الكاتب: د. محمد عودة
رغم سُّمو الهدف وإخلاص القائمين على العريضة ( نداء من اجل قيادة فلسطينية موحدة ) فقد فات غالبيتهم عن غير قصد ان هناك ممثل شرعي ووحيد يمثل الشعب الفلسطيني في كل اماكن تواجده .لذلك اعتقد ان القلة القاصدة تطمح الى شرخ المنظمة وبالتالي العمل على ايجاد بديل وفي احسن الاحوال جسما منافسا مما يفقد المنظمة جزء من شرعيتها دوليا ويطرح شرعية رديفة الاعتراف بها يحتاج الى مزيد من الدم الفلسطيني.
اننا بحاجة الى نمط جديد من التفكير من اجل رأب الصدع وانجاز وحدة الشعب والارض بانجع وسيلة في مواجهة التحديات الراهنة التي تعصف بالشعب الفلسطيني خاصة العدوان الهمجي في الضفة الغربية والقدس والابادة الجماعية الممنهجة في القطاع الجبيب.
كلنا نعرف ان هناك غياب للتقييم الدوري الذي يعد أساس التقويم،حيث ان تصويب وتقويم اداء المنظمة يشكل ضرورة لكنها لا تبيح المحظورخاصة وان الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد على المستويات كافة، محليا واقليميا ودوليا، كلف الشعب الفلسطيني ثمناً غالياً، قوافل من الشهداء والجرحى والاسرى.
ان برنامج منظمة التحرير الفلسطينية يحظى بإجماع وطني تبنته كل الفصائل في المجالس الوطنية المتعاقبة ثم ان العديد من قادة حماس في أكثر من مناسبة طرحوا ما هو اقل من برنامج المنظمة، وعليه فان الطريق الاسلم هو ان تتبنى القوى غير الممثلة فيها كحماس والجهاد الاسلامي وغيرهما هذا البرنامج كشرط للانضمام لمؤسسات المنظمة.
عندما تصبح هذه الفصائل جزءاً من المنظمة كإطار يمكن حينها الدعوة لعقد مجلس وطني يناقش كل الاقتراحات المطروحة بما فيها اجراء الانتخابات بعد دراسة جدواها خاصة وان امكانية عقدها في بعض دول الشتات وفي الداخل غير ممكن وبالتالي فإن اجرائها يعني بالضرورة استثناءً الفئتين المشار اليهما سالفاً واللتين تشكلان نسبة عالية قد تزيد عن ثلث الفلسطينيين، وبالتالي تُفقد المنظمة خاصية تمثيل الكل الفلسطيني.
في هذه الحالة وكخيار بديل يمكن التعامل مع دولة فلسطين تحت الاحتلال كحالة خاصة تُجري فيها انتخابات تشريعية تمثل فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1967. ورئاسية تمثل الشعب في كل اماكن تواجده (بالضرورة ان يكون المرشح للرئاسة هو مرشح منظمة التحرير الفلسطينية يجمع بين رئاسة المنظمة ورئاسة السلطة).
في الحقيقة ان عدد الموقعين على العريضة مهما كبُر ورغم أهمية دورهم الطليعي سوف لن يشكل الا نسبة ضئيلة من ابناء الشعب الفلسطيني وعليه فان الخوض في نقاشات على وسائل التواصل والوصول الى نتائج واستخلاصات لا يمكن ان يعتبر مقياسا لتطلعات الشعب وبناء عليه فان النقاش بالضرورة ان يحصل ضمن الاطر خاصة وان اعضاء المجلس في حال انضمام الفصائل الغائبة سيشكل تمثيل جدي لكل المُحزبين.
إن نسبة المنتخبين في المجلس الوطني تتجاوز الستين في المئة من الاعضاء، و هم اعضاء التشريعي، ممثلي الاتحادات والنقابات، ممثلي الفصائل وممثلي بعض الجاليات.
ان الفكرة المطروحة في الغالب ستفضي الى شرذمة جديدة لا تُحمد عقباها لان برامج الاطراف مختلفة وربما متناقضة ولا يمكن دمجها ،لذلك فان حل موضوع التمثيل يتم بانضمام الفصائل ثم اجراء نقاشات ومشاورات جادة ومسؤولة داخل اطر المنظمة ستفضي الى تطوير في البرنامج بما يتناسب مع المرحلة وبالتاكيد تحسين الاداء. ولو كنت من القائمين على العريضة لطالبت الفصائل غير المنضوية بالدخول الى المنظمة في إطار برنامجها الوطني وان اي اصلاحات في حينها ستصبح ممكنة.
ان مقدمة العريضة يمكن إساءة فهمها او في أحسن الاحوال تعدد طُرق تفسيرها وربما تُأول بغير المرجو منها . لذلك ومن اجل عدم السماح لاي اجندات بتخريب ما هو قائم على علاّته قد يكلفنا قرنا من الزمن للحصول على اعتراف بممثل جديد.
اعتقد جازما ان اي وطني غيور لا بد وان يكون مع اصلاح منظمة التحرير الفلسطينية ودمقرطتها ولكن ليس باي ثمن ولا في الزمان والمكان الخاطئين. كما لا يجوز تبديل الاولويات، فالتصحيح دوما من الداخل والهدم بالتاكيد من الخارج.
لتبقى منظمة التحرير الفلسطينية البيت والاطار الجامع لكل ابناء شعبنا الفلسطيني.