الإثنين: 30/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

وهم حل الدولتين واستمرار الابادة

نشر بتاريخ: 09/02/2024 ( آخر تحديث: 09/02/2024 الساعة: 11:14 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو للمقترح المُقّدم من قبل حركة حماس بشأن صفقة تبادل الأسرى، ووصفه بأنه "واهم" و"جنوني" و"لا يسمح بالتقدم"، كان متوقعاً حتى قبل اجتماع مجلس الوزراء. وهو بخلاف المسؤولين الاسرائيليين الآخرين الذين يؤكدون على أن إعادة الاسرى كهدف أول. وتظهر سياسات نتنياهو أنه غبر معني بوقف إطلاق النار قبل تحقيق أهداف الحرب المعلنة، وهي أهدافه الشخصية للنجاة من الحساب. وهدد بشن عملية عسكرية برية في رفح، للضغط على حركة حماس.

وعلى الرغم من ذلك إلا أن نتنياهو، لم يغلق الباب تماما ً ولم يقل بشكل واضح إن إسرائيل ترفض المقترح كليا وستوقف المفاوضات حول تبادل أسرى.

وكان من الواضح أن ما يفكر فيه نتنياهو منذ اجتماع باريس لمناقشة الخطوط العريضة لصفقة جديدة، بث نتنياهو وحاشيته خطابا معاديا لاقتراح الوسطاء، إضافة إلى تصريحات وزراء من الليكود وأحزاب اليمين المتطرف، أدانت التنازلات الكبيرة في الصفقة المحتملة.

بينما يطالب أهالي الاسرى باعادتهم، ودعوة وسائل الإعلام وتركيز اهتمامها إلى المختطفين، يحاول المستوى السياسي في إسرائيل تسليط الضوء على إنجازات العملية العسكرية في قطاع غزة. كما يتم بذل الجهود لكسب الوقت لمواصلة الحرب، طالما لم يتم إحراز تقدم حقيقي في المفاوضات للتوصل إلى اتفاق. ويقدر وزير الامن يوآف جالانت أن ما يقرب من نصف قوة حماس المقاتلة قُتل أو اصيب في الحرب، وأن نحو 75% من كتائب القسام خرجت من الخدمة.

غير ان الواقع يقول غير ذلك وان هناك مسافة بين تحقيق هذه الأهداف وبين ضرب القيادة العسكرية العليًا للمقاومة.

لنفترض أن الضغط العسكري حقق انجازات، لكن حتى الان لم يتم اعادة مختطف واحد، نتنياهو مدرك ان اعادة الأسرى الاسرائيليين يتطلب ثمناً كببراً وللتخلي عن ذلك، فإن الضغط العسكري لن يخفض ذلك الثمن.
‏وطالما أنه لا يعترف بذلك ويجهز الجمهور الاسرائيلي له، فإن ذلك يعطي الانطباع بأنه لا ينوي إعادة المختطفين. ولا يوجد انتصار يضمن عدم وقوع مجازر أو عمليات اختطاف في المستقبل.

ومع أن الحقيقة تأكد أن الحرب فاشلة وكذبة، ولم تحقق اهدافها الاستراتيجية، ولم يتم القضاء على حماس التي لم تنهار، وإسرائيل لم تحسم الحرب حتى مع ما تمارسه من قوة أكبر مما استخدمته روسيا والولايات المتحدة في حروبهما الأخيرة في العالم.
وحولت إسرائيل غزة الى منطقة غير صالحة للحياة مكاناً لجرائم الحرب والابادة الجماعية.

لا يوجد نصر في هذه الحرب. عندما تدمر إسرائيل قطاع غزة وتقضي على حركة حماس، فإنها تخلق مليوني نازح وتزرع أرض غزة بالموت والشوك، وأكبر مقبرة جماعية في العصر الحديث.
التهديد باجتياح رفح ورفض إسرائيل اعادة النازحين إلى منازلهم ومدنهم الذين اجبروا على النزوح منها بالقوة والقصف والقتل. وجميع المناطق تتعرض للقصف اليومي والتوغلات البربة، والجيش الاسرائيلي ينتقل من مكان لاخر وينشر القتل والخراب بذريعة البحث عن الانفاق للعثور على قيادة المقاومة.

إسرائيل تقوم بالحرب الأكثر قذارة في العالم على الإطلاق، وتنفذ حملة انتقامية همجية فاشية، وتعيش حالة الصدمة، وهي تعبير عن حقيقتها باستعباد نفسها لحملة انتقامية مستمرة لمصالح نتنياهو السياسية واستمراره في الحكم والقتل من دون نهاية، ومحاولته اطالة امدها بلا نهاية.

لا يمكن لإسرائيل تحقيق النصر، سواء بعودة الأسرى الاسرائيليين بالضغط العسكري او القضاء على جميع الفلسطينيين. والشعار الجديد المعلن الذي يكرره نتنياهو باستمرار النصر المطلق في الحرب، في كل خطاب وتصريح صحافي. بادعاء ان الهدف القضاء على الارهاب الفلسطيني، وان تبقى إسرائيل محصنة الى الابد، فهذا خيال، بدون الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني لا تستطع إسرائيل العيش، وهي تمارس حرب الابادة والفوقية والعنصرية والسيادة اليهودية، ونفي وحود الشعب الفلسطيني.

لا يمكن لإسرائيل أن تنتصر على الشعب الفلسطيني بالحلول العسكرية، ولن تستطع إفناء الفلسطينيين.
لقد خسرت إسرائيل الحرب أمام الفلسطينيين بسبب الغطرسة والثقة بالنفس، ولا مستقبل لها في المنطقة دون حل سياسي وعملية سياسية شاملة وفق قرارات الشرعية الدولية، وليس وعود الولايات المتحدة الامريكية ووهم حل الدولتين التي تتعامل معه على أنه حقن مسكنة من أجل تمرير اهدافها وسياستها في تطبيع العلاقات مع السعودية، ولا يوجد حل سحري لتجاوز الفلسطينيين والتنكر لحقوقهم.

كما أن شعار حول حل الدولتين وهم، فالقضاء على حماس وهم، والردع وهم، وإمكانية لوم الفلسطينيين وإنهم ضحية انفسهم والمسؤولين عن الابادة التي بتعرضون لها. وتجاهلهم وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية والتقرير بمستقبلهم وحكمهم وهم. والمطالبة بتجديد السلطة الفلسطينية، وتغييرها وفق مقاسات تخدم الاهداف والمصالح الاميركية والاسرائيلية.

وهذا يتطلب قرار وموقف وطني جاد وحقيقي من القيادة الفلسطينية للوحدة، وعدم الاستمرار في سياسة الانتظار التي تمارسها القيادة الفلسطينية. ولمواجهة الخطط الاميركية لرسم مستقبل الفلسطينيين وقضيتهم، وحرب الابادة التي يتعرضون لها. ومصارحة الفلسطينيين بالضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة ضدهم بدون تأتأة وخوف، وما تتعرض له الضفة الغربية من عدوان إسرائيلي خطير .

لقد حطمت حرب الابادة أوهام وكذبة السياسية الامريكية حل الدولتين وحل عادل للقضية الفلسطينية، وهي شريك في الحرب وتدبرها وترفض وقف اطلاق النار.
هذه الأوهام ورفض نتنياهو ان تكون سلطة موحدة تحكم الضفة وغرة، وبرغم الدعم الامريكي الغربي، ما زالت الفرصة قائمة وأن إسرائيل ما زالت عبئاً على العالم. والسبيل امامها وقف الحرب والقتل، وإنهاء الاحتلال، وهذا بحاجة الى وحدة وعمل وجهد ومبادرات لاعادة الاعتبار للمؤسسات الفلسطينية.