الإثنين: 06/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

"التهجير" كهدف رئيس للعدوان الاسرائيلي على غزة

نشر بتاريخ: 03/02/2024 ( آخر تحديث: 03/02/2024 الساعة: 20:14 )

الكاتب: د.محمود الفروخ


منذ عام ثمانية وأربعين مرورا بعام سبعة وستين وحتى يومنا هذا كان الحلم الاكبر في الوعي والعقل الصهيوني الاسرائيلي هو تهجير المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم ومنازلهم وبيوتهم ومدنهم وبلداتهم وقراهم سواء كان ذلك في مناطق الاراضي المحتلة عام ثمانية وأربعين أو في قطاع غزة او الضفة الغربية أو مدينة القدس المحتلة , لأن هذا التهجير يعتبر الهدف الرئيس والاول بالنسبة للمشروع الصهيوني – الاسرائيلي الاستيطاني والتوسعي، وذلك من أجل اقامة ما يسمى بدولة إسرائيل الكبرى التي نواتها الاساسية كما ذكرنا سابقا الضفة والقدس وغزة والاراضي المحتلة عام 48 ، لذا سعت اسرائيل ومنذ قيامها بكل قوة الى اعتماد هذه السياسة الممنهجة والمؤدلجة ووضعتها على رأس سلم أولوياتها وأجندتها العنصرية، وقامت بتنفيذها عام 1948 عن طريق القتل والرعب والتخويف والتهجير الاجباري على يد الجماعات الارهابية الصهيونية آنذاك (شتيرن ، ايتسل ، الهاجاناه ) "النكبة" ، وبعد ذلك تهجير المواطنين الفلسطينيين عن طريق جيش الاحتلال الاسرائيلي والقصف والقتل والحرب عام سبعة وستين "النكسة".

واستمرت اسرائيل بهذه السياسة عبر طرق ووسائل وأساليب عدة مارستها على المواطنين في كافة الاراضي الفلسطينية تارة من خلال مصادرة الاراضي والاستيلاء عليها عنوة وهدم البيوت والمساكن والخيم وترحيل السكان قسرا كما يحدث الان في مسافر يطا جنوب الخليل وشرق رام الله ومنطقة شرق نابلس وفي الاغوار الشمالية ، وتارة اخرى عبر الاستيلاء على منازل وأملاك المواطنين وهدم البيوت وفرض الضرائب والغرامات الباهظة وسحب الهويات والابعاد عن المدينة المقدسة وتضييق الخناق على المواطنين في كافة أحياء ومناطق مدينة القدس المحتلة.

ولو أمعنا النظر جيدا فيما يجري في قطاع غزة من مجازر وابادة جماعية وتطهير عرقي منذ السابع من أكتوبر الماضي " عملية طوفان الاقصى " على يد جيش الاحتلال الاسرائيلي لرأينا أن الهدف الرئيس المخفي والمبطن من هذا العدوان الغاشم ليس هو نفسه المعلن والذي يردده دائما قادة الاحتلال وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وهو القضاء على حركة حماس والمقاومة الفلسطينية واعادة الاسرى الاسرائيليين في غزة ، وإنما الهدف الاسمى والاكبر بالنسبة لإسرائيل وقادتها هو اجبار المواطنين على ممارسة التطبيق العملي للتهجير القسري الجماعي بحذافيره لمئات الاف المواطنين في غزة خارج القطاع سواء بالقوة وهذا ما يسمى التهجير القسري كبداية للتهجير الطوعي وهذه الطرق السائدة في عمليات التهجير سعت وتسعى اسرائيل كدولة احتلال لفرضها على الفلسطينيين منذ ما يقارب خمسة وسبعين عاما.

وربما نجحت اسرائيل في اجبار المواطنين الغزيين بالنزوح من شمال ووسط وجنوب غزة الى مدينة رفح جنوب القطاع وهو ما يسمى بالهجرة الداخلية عبر ارتكابها مئات المجازر بحق المواطنين وذلك بالقصف الصاروخي والمدفعي والقاء الاف الاطنان من المتفجرات والقنابل على منازل وبيوت الغزيين في الوسط والشمال والجنوب حيث كانت ترمي من خلال عمليات هدم وتفجير وقصف الاف المنازل والبيوت وخاصة الابراج السكنية الكبيرة في كافة مناطق القطاع الى تهجير هؤلاء المواطنين وارغامهم على النزوح من مناطقهم و بيوتهم الى مناطق قريبة من الحدود المصرية "رفح " كمناطق أمنة كمقدمة للهدف العنصري الفاشي والايديولوجي الصهيوني الرئيس والخبيث القاضي بتهجيرهم خارج حدود قطاع غزة والخلاص منهم حسب وصف ومخططات الاحتلال ، لا سيما وأن ما يقارب مليوني مواطن غزي باتوا يعيشون الاّن في مدينة رفح جنوب القطاع في ظروف انسانية ومعيشية مأساوية كارثية وصعبة ينتظر مئات الالاف منهم أو غالبيتهم أن تقوم السلطات المصرية بفتح معبر رفح ليهربوا من الموت المحتم الذي بات يحدق بهم من كل حدب وصوب ، لا سيما وأن عددا من دول العالم مثل كندا واستراليا واغندا وبعض الدول الاروروبية وبالتنسيق مع سلطات الاحتلال واذرعها المختلفة أبدت استعدادها لاستقبال الالاف منهم كلاجئين ومرضى وحالات انسانية في اطار تسهيل عملية تهجيرهم بتنسيق واضح ومرتب مسبقا مع اسرائيل.

وبالتالي فإن السياقات والاهداف التي وضعتها اسرائيل ومجلس حربها ابان العدوان ليست انتقامية فحسب ، وإنما كان هدفها تهجيري بحت وهذا ما سمعناه مرارا وتكرارا على لسان العديد من أعضاء مجلس الحرب الاسرائيلي خاصة الوزيرين المتطرفين ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتيرتش واللذان دعيا وطالبا علنا بتهجير كافة اهالي قطاع غزة وتوزيعهم على العديد من دول العالم وهذا ما حمله مؤتمر " العودة للاستيطان في قطاع غزة والتهجير الطوعي للفلسطينيين فيها " والذي نظمته جمعيات استيطانية وأحزاب اليمين المتطرف في مدينة القدس المحتلة الاسبوع الماضي بحضور وزراء و أعضاء كنيست ، والذي كان الهدف من عقده انهاء الوجود الفلسطيني في غزة باحتلالها عسكريا وعودة الاستيطان اليها كنتيجة نهائية للخلاص من ما أسموه المعضلة الامنية التي تؤرق اسرائيل في خاصرتها الجنوبية .