الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
الأسوأ من محاربة إسرائيل هو التفاوض معها . مفاوضاتهم غبية وسقيمة ومزعجة تنزع الإنسانية من صدور البشر، وتحط من كرامة الانسان. مفاوضات طويلة وتخلو من القيم وفيها تنكّر لحقوق الانسان ويحكمها الجشع والامراض النفسية .
في اخر اخبار المفاوضات على صفقة تبادل الاسرى اتفقوا في نهاية الأسبوع على عمل اجتماع ثان في الدوحة، ثم اتفقوا على اجتماع آخر في القاهرة ليطرحوا مرة أخرى وأخرى حلولا لعدد من الاشتراطات الإسرائيلية مثل عدد الاسرى، وخروج الجيش من مناطق السكان في قطاع غزة، وإعادة ترميم المشافي، وكيفية تقديم المساعدات العالمية وغيرها .
ومن خلال متابعة المفاوضات فان إسرائيل هي ذاتها لم تتغير ولن تتغير. وشأنها المعتاد ان تمنع أي اتفاق سهل مهما كان سهلا وممكنا، وان تخلق الازعاج وعوامل الفشل في كل بند بدعوى ان هذه مهارات تفاوض خاصة لدى الإسرائيليين. والحقيقة انها مجرد امراض يحاول نتانياهو وحكومته اظهارها وكأنها ذكاء ومهارة " لا تفيد أحد" !!
لا يوجد تغيير حكومي في السلطة الفلسطينية، ولم يتم بحث الامر في دوائر القرار ولا يوجد أي نية لعمل أي تغيير طالما الحرب مستمرة ولم تتوقف نهائيا. وان القوائم والاخبار التي تصدر كل فترة هي من بنات أفكار من كتبوها. وكالعادة لا أحد يسأل أي صحيفة ولا أي جهة عن خطأ اخبارها في اليوم التالي، وتمضي بنا الحياة نسأل ونجيب أنفسنا كما نشاء. نكتب ونقرأ ما نكتب، من دون أي اتصال حيوي بالعالم من حولنا !!
تماما مثل إعادة الاعمار. فلا يوجد أي حديث عن إعادة الاعمار قبل وقف الحرب بشكل تام، ولا دور لفلان في تلك العاصمة ولا تلك الدولة ولا هذه الجماعة في تلك المدينة لهم أي دور كما يريدون قبل ان تتوقف الحرب .
القتل الإسرائيلي في غزة مستمر ويقترب من الشهر السادس . والمقاومة كذلك مستمرة ولكنها معركة غير متكافئة ابدا . فقد استخدمت إسرائيل كل ما تملك وكل ما تملك أمريكا وكل ما يملك حلف الناتو والمخابرات البريطانية والفرنسية والألمانية باستثناء القنابل النووية. استخدموا الصواريخ والمدفع والطائرات والقنابل والطائرات المقنبلة والكلاب والمتفجرات والجرافات والاحتياط والمال والخارجية والاعلام واللوبيات الضاغطة والحصار والتجويع والاغتيالات والتطهير العرقي والابادة وتدمير المستشفيات وقصف المدارس وتجريف الطرقات وكأنها " حرب يوم القيامة ". رغم ان ما فعلته حماس كان مجرد معركة او غزوة ولا تستحق كل هذا الدمار والابادة .
خلال هذه الحرب وبعد هذه الحرب.. من الصعب ان يكون القرار الفلسطيني مستقلا بشكل واضح لان هناك انقسام سياسي كبير منذ 2007. والقرار الفلسطيني القادم سوف يكون بطعم عربي سعودي قطري اماراتي. وسوف يكون القرار العربي بطعم دولي من أمريكا وحديقتها الاوربية .
اثبتت الحرب الحالية غياب الدور الروسي بشكل مفجع ، وصمت الدور الصيني بشكل مخجل، وحضور افريقي ومن أمريكا اللاتينية بشكل محترم. وقريبا سوف نعيش حضورا غامضا للدور السعودي وبشكل اجباري.