الأحد: 29/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

حماس بين الفلسطنة والاخونة

نشر بتاريخ: 17/03/2024 ( آخر تحديث: 17/03/2024 الساعة: 20:09 )

الكاتب:

السفير حكمت عجوري

ليس لدي شك في ان انقلاب حماس على السلطة سنة 2007 كان بتكليف من حزب الاخوان المسلمين من اجل خلق جغرافيا سياسية مستقلة للحزب بعد ان تقطعت به السبل ما بين السجون واللجوء على الرغم من وجود دول راعية لقيادات هذا الحزب وتحديدا تركيا وقطر ولكن هذه القيادات تعلم بان هذه الرعاية مشروطة اساسا بخدمة مصالح هذه الدول اضافة الى ان هذه الرعاية كانت برضى وقبول من امريكا التي تولت امر حزب الاخوان بعد ان نمى وترعرع في حضن بريطانيا منذ نشأته وذلك من اجل توظيف هذا الحزب مستقبلا او عند الحاجة كما حدث ابان فترة حكم عبدالناصر وكما حصل في مصر و الاطاحة بنظام حسني مبارك.

حزب الاخوان او حركة الاخوان تاسست سنة 1928 في مصر باحتضان من قبل السفارة البريطانية التي صارت تمد هذا الحزب بالمال لما رأت في هذا الحزب من قدرة كامنة لمواجهة الخطر الحقيقي على مصالح الاستعمار الغربي في المنطقة العربية وهو الحس القومي الطامح لبناء وطن عربي واحد من المحيط الى الخليج وذلك من خلال تسخير وتوظيف لكل مكامن القوة الممكنة والمتوفرة بين شعوب العرب من لغة ودين وتراث وثقافة وتاريخ مشترك .

علاقة حزب الاخوان بفلسطين لا تفرق كثيرا عن علاقته باي دولة اسلاميية اخرى لان رسالة هذا الحزب وطموحه هي الامة الاسلامية وليس الامة العربية وهي التي عبر عنها محمود الزهار احد قيادات حركة حماس بالقول ان فلسطين هي مجرد سواك /مسواك اسنان في ادبيات حزب الاخوان الذي تنتمي له حماس وهو ما قادني الى القول بان الانقلاب الحمساوي على السلطة الشرعية كان بتكليف ولمصلحة هذا الحزب وليس مصلحة فلسطين خصوصا وان دولة الاحتلال هي من مهد لنجاح الانقلاب بالانسحاب احادي الجانب من غزة سنة 2005 دون اي تنسيق مع السلطة الشرعية الحاكمة في غزة في حينه اضافة الى انها اي اسرائيل ساهمت في نجاح الانقلاب واستمراره عن طريق تسهيل وصول المال القطري الى حماس وهو ما اقر به كل من ايهود باراك ورئيس جهاز الامن الاسرائيلي الداخلي الشين بيت حيث اعادوا على مسامع العالم عبر حديث مصور قبل بضعة ايام بان النتن ياهو ومنذ الانقسام بين غزة والضفة وهو يمد حركة حماس باسباب البقاء والاستمرار في حكم غزة لاضعاف السلطة الفسطينية ومنع قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران وهذا يفسر حجم الضرر الذي الحقه الانقلاب بالمشروع الوطني الفلسطيني وساهم كثيرا بعدم تطوير الاعتراف الاممي بدولة فلسطين بعد ان اعترف العالم من خلال الجمعية العمومية بفلسطين كدولة ولو بدرجة مراقب سنة 2012 .

الا ان ما حصل في السابع من اكتوبر وما تلاه لا يشبه بشيء ما سبقه من الذي ذكرته انفا لاني اعتقد انه انقلاب حمساوي فلسطيني على الانقلاب الحمساوي الاخواني لسنة 2007 بدليل انه حصل من دون التشاور مع قيادات حماس الاخوانية في الخارج وبدليل انه كان يهدف اساسا لتحرير كل سجناء الحرية من ابطال فلسطين القابعين في غياهب سجون الاحتلال ومن كل الفصائل بدون استثناء بمن فيهم قيادات من فتح والجبهة الشعبية وحماس وهو هدف نبيل يؤسس لاعادة اللحمة واعادة بناء الوحدة الوطنية التي تسبب الانقلاب الاخواني بتدميرها وضرب المشروع الوطني الفسطيني بمقتل .

طبعا من غير الممكن لاي عاقل ان يغض الطرف عن الدمار الذي تسبب فيه طوفان الاقصى وما زال وعلى مدار 163 يوم متواصلة بدأت بعدوان صهيوني انتقامي من قبل دولة الاحتلال ولكنه لم يتوقف كما بقية الاعتداءات الهمجية الصهيونية السابقة على غزة والتي لم تتعدى الخمسين يوم على اقصى حد الا ان ما يحصل الان هو شيء غير مسبوق لا مثيل له لا في فلسطين ولا في غيرها حتى انه تفوق بقوته التدميرية على النكبة الاولى بمعنى ان ما يجري في غزة وباعتراف العالم هو حرب ابادة جماعية وتطهير عرقي تقوم بها دولة الاحتلال ضد الغزيين الذين هم اصلا من حملة مفاتيح العودة خصوصا وان ثلثي سكان غزة هم من اللاجئين الذين هجروا من ديارهم في قرى وبلدات داخل اراضي ال 48 بمعنى ان دولة الاحتلال بقيادة المريض النفسي النتن ياهو وزمرته الفاشية استغلوا احداث السابع من اكتوبربابشع ما يمكن على الرغم من انهم انفسهم من جعلوا منه يوما دمويا كما اصبح معروفا بشهادة شهود العيان الاسرائيليين ولكن الزمرة الفاشية فعلت كل ذلك لخلق غطاء لاكمال ما عجز عنه اسلافهم في حرب النكبة الاولى مستغلين ايضا بدعة الدفاع عن النفس التي وافقهم عليها شركائهم على الرغم من انها حرب ابادة مكتملة الاركان ضد الشعب الفسطيني

السابع من اكتوبر وعلى الرغم من كل هذه التضحيات الجسام وغير المسبوقة في تاريخ الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الا ان هذا اليوم اضاء بدماء الضحايا الغزيين الابرياء الشموع في عالم كان قبل هذا التاريخ مظلم لا يرى فيه الناس شمس الحقيقة بعد ان اطفأتها ماكنة الدعاية الصهيونية تارة بهول المحرقة النازية واخرى بققوة سيف العداء للسامية وذلك من اجل مرير الرواية الصهيونية الكاذبة وتبرير كل كا ما ترتكبه اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال من جرائم بحق الفسطينيين تحت احتلالها.

يقول البعض انه لولا السابع من اكتوبر لما حصل كل ما حصل في غزة والذي هو فعلا تدمير غير مسبوق للبشر والحجر وانا في الحقيقة كنت من هؤلاء في لحظة مجافاتي للحقيقة ولكني وكما غيري من المدركين العارفين بطبيعة الحركة الصهيونية العنصرية نعلم بان هذه الحركة لم تكن بحاجة الى ذريعة لابادة الفلسطينيين كما قال الصهيوني الذي استولى عنوة على بيت فلسطيني في الشيخ حراح في رده على صاحبة البيت الفلسطينية بانه لو لم يستولي على البيت هو نفسه لاستولى عليه صهيوني غيره وهو ما يعني ان ابادة الفلسطينيين كهدف ما زال موجود على جدول اعمال كل حكام بني صهيون بدليل النكبة الاولى وكل ما لحقها من مجازر وبدليل ما يحصل في الضفة وبدون حماس وبدون ذريعة وهو قتل 425 فلسطيني وجرح اكثر من عشرة اضعافهم واعتقال 7500 فلسطيني والزج بهم في سجونه دون وجه حق وهذا فقط منذ السابع من اكتوبر وهو ما يشجعني على القول بان توجيه اللوم لحماس على السابع من اكتوبر من قبل اي فلسطيني هو مجافاة للحقيقة.

انا لم اكن يوما على وفاق ايدولوجي مع حركة حماس الاخوانية ولن اكون ولكني على وفاق مع حماس الفلسطينية التي ولدت في السابع من اكتوبر لاني ارى فيها توأمة مع حركة فتح التي انتمي اليها ايدولوجيا وعاطفيا وقبليا منذ سنة 1969 وهو ما يشجعني على القول بان السابع من اكتوبر وطوفانه حتى وان فشل في تحقيق الهدف بتحرير كل اسرانا الذين دفعوا حريتهم ثمنا من اجل ان نعيش بكرامة فانني بلا شك بل وعلى يقين بان الطوفان نحج حتى ولو عن غير قصد في تحرير شعوب العالم من براثن الحركة الصهيونية.

الصهيونية وكيانها تعرت في غزة كحركة عنصرية نازية فيما تفعله من ابادة جماعية وتطهير عرقي بحق الفلسطينيين واصبحت بسبب ذلك تحتضر على المسرح الدولي و في ذاكرة الشعوب ولكن شهادة وفاتها مشروطة بانهاء الانقسام وعودة اللحمة من خلال الوحدة الوطنية بعد ان اصبح واضحا وضوح الشمس على ان المستهدف من الصهيونية وكيانها هو الكل الفلسطيني بمن في ذلك الرئيس الفسطيني نفسه.