الكاتب: ميسون كحيل
بين ركام المنازل وتحت المطر في خيمة تشبه ثلاجة الموتى يعيش أهل قطاع غزة أحياء برسم الشهادة، ولا يسمع احدا منهم إلا أصوات لا تتوقف من القصف القادم من الجو والبحر واصوات اخرى من البكاء والغضب في وداع الأحباء. وعيون الأطفال تحكي روايات من الخوف والحيرة وعدم فهم كل ما يجري، و أمهات فقدن النطق بحثا عن ابناءهن، وآباء فقدوا الأبوة كطوق حماية و نجاة لعائلاتهم.
أهل قطاع غزة يعيشون في بقعة منسية من الأرض لا يلتفت ولا يذكرهم أحد إلا كأرقام، وبطبيعة الحال لا نهاية للأرقام والعداد لا يتوقف والقبور لم يعد لها مكان واحد فقطاع غزة تحول كله إلى مدافن!
في السياسة يوجد كياسة و يوجد تياسة والمشكلة ان التيس الكبير يتحكم في كل المخارج و المنافذ متمددا على جسر الشهداء عابرا من مكان الى مكان و معبرا بسعادة مطلقة عن إستمرار الحالة التي فرضتها الظروف والإحتلال وآلة القتل التي لا تتعطل. فالشعب يتعرض لأنواع مختلفة و اشكال من الإضطهاد والقتل بينما يتلاعب بشهادات الوفاة والرحيل عن الدنيا.
بعد كل ماحدث للقطاع و أهل القطاع ماذا يعني وقف اطلاق النار و إنتهاء الحرب؟ فهل ستعود الحياة الى طبيعتها؟ وهل سنعود الى بيوتنا و أعمالنا والى البحث عن مستقبلنا ؟ هل سيرفع الحصار عن قطاع غزة؟ وهل سيعود أهل القطاع إلى حلم حرية الحركة والتنقل والسفر؟ والسؤال هل سيعود جزء من الوطن إلى بقية اجزاءه المقطعة؟ بالتأكيد لا احد يعلم فالمجهول ركن من اركان حياتنا و سيفرض في النهاية واقع جديد ليس لأهل القطاع قرار فيه. فمن يصدق السياسيون والمحللون والمسؤولين؟ فكل من يخرج بتصريح هنا او رأي هناك مجرد كلمات تذهب مع الريح وسيبقى الناس جميعا في حالة لا تختلف عن حالة بقية الرهائن والأسرى إلا في مساحة الحجز والإعتقال.
إذا سألت مسؤول سياسي أو عسكري في قطاع غزة لا تسمع منه إلا المطالبة بوقف الحرب، وإذا سألت المواطن تراه يتمنى إنتهاء الحرب، فلماذا إذن بدأت هذه الحرب؟ هل كان المقصود منها تدمير القطاع؟ هل كان تقليص عدد أهله؟ هل كان من اجل إعادة رسم جديد للمنطقة؟ طبيعي جدا لا احد يعلم اسباب هذه الحرب والهدف منها وكل ما يقال مجرد تبريرات لا اساس لها من الصحة . أما وإن أردتم معرفة اجابتي على سؤال هذه الحرب، فلا أرى إلا سببا واحدا وهو ضياع مستمر لعشرون سنة اخرى برسم النضال الوطني!
كاتم الصوت: لا انسحاب اسرائيلي من القطاع، ولا انتهاء للحرب، الكرة في ملعب الأسرى الإسرائيليين.
كلام في سرك: شمشون و سقوط المعبد على من فيه، لن يبقى احد ما بقيت.
رسالة: انتم بتفكروا ان محكمة العدل الدولية كان ممكن يكون قرارها إبادة إسرائيل، طبعا لا. بس يا ريت يكون مستوى أداءكم في مستوى قرارات محكمة العدل الدولية، جنوب افريقيا عملت اللي عليها. وانتم شو عملتوا؟ احتفظ بالأسماء