السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

يا جمهور الصمت الصادق ...

نشر بتاريخ: 20/02/2024 ( آخر تحديث: 20/02/2024 الساعة: 11:09 )

الكاتب: يونس العموري

يا جمهور الصمت الصادق، ويا زنادقة الفجر، هل أتاكم حديث عاشقة بنفسجية لا تبيع مواويلها للغزاة ...؟ تلك التي كانت تسمى بنت الجبل وسيدته، أميرة الليل وعروس الشمس، مهد العشق وخباياه كاتمة أسرار المعمورة، سيدة البعث الأول لرسالة الإيمان بالإنسان، المنسجمة مع كينونتها بالبحر وأمواجه، الصارخة الشاكية ، حيث الصبر والصخب والهدوء، ومقارعة الذات بالذات ، والحجة بمنطق العيش ، هناك حيث التلاعب بالمصائر، كانت الجريمة شاهدة على الذبح الأخير للشاة المقاومة لحد السيف المُلتمع بقيظ البيداء.

ونحن هنا القاعدون على ارصفة الانتظار للنهاية الحتمية للمعادلة الإنسانية الساقطة في كل أروقة الحقيقة ، اذن يا جمهور الاستكانة لابد من الصراخ الأن ... ولابد من العويل ... ولابد من محاولة رسم لوحة الواقع التي نحيا ... ولابد من مواجهة الحقيقة بمواجهة الذات ... ولابد من ان نعي ان ثمة انكسار بانفسنا قد حدث ... وان في النقس الكثير من التناقض وثمة ضجيج مشاغب يغزو الوجدان ... فما بين قتل الفقراء بحواري غزة وتشويه ابتسامة طفل يحاول ان يعبث بسنين عمره الشقي، وما بين النوم في بحر التنظيرات بشطر الوطن المسلوب (الضفة الغربية) يكمن تمزق الذات والهوية، التي لطالما اعتبرناها واحدة موحدة ... لنا احلامنا وصراخنا وآمالنا التي كنا نعتقد انها ممزوجة بتلك المعاناة من صلف الاحتلال والة التدمير والقتل ... الا ان المشهد هذه المرة مختلف، ويأتي اختلافه باختلاف وقائع الوطن خلال العدوان على غزة ... وكأن مجريات الفعل العدواني على غزة قد تعاملت معه جماهير الضفة الغربية كما تتعامل معه جماهير اي عاصمة عربية او اوروبية بالمساندة واعتقد ان هذا ما اذهل الكل ... بل انه قد شكل صدمة لنا بالأساس ... فمن غير المعقول ان تتظاهر رام الله بشكل سلمي من خلال مسيرات الشموع وتسير تظاهرات الاطفال وانجاز اعمال الاغاثة ... فهذا غير منوط بجماهير الأرض المحتلة .. ومن غير المعقول ان تكون المهرجانات الخطابية سيدة الموقف هنا ... اعتقد ان ثمة هزيمة قد لحقت بنا هنا ... هزيمة صارخة امام الدم وازهاق الاوراح ... ثمة خجلا يتبلور الأن بذواتنا من مواجهة اللحظة ... التحدي يتسلل الى ثنايانا .. والسؤال يتبلور ويتضح اكثر تحت المجهر ... فما العمل يا سادة القول البليغ في ظل اختطاف جماهيرنا واقناعها بإمكانية رغد العيش تحت جنح التسليم بواقع الأمر والإستسلام لحيثيات معادلة العقلنة والتعقل .... اعلم واعرف اننا نعيش لحظة تاريخية فيها الكثير من مشاهد التناقض، حيث أنجز الانقسام انجازاته وفعل مفاعليه ... فقد اصبح للنضال وجهة نظر اخرى، وللكفاح ايضا تعريف مختلف عن ذاك المرتبط بتاريخ المسيرة التحررية ... وصرنا مختلفين حتى على تعريف فعل المقاومة واحقيتها برد العدوان ... ولأول مرة صرنا نراقب المشهد وكأننا نعيش بغير فلسطين المحتلة ... وكأننا بواحة رام الله المحررة نحيا بكنف الأمن والأمان وتحقيق اهدافنا على الأقل الإنسانية ... والكل يعلم ويعرف ان الحد الأدنى من ضرورات الحياة الانسانية غير متوافق او متوافر وتلك المسماه حياة في المدن المحتلة بالضفة الغربية ...

هو الصمت من جديد يغزونا وكأن عدواه قد اصابنا بمقتل واصبحنا نلوذ بالفرار حتى من انفسنا حينما يغزونا الخجل ... ولا مبرر لنا مهما حاولنا التفسير، وبصرف النظر عن القمع او ما يسمى بالمصلحة الوطنية العليا ...

نصرخ من وجع اللحظة وكيف تحولنا الى اداة مهجنة ومدجنة كما يُراد لنا ان نكون نستقبل انباء القتل ولربما نشفق على انفسنا من تلك المشاهد الأتية الينا عبر الأثير ... وهو السؤال الذي يقض مضاجعنا ليل نهار .. هل نحن بالفعل بمستوى الحدث ..؟؟ ام هو العجز ..؟؟ ام صار لنا تعريفات ومفاهيم مختلفة ...؟؟ وهنا لا استثني احدا ... جماهير وقادة ونخب ثقافية وحتى ممن يمتشقون اليوم بنادق الكفاح بالضفة الغربية ... صرخة مدوية تكاد تهز اركان كل فلسطين المحتلة اليوم ... اين نحن من كل هذا ..؟؟ اين انتم من كل هذا .. بل دعوني اقول اين حماس الضفة الغربية ...؟؟ اين ادبيات اليسار واقتناص اللحظة الجماهيرية وتثوير الفعل وتطويره ... ؟؟ اين تراكمات التاريخ والبناء عليها ...؟؟ اين حركة فتح بكل تراثها مما كان يجري .. ؟؟ لا يكفي القول ان وقائع الضفة الغربية مختلفة اليوم عن السابق ولا يكفي القول ان الحصار وتقطيع الأوصال قد حال دون ان نأخذ مواقعنا في ملحمة الدم الأسطورية ... فأذا كان ثمة اختلاف فيما مضى حول تفسير فعل الانقسام فقد اصبح الأنقسام واضح المعالم اليوم في هذا الوطن ... لأول مرة لا تلتحم الضفة الغربية مع غزة ولأول مرة يصبح الميدان متشرذم ومشتت وغير متوافق ... لأول معركة تكون المواجهة هكذا ... واعذر لنفسي وسأسمح لذاتي بان اواجه الذات بالحقيقة المرة .. فثمة هزيمة هنا تتضح معالمها ايها السادة الكرام بكل الأماكن وعلى مختلف المستويات ... هزيمة تكريس انقسامنا وثقافة المساندة كانت فارغة ايضا من مضامينها ومن معانيها ومن الحد الأدنى من الفعل وردة الفعل ...

يا سادتي في كل مكان وفي شوارع وطن الآمان بالضفة الغربية الممزقة اوصالها ... لاشك ان صراخ فقراء غزة قد بات يزعجكم وانتم تنعمون بالعيش في جنان روابيها هل لكم ان تسمعوا هذا البيان .. فللفقراء فقط حق دخول جهنم.. فجهنم الفقر لهم ولاشريك لأحد فيها سواهم ... ولا جنة الا جنانهم بأتون الفقر والحرمان ... وللفقر قصص وحكايات مع ابطال الحواري المتمرغين بتراب الأرض ... فها هو المشهد يبدو اكثر اتساعا لفقراء غزة ومن لا يعرف ... فغزة هي حاضنة الفقر الأوسع والأشهى والأدفأ ..

وأخيرا سأقول ، لا اعلم على وجه الدقة هل تجاوزنا مرحلة الوحدة الوطنية الى مرحلة الفرز الوطني ؟؟؟ من هو مع الشعب الفلسطيني واهدافه المتمثلة بالتحرر والاستقلال ومن هو مع التماهي والتعايش والخضوع للاحتلال . هل وصلنا الى هذه المرحلة ؟!!! لا اعلم.