخبويين في المانيا كما حصل في روسيا وقد ايد هذا الربط بالشيوعية صورة لاول حكومة شيوعية روسية تظهر بان ستة من بين 13 عضو في هذه الحكومة هم من اليهود.

ما سبق يؤكد على ان العداء للسامية خصوصا بعد تبراة الكنيسة الكاثوليكة المذكور انفا وهي التي ما زالت مسلطة كالسيف على رقاب شعوب الغرب هو مجرد حيلة صهيونية كما قالت شلوميت الوني لتبرير ما تفعله اسرائيل بالفلسطينيين والذي نشاهده الان في غزة حيث القت دولة الاحتلال اكثر من 30 الف قنبلة من النوع الغبي فوق غزة لا تفرق بسبب غبائها ما بين البشر والحجر وهو ما جعل ما يجري في غزة هو حرب ابادة جماعية بامتياز.

هذه الحرب التي ما زال يقودها نتنياهو وزمرته من المفروض ان يتم الرد عليها من قبل مجلس الامن بنفس اللغة لو ان الجاني لم يكن اسرائيل والضحية لم تكن الفلسطينيون وهو ما يفسر بان القانون الدولي كان الضحية الثانية الى جانب غزة واطفالها ونسائها وذلك بسبب ان القنابل الغبية هي صناعة امريكية والذي فجرها هم الناجون من المحرقة " الهولوكوست" وهو الامر الذي ازاح الغشاوة عن عيون شعوب الغرب.

من صنع القانون الدولي هم من تضرروا بسبب غيابه في الحرب العالمية الثانية والان بعد تدميره في غزة سيعيد بناؤه ايضا من سيتضرروا من تدميره وهم جيل الشباب في الغرب ومعهم اليهود المناوئين للصهيونية الذين يخرجون الى الشوارع في اوروبا وامريكا في كل اسبوع ويهتفون ضد اسرائيل الصهيونية العنصرية بسبب حربها البشعة في ابادة الفلسطينيين وهو الامر الذي قلب السحر على الساحر فبدلا من خلق اجيال يهودية كارهة لكل من هو غير يهودي حماية لاسرائيل الصهيونية خلقت الصهيونية اجيال اصبحت مكروهة ليس لانها يهودية وانما لانها تنتمي لحركة عنصرية وتنتمي لكيان اصبح منبوذ.