الأحد: 17/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

خطر المجاعة في غزة بتزايد مع تعليق تمويل «الأونروا» وعدم إدخال المساعدات

نشر بتاريخ: 14/02/2024 ( آخر تحديث: 14/02/2024 الساعة: 13:41 )

الكاتب: وسام زغبر

يواجه نحو نصف مليون غزي في مدينة غزة وشمال قطاع غزة خطر المجاعة نتيجة منع حكومة الاحتلال الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023.
وقالت منظمة اليونيسيف أن مئات الآلاف من الأطفال يواجهون خطر الموت جوعاً وسوء التغذية جراء عدم إدخال المساعدات الإنسانية.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن كميات قليلة جدًا من المساعدات الغذائية تجاوزت جنوب قطاع غزة إلى شماله منذ بداية العدوان، وأن خطر حدوث مجاعة في مناطق بالقطاع الفلسطيني لا يزال قائماً، موضحاً أنه «من الصعب الوصول إلى الأماكن التي نحتاج إليها في غزة، وخاصة في شمال غزة».
وأوضحت إحصائيات للأمم المتحدة أن ما نسبته 93% من الغزيين يواجهون خطر المجاعة وسوء التغذية، وتفشي الأمراض والأوبئة في صفوف النازحين، في الوقت الذي قالت الأمم المتحدة إن «غزة أصبحت وعاء ضغط مملوء باليأس». وأضافت أن «مليون فلسطيني في غزة أصبحوا بلا مأوى».
وقال فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، إن «غزة تعاني من أزمة إنسانية غير مسبوقة»، مضيفاً أن «قطاع غزة أصبح مكاناً يواجه صراعاً من أجل البقاء اليومي في خضم الموت والارهاق واليأس».
وأوضح المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة أن «بعض العائلات تحصل خلال 48 ساعة على نصف وجبة طعام فقط»، منوهاً إلى أن المواطنين في مدينة غزة وشمال القطاع لا يجدون حتى الأعلاف والحبوب نتيجة منع سلطات الاحتلال وصول شاحنات المساعدات الإنسانية، واصفاً الوضع الإنساني بأنه «تجاوز المرحلة الكارثية».
ورغم الوضع المأساوي الذي يواجه الغزيين نتيجة حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والترانسفير وعدم إدخال المساعدات الإنسانية، إلا أن نحو 18 دولة على رأسها الولايات المتحدة الأميركية أعلنت حربها على وكالة الأونروا وعلقت تمويلها استناداً لأضاليل وأكاذيب إسرائيلية أن 12 موظفاً من موظفي الوكالة شاركوا في معركة «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول (اكتوبر) الماضي.
وشدد لازاريني «لا تزال الوكالة أكبر منظمة إغاثة في واحدة من أشد الأزمات الإنسانية تعقيداً في العالم، إنني أكرر دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لاستئناف التمويل للأونروا. وإذا ظل التمويل معلقًا، فمن المرجح أن نضطر إلى إنهاء عملياتنا بحلول نهاية شباط، ليس فقط في غزة، بل وأيضاً في جميع أنحاء المنطقة».
حيث أن الحرب على وكالة الأونروا لم تبدأ استناداً لمشاركة عدد محدود من موظفيها ربما 5 أو 7 أو 9 أو 12 في معركة «طوفان الأقصى» كما تزعم إسرائيل، أو إدعاء الاحتلال الإسرائيلي حول اكتشاف نفق أسفل المقر الرئيسي للأونروا في غزة بل أن المعركة متواصلة منذ سنوات حيث أعلنت الإدارة الأميركية حربها عبر مشاريع مختلفة للتخلص من الوكالة - الشاهد الحي على النكبة الفلسطينية- وإنهاء عملها بشكل كامل وكان أبرزها إبان حكم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وإعلانه «صفقة القرن» ووقف تمويل وكالة الأونروا.
حيث كشفت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الناطقة باللغة الإنجليزية في 30/12/2023، أي بعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على حرب أكتوبر، وفي الوقت الذي كان فيه العالم منشغلاً بمتابعة أنباء المجازر والمذابح في قطاع غزة، على يد قوات الغزو البربري، كشفت عن خطة وضعتها الخارجية الإسرائيلية من ثلاث مراحل، تهدف إلى حل الأونروا، وأحالت هذه الخطة إلى حكومة نتنياهو للعمل بموجبها: المرحلة الأولى هي الادعاء بإلقاء القبض على مجموعة من «الإرهابيين» الأعضاء في حماس، ممن شاركوا في الهجوم على غلاف غزة في 7 أكتوبر (معركة «طوفان الأقصى»). فيما المرحلة الثانية إثارة أوسع تحريض على أونروا، ودعوة الجهات المانحة لوقف تمويلها للوكالة.
أما المرحلة الثالثة تتولى خلالها الولايات المتحدة قيادة أوسع حملة مع حلفائها لتجفيف مصادر تمويل وكالة الأونروا وتعطيل برامجها وشلها، وبالتالي اعتبارها في عداد المنحلة.
ورغم أن بعض الذين «علّقوا» تمويلهم بانتظار نتائج التحقيق، والتقارير الإسرائيلية، ورغم أن هذه التقارير لم تصدر حتى الآن، فإن كافة الذين أعلنوا مقاطعة الوكالة، بقوا على موقفهم السلبي ما عدا فرنسا، التي تراجعت عن قرارها، واستأنفت دعمها لوكالة أونروا.
حيث صوّتت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي بأغلبية 30 صوتًا مقابل 19 لصالح تقديم مشروع قانون لقطع جميع المساعدات الأميركية بشكل فوري ودائم لوكالة الأونروا.
فهل ينجح المخطط الأميركي – الإسرائيلي في اغتيال وكالة الأونروا، بما هي منظمة إغاثة، يعتمد عليها في مجالات التعليم والصحة، والإغاثة، والبيئة، وتشغيل أكثر من 6 ملايين لاجئ، فضلاً عن كونها اعترافاً دولياً وشاهداً على جريمة الاستعمار الغربي عما لحق بالشعب الفلسطيني من نكبات على مدار 76 عاماً؟، أم أن المجتمع الدولي سوف يستعيد «وعيه»، ويتحرر من براثن الحملة الأميركية – الإسرائيلية لاغتيال أونروا، وإلحاق الأذى والضرر الشديدين بالمصالح الوطنية للشعب الفلسطيني.
ويواصل الرئيس الأميركي جو بايدن إصدار التصريحات الصحفية ضد «إسرائيل» رغم عدم انفكاك الولايات المتحدة عن شراكتها لإسرائيل في حربها على قطاع غزة ووكالة الأونروا، في محاولة لكسب مزيد من الأصوات الانتخابية التي خسرها في استطلاعات الرأي، حيث أشار إلى أن سلوك الرد في غزة تجاوز الحد وأنه يدفع بكل قوة حالياً من أجل التوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار في القطاع، منوهاً إلى وجود الكثير من الأبرياء يتضورون جوعاً أو يموتون في غزة، لذلك يجب أن يتوقف جوع الناس في غزة.
وقال بايدن «تحدثت مع نتنياهو وكنت أضغط بشدة وبقوة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة»، مضيفاً: «كنت على اتصال مع القطريين لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة».
ومن اللافت أيضاً أن بايدن الذي يدعو لفتح بوابة المساعدات الإنسانية على قطاع غزة وحماية المدنيين من جهة هو ذاته الذي علّق تمويل وكالة الأونروا ودفع عدد من الدول المانحة لتعليق تمويلها استناداً لأضاليل وأكاذيب إسرائيلية وقبل انتهاء التحقيق في تلك المزاعم.
وتستمر حرب التجويع والإبادة الجماعية على قطاع غزة في شهرها الخامس، والتي راح ضحيتها أكثر من 100 ألف غزي أكثر من 70% منهم أطفالاً ونساء، تجاوز عدد الشهداء حاجز 28 ألف شهيد ونحو 7 آلاف مفقود وعدد الجرحى تجاوز 68 ألف جريح منهم 11 ألفاً بحاجة ماسة للعلاج في الخارج، فيما يواجه نحو 10 آلاف مريض بالسرطان خطر الموت فتكاً جراء منعهم من تلقي العلاج سواء في مشافي غزة أو خارجها، إضافة إلى ذلك أن نحو 17 ألف طفل أصبحوا غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عن أسرهم.
فيما أوضحت المصادر والتقارير أن أكثر من 90% من الغزيين نزحوا عدة مرات، ونحو 700 ألف مصابون بأمراض معدية نتيجة النزوح، فيما تعرضت نحو 70 ألف وحدة سكنية للتدمير الكلي، ونحو 290 ألف وحدة سكنية للتدمير الجزئي وهي غير صالحة للسكن.
وأمام تلك المعطيات والتقارير، فلم تعد الحياة في غزة وشمالها تليق بالحياة الآدمية وأصبح خطر المجاعة يلاحق الناس في كل مكان ويهدد حياتهم حتى طعام الحيوانات من أعلاف وحبوب والتي استخدمت كدقيق لم تعد موجودة وإن وجدت وبعض السلع فأسعارها تتجاوز العشرين وربما الخمسين ضعفاً عن سعرها الطبيعي نتيجة ندرتها وشجع التجار.