الأحد: 17/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

إنها ليست هدايا أيها المغفّل!

نشر بتاريخ: 18/02/2024 ( آخر تحديث: 18/02/2024 الساعة: 09:19 )

الكاتب: د. رمزي عودة



أشارت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الى أن هنالك خطة عربية أمريكية سيتم بلورتها خلال الأسابيع القادمة تتضمن جدولاً زمنياً ثابتاً لإقامة دولة فلسطينية، وإخلاء العديد من مستوطنات الضفة الغربية، وقيام عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية، وإنشاء جهاز أمن وحكومة واحدة للضفة الغربية وقطاع غزة تحت قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية. وبرغم أنه لم يتم تأكيد هذه الخطة من الجانب الأمريكي أو الأطراف العربية، الا أن الرد الاسرائيلي السريع والغاضب على تقرير الواشنطن بوست يؤكد أن الملامح العامة لهذه الخطة حقيقية، وقد بدأت بالتبلور في إعلان الرياض قبل عدة أيام، وربما سيتم اقرارها بشكل جدي في مؤتمر ميونخ للأمن العالمي.
لقد رفض الاسرائيليون مقترحات هذه الخطة رفضاً باتاً، حيث اعتبر نتنياهو أن الوقت ليس مناسباً لتوزيع الهدايا على الفلسطينيين لاسيما بعد أحداث السابع من أكتوبر!، وأعاد نتنياهو التأكيد على رفضه إقامة دولة فلسطينية ورفضه أي شروط مسبقة لعملية المفاوضات. هذا الموقف أدى الى إغضاب الادارة الأمريكية، حيث تشير التسريبات الى أن مدير وكالة المخابرات الامريكية CIA وليام بيرنز الموجود حالياً في تل أبيب هدد الأخيرة باتخاذ إجراءات أحادية الجانب في حال استمر نتنياهو بالحرب وعدم إجراء صفقة سياسية لإنهائها. كما وسعت الصحافة الأمريكية هجومها على نتنياهو في الأونة الأخيرة، وذكرت في تقاريرها بأن إدارة بايدن تصفه بالمغفل تارةً و بالوغد تارةً أخرى. وفي النتيجة لهذه الضغوط، وبعد المحادثة التي جرت بين بايدن ونتنياهو الجمعة الماضية، أكد نتنياهو بأنه لن يرضخ للضغوط الدولية والأمريكية بشأن إقامة دولة فلسطينية، وتعهد بمواجهة الاعتراف الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية.
في الواقع، إن الدولة الفلسطينية المستقلة وما ورد في الخطة ليست هدايا أو مكافئات كما وصفها المغفل نتنياهو، وإنما هي استحقاقات وطنية لشعب حرم من حقه في تقرير مصيره طوال العقود السبعة الماضية. وقدم هذا الشعب على مر هذه العقود مئات الألاف من الشهداء والأسرى والمهجّرين نتيجةً لإصراره على إقامة دولته المستقلة. وبينما تصر حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة على عدم تضمين أي تسوية سياسية نهائية لعدوانها على غزة والضفة الغربية، حتى لو أدى هذه الرفض الى تشوه علاقاتها مع حلفائها الغربيين، فإن الحلول الأمنية التي تتشبت بها إسرائيل لن تؤدي الى الاستقرار والأمن في المنطقة، بل على العكس، فإن هذه الحلول لم تجلب لها سوى الحروب والنزاعات منذ إنشائها وحتى الأن.
وفي النتيجة، ليس متوقعاً أن تقبل هذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية بأي مقترح جدي للتسوية، ومن أجل تفادي مخططاتها بإفشال أي تسوية لليوم التالي بعد العدوان، فإنه ينبغي على العالم الغربي أن يبدأ بالإعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب واحد، كما يجب استصدار قرار من الأمم المتحدة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. في هذا الاطار، أعتقد أن الادارة الامريكية اذا كانت جادة في قيام دولة فلسطينية قبل الدخول في معترك الانتخابات الأمريكية في نوفمبر القادم، فإن عليها أن تستخدم الآليات الدولية والاقليمية الأمنية في تسوية النزاع بدلاً من الاستمرار في الضغط على حكومة فاشية تباهى رئيسها بأنه هو الذي أفشل حل الدولتين!. إن بعض الأليات الدولية والإقليمية المقترحة في هذا السياق تقتضي إرسال قوات حفظ سلام عربية وغربية الى الضفة الغربية وقطاع غزة بهدف ضمان الأمن الاقليمي في إطار دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.