الأحد: 29/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

صورة الوضع في شمال غزة أرسمها لكم من وحي الميدان والمشاهدة

نشر بتاريخ: 13/03/2024 ( آخر تحديث: 13/03/2024 الساعة: 21:58 )

الكاتب: عماد زقوت




يبدأ اليوم بصلاة الفجر وهذه الصلاة يؤديها الناس كلا في مكانه ، فالناس تشهدها في مدرسة النزوح أو في الخيمة أو فيما تبقى من البيوت ، فلا يوجد مساجد وإن وجدت فلا تذهب الناس إليها في ساعات الفجر الأولى خوفا من الاستهداف الإسرائيلي ، ولكننا نسمع الآذان عبر مكبرات الصوت سواء في المدارس أو ما تبقى من مآذن المساجد .
ومن ثم تبدأ عجلة الحياة اليومية بالبحث عن المياه التي أصبحت شحيحة جدا نظرا لتعدد الأسباب ، وإن وجدت المياه كان يوما ميسورا وإن لم توجد فكدر الحياة يتجمع في وجه رب الأسرة ، ما يزيد ذلك من مشاكل الناس وهمومهم .
وبالتزامن معه يتحرك الأبناء للبحث عن الحطب لإشعال النار ولذلك استخدامات متعددة فهي لطهي الطعام وذلك مجازا لأن المتوفر يشبه الطعام لاسكات مصارين البطن كما يقول الناس هنا ، وأيضا لصناعة رغيف الخبز ويكون سعيد الحظ من يتوفر له طحين ، وكذلك تستخدم النيران لتسخين المياه حتى يغتسل أفراد العائلة وينظفوا أجسادهم من غبار الشوارع وألسنة الدخان التي تتصاعد بعد كل قصف "إسرائيلي" لبيوت الناس .

ومن ثم يبدأ الناس التحرك للبحث عن لقمة العيش لسد جوع الأبناء ، فيتجولوا في أشباه الأسواق ترى هنا بسطة عليها بضع بهارات وأخرى شيئا من المكسرات ، وترى محلا تجاريا أصابه القصف الإسرائيلي عاد صاحبه لفتحه لبيع أحذية وبجانبه محل آخر لبيع الملابس، مع التنويه أنها موجودة قبل بدء الحرب أي أنه لا بضائع جديدة دخلت أسواق شمال غزة .
وانت تسير في ممرات السوق القديم في مخيم جباليا تجد تجهمهر الناس حول شخص يبيع كيس طحين حصل عليه للتو من الشاحنات التي وصلت في ساعات الليل ، وتجده مرهقا وتعبا وهو يبيعه بالكيلوات .
وتستمر في السير تجد أفرادا يبيعون آواني الطبخ وأدواته القديمة للحصول على بعض المال ، تذهب إلى زاوية اللحوم تجدها فارغة وإلى مكان بيع الأسماك فلا تجد شيئا ،والى محال الفواكه تجدها مغلقة ، وأما المكان الفسيح الذي كان مخصصا لبيع الخضروات فإنك لن تجد أي شئ .
بعد جولة السوق تخرج منه كما دخلته والنتيجة صفرية ، وتبدأ في تدبر أمور الطعام وتسأل ماذا يمكن أن نأكل اليوم ؟ وهذا الحال يبقى على حاله طالما لم يتم إغاثة أهل غزة ويبقى الوسم مستمرا #شمال_غزة_يجوع .

بالتزامن مع جولة السوق ، تستعد قوافل من الشبان للتوجه إلى المناطق الغربية وتحديدا شاطئ البحر لانتظار ما يمكن أن تلقيه الطائرات المحملة بالمساعدات والطرود الغذائية ، وفي ذلك يحدث الكثير من التدافع والازدحام الشديد ، ومنهم من يخوض البحر من أجل الحصول على ما أمكن من تلك الطرود التي تخطأ تلك الطائرات كثيرا في إسقاطها على اليابسة .

هذه قوافل الصباح ، وأما عن قوافل الليل التي تستمر حتى ساعات الفجر الأولى فإنها تستقي الأخبار أولا لمعرفة هل شاحنات المساعدات ستصل دوار النابلسي الذي يقع غرب مدينة غزة أم دوار الكويت إلى الشرق من مدينة غزة ، وفي حال التعرف على وجهة تلك الشاحنات يتحرك الشبان بالآلاف ، ومنهم يعود سالما غانما ومنهم من يعود بخفي حنين ومنهم من يعود مصابا وآخرين يعودون شهداء محملين على الأكتاف ، ورغم ذلك تتكرر قوافل لقمة العيش رغم تغمسها بالدم والعرق والأرق .
وينقسم الناس هنا إلى قسمين فمنهم من يذهب للحصول على كيس طحين او معلبات لإطعام أهل بيته ، وأما القسم الآخر فيذهب لبيع ما يحصل عليه لأنه يريد المال لحاجاته المتعددة خاصة في حال كان لديه من أفراد أسرته مريضا أو جريحا ، وكان الله في عون الناس .