الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

لماذا تدعم الشركات الكبرى دولة الاحتلال؟

نشر بتاريخ: 06/03/2024 ( آخر تحديث: 06/03/2024 الساعة: 21:59 )

الكاتب: عواد الجعفري

عاد أمر مقاطعة بضائع الشركات الغربية التي تناصر دولة الاحتلال الإسرائيلي، بشكل أو بآخر، إلى الواجهة في الأيام القليلة الماضية بعد أن خبا عما كان عليه في بداية العدوان على غزة.

الذي أعاد المقاطعة هو إعلان مبتكر صممه شاب ليبي اسمه محمد النعاس. الإعلان كان عن مشروب شهير. فكرته ببساطة إظهار دورة الأموال التي يدفعها المستهلكون وتصب في نهاية المطاف في ترسانة جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يصب حممه فوق أطفال غزة ونسائها.

الإعلان يحث على المقاطعة، لكن لماذا تقحم هذه الشركات نفسها في هذا الصراع؟

في الأصل وفي العادة، تتخذ الشركات موقفا محايدا من الأزمات وتمسك العصا من المنتصف مع استثناءات محدودة، وذلك وفقا لحسابات دقيقة حتى لا تغضب زبائنها وتخسرهم.

ما حدث في الحرب على غزة كان العكس تماما.

هبت الشركات الغربية (البعض يسميها تجاوزا شركات متعددة الجنسية، لكنها في الحقيقة غربية الهوى والهوية) يوم 7 أكتوبر، وأدانت بشدة هجوم حماس.

هذا الأمر لم يتكرر أبدا في حال العدوان على غزة.

إن ما يؤرخ ويوثق لهذا التناقض الصارخ في هذه الشركات، التي تزعم حرصها على حقوق الإنسان، هو القائمة التي نشرها الأستاذ بكلية الإدارة في جامعة ييل الأميركية جيفري سونينفيلد.

تضم القائمة التي حملت عنوان "الشركات التي أدانت هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل" أسماء 211 شركة غربية ضخمة تدخل في صميم حياتك اليومية (المعنى الحرفي للكلمة)، ومع توثيق لمواقف الشركة بالكلمة والصورة.

الصفحة تحتوي أيضا على بريد الأستاذ الجامعي، وبالفعل بعث كاتب هذه السطور برسالة إليه فيها أسئلة من قبيل :لماذا لم تدن هذه الشركات حرب الإبادة ضد سكان قطاع غزة؟ وما هي حسابات هذه الشركات في قرارات الإدانة من عدمها؟ لم يرد الأستاذ على الرسالة قط.

وللموضوعية، راجع كاتب هذه السطور عينة من حسابات هذه الشركات ومنصاتها على شبكات التواصل للبحث عما إذا كان "ضميرها قد استيقظ" تجاه أهل غزة. النتيجة: ولا شركة علقت على حرب إبادة غزة ولو بكلمة من باب رفع العتب.

باختصار: هذه الشركات ليست محايدة ولا تعبأ بحقوق الإنسان، لكنها تعبأ بمصالحها فقط.

وهنا السؤال: ألم تخش هذه الشركات على مصالحها التي قد تتضرر في حال المقاطعة؟

قلنا إن هذه الشركات تحسب ما تفعله بدقة، وخصوصا عند التطرق إلى مسائل حساسة جدا مثل القضية الفلسطينية، وحساباتها تقوم على ما يلي، بحسب ما يقول أهل الاختصاص:

الاقتراب من اللوبي الإسرائيلي مربح، وبعض الشركات لها مصالح مع تل أبيب.

حملات المقاطعة العربية سريعا ما تثور وسريعا ما تخبو، وفقا لتجارب عديدة منها انتفاضة الأقصى.

الأسواق العربية والإسلامية لا تشكل جزءا كبيرا من مبيعات هذه الشركات، أو لجزء كبير من هذه الشركات.

ليس لدى الفلسطينيين وأنصارهم المؤثرين (وهم قلة للأسف) ما يقدمونه أو يهددون به.

بالطبع، فهذا ليس كل شيء، فربما هناك أهداف خفية لأعضاء مجلس الإدارة في هذه الشركات لا نعرف عنها شيئا.

إن إحدى أكبر سلسلة مطاعم في العالم اتخذت قبل سنوات قرارا بمنح كل وكيل محلي حرية أخذ مواقف سياسية. هذا الأمر حدث في بداية العدوان على غزة، حيث أمد الفرع المحلي لتلك السلسلة جيش الاحتلال بالوجبات مما فجر غضبا عربيا، دفع الوكلاء الآخرين في المنطقة إلى التنصل ونفي صلتهم بما حدث.

الشركة الأم التزمت الصمت ولم تصدر بيانا إلا بعد شهر، وهذا لم يأت إلا بعد أن تلقت خسائر فادحة، وظلت الشركة تمنى بخسائر كانت منها على سبيل المثال لا الحصر 9 مليارات دولار خلال ساعات، الشهر الماضي.

نقول للمستثمر المحلي الذي يريد الفوز بوكالة "براند" عالمية (يعني اسم تجاري مشهور) إن الأمر سلاح ذو حدين. أولا، أنت تتفادى سنوات من الجهد والكد بشراء اسم معروف ولافت، ثانيا، أنت تجازف بتدمير كل ما تجنيه في لحظات، فالشركات الأم، كما أسلفنا هي غربية الهوى والهوية وليست مثلك. ومن المرجح بل من المؤكد أنها ستتعرض لحملات مقاطعة، لا علاقة لها بقضية فلسطين، إنما بقضايا أخرى وهي كثيرة؛ فبين الفترة والأخرى تظهر تصريحات أو تصرفات في الغرب تسيء إلى معتقدات المسلمين، وعندها ستظهر حملات مقاطعة جديدة.