الكاتب: جهاد حرب
أظهر خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن للامة أمس التناقض في الرؤية الأمريكية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فمن جهة مناصرة إسرائيل بشكل دائم وذلك باستمرار تفوقها العسكري في المنطقة بمدها بالسلاح والمال وضمان إفلاتها من العقاب كمصلحة استراتيجية، ومن جهة ثانية محاولة التنصل من الأفعال المشينة التي يقوم ابنها "إسرائيل" الضال في المنطقة؛ تم التذّكير هنا لأسباب تتعلق بهذا اليوم "الثامن من آذار اليوم العالمي للمرأة" حيث لا يستحب تأنيث اللوم أو الشتائم فيه.
التناقض هنا أيضا يتعلق باستخدام القدرة الأمريكية التي تمتلكها لفرض قرارها على إسرائيل وفي الوقت ذاته لم تتمكن على مدار الخمسة أشهر الماضية من ثنيّ إسرائيل على تجاوز الطلبات التي جاءت على هيئة توصيات وتمنيات قدمها الرئيس الأمريكي ومستشاروه ومساعدوه في جولاتهم في المنطقة.
يبدي فيه الرئيس الأمريكي الحرص على منع استفحال المجاعة التي بدأت تفتك بسكان قطاع غزة وبخاصة مناطق شمال غزة من خلال الأمر ببناء رصيف بحري مؤقت على شاطئ مدينة غزة، فإنه في ذات الوقت لا يتمكن من فرض إدخال المساعدات المكدسة على الحدود الفلسطينية المصرية التي تمنع إسرائيل إدخالها وتقييد حركة المساعدات وتغمس بعضها بدماء الفلسطينيين.
في الوقت الذي يطالب فيه الرئيس الأمريكي بهدنة "وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع" يطالب الفصائل المسلحة بالاستسلام وتسليم الأسرى الإسرائيليين دون النظر للاحتلال وتمظهراته العسكرية والاستيطانية باعتباره هو المشكلة الأساس بل يستمر بتأييد القضاء على المقاومة وبمفهوم إسرائيل القضاء على الشعب الفلسطيني وتغييب "حماية أرواح الأبرياء كأولوية".
التناقض في خطاب الرئيس الأمريكي للأمة الأمريكية ينطلق من تناقض العلاقة المصلحية التي ينشدها الرئيس ما بين الحصول على الدعم المالي والإعلامي لحملته الانتخابية من أباطرة المال والإعلام الداعمين للوبي الصهيوني، والحصول على أصوات الناخبين المتضامنين "الشباب الأمريكي والجاليات العربية والإسلامية" مع الشعب الفلسطيني والرافضين لسياسة الرئيس الأمريكي الداعمة لحكومة اليمين الفاشي في إسرائيل.
الخشية من الملاحقة القضائية في المحاكم الوطنية أو الدولية بتهمة المشاركة بجريمة الإبادة الجماعية في حال حكمت محكمة العدل الدولية بارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية من جهة، مقابل الرغبة في استمرار إمداد إسرائيل بالسلاح والعتاد الأمريكي المستخدم في جريمة الإبادة الجماعية، واستمرار توفير الحماية في مجلس الأمن بمنع إصدار ادانة أو طلب وقف إطلاق النار دائم ووقف حرب التجويع التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية.