الجمعة: 27/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

لطفا أيها السادة فلسطين قادمة !

نشر بتاريخ: 30/04/2024 ( آخر تحديث: 30/04/2024 الساعة: 10:48 )

الكاتب:

د. حازم قشوع

الاستعداد لوقف إطلاق النار لا يعني الالتزام بقواعده إلا إذا كان مقرونا بضمانات من قبل الدول الراعية أو المتداخلة على أدنى تقدير، وهو الأمر الذي من المهم بيانه حتى يصبح باب الهدنة أمن ويمكن الدخول عبره الى حاضرة التسوية لكي لا تبقى تل ابيب تتلاعب بدبلوماسية البيت الابيض باستخدام مفردات سياسية مقروءة جيدا فى قاموس مصطلحات بيت القرار العربي، هذا ما يجب على تل أبيب وواشنطن معرفته عند بيان موقفها الذى يحمل مضامين من الريبة كما تحمل نتائجه في المحصلة الكثير من الهواجس ليس عند فصائل المقاومة بل عند النظام العربي برمته.

لان هدنة الستة أسابيع المطروحة ستعنى بالمضمون إعطاء فرصة للقوات الإسرائيلية لاعادة انتشارها واعادة تموضع آلياتها بعد أن خرجت معظم قواتها من قطاع غزة ولم يبقى منها بداخله سوى القوات الخاصة على الشريط الفاصل بين شمال القطاع وجنوبه فى نتساريم وهذا ما يعني أن معركة رفح لن تكون بريه فى البداية بل ستكون جوية و ستحمل قنابل وصواريخ استراتيجية نوعية كانت قد وصلت لإسرائيل بهذه الاثناء من الولايات المتحدة قبل استهلال جولة الوزير بلنكن للمنطقة.

وهي بحاجة لترتيبات لوجستية لاعدادها في فترة الستة أسابيع المطروحة والتي ستسمح بإنجاز ايضا الميناء قيد الانشاء فى هذه الفترة ليتم من بعد ذلك اعادة احتلال قطاع غزة ومن ثمة الضفة الغربية، وهو ما يعني بالمحصلة ان هواجس الرئيس الفلسطيني محمود عباس فى مكانها وان موضوع التهجير لم ينتهى من أجندة الحكومة الاسرائيلية كما أن اعادة صياغة خارطة جديدة للمنطقة بوسائل التهجير الديموغرافي مازالت حاضرة في أجندة العمل التى يتم ترسيمها.

اما اذا كان الامر غير ذلك وهو ما نتمناه والإدارة الأمريكية تضمر خير وسلام للمنطقة وشعوبها فإن عليها واجب طرح حل يحوي ضمانات تسمح بوصول الجميع لإحقاق تسويه طالما تحدث عنها الرئيس بايدن تقوم على الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ودعم قوام إعلان الدولة سيما وأن حماس قد أعلنت عن التزامات بمرجعية منظمة التحرير وأنها جاهزة لنزع سلاحها فور الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو من المفترض أن يشكل مدخل للحل وعنوانه هذا إذا كان الجميع يريد السلام ولا يسعى لتعظيم نفوذ إسرائيل في المنطقة على حساب الكل العربي.

لكن الأقوال بعيدة عن مضمار الأفعال وصور الترسيم تشي بغير ما يقال بدلالة أن ما يحدث من أعمال بعيدة فى ترسيمها عن وحى رسمها فبدلا أن ينصب البحث فيها حول مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتصبح منظمة التحرير "الدولة" بموجب هذا الاعتراف قادرة للتعامل مع هذا المشهد بكل تعقيداته بما فى ذلك وقف تدخل القوى الإقليمية والدولية في الشأن الفلسطيني يأتي الطرح الأمريكي بالمضمون الاسرائيلي من باب ذر الرماد في العيون من مدخل هدنة لا تحمل صيغة جملة مفيدة يمكن البناء عليها لتحقيق تسوية وهو الطرح الذي لا يخدم سوى معنى واحد يقوم على تبريد الأجواء في المنطقة والعالم.

وذلك بعد أن تدحرجت كرة الثلج الشبابية بالحاضرة الامريكية حتى أخذت هذه الحركات الطلابية تشكل كابوس عند تل ابيب في حال قررت اجتياح رفح وكما أخذت هذه الحركات الطلابية تعصف في بيت القرار الأمريكي الذى يدخل فى طور الانتخابات الرئاسية، وهو ما جعلها تشكل أداة ضاغطة ووسيلة مؤثرة فى بيت القرار عندما أخذت تنتشر بطريقه أفقيه فى صفوف المجتمعات المحلية وأخذت تظاهراتها تبدع بابتكار رمزيات تجسيدا لمعاني الحرية لتشكل حالة استقطابية في الحاضنة الشبابية على تنوع الاديان فيها وتعدد أعراق منخرطيها فيشارك فيها اليهودي كما المسيحي والمسلم ويشارك الانجلوسكسون كما السلافى واللاتيني وكما الإغريقي والإفريقي كما الصيني والعربي والفارسي في حملتها كما تناصرها معظم القوى الليبرالية اليسارية منها والمحافظة وهو ما جعلها تصبح ظاهرة عنوانها الحرية.

عندما أخذ الجميع يبتكر عبر تظاهراتها وسائل تجسيدية اتخذت من قطعة "البطيخ" تارة لها معنى ألوان العلم العربي والفلسطيني وتارة أخرى تذهب تجاه "المقلوبة" الفلسطينية برمزية الانقلاب على الطغيان و التى يتم تقديمها للطلبة من قبل الجالية العربية في نيوجيرسي ونيويورك وهي الدلالات التي غدت تشكل حالة ورمزية للاعتصامات الدائرة هناك كما رقصة الهنود الحمر للسكان الأصليين لأمريكا التي يتم تعريبها لتكون حاضرة على امتداد الجامعات الامريكية لينشد الجميع عبرها leve palestina.

إن التضحيات الجسام التي يقدمها الشعب الفلسطيني على مدى قرن من الزمان تثبت بالدليل والبرهان بأن الشعب الفلسطيني لن يقبل سوى فلسطين حيث تاريخه وهويته وتؤكد بأن الشعب الفلسطيني لن يقبل بغير فلسطين بحدودها التاريخية وطنا له مهما حاولت اسرائيل وقواها من ابعاده لتحقيق أهدافه وفى سماء وطنه كما على ترابه وهو ما يثبته التاريخ عندما أخذ الفلسطيني معه فلسطين حيث كان فى المهجر وعاد لينتصر إليها حيث هو ولم تبعده الجغرافيا ولا عصرية ثقافتة عن هويته لانها ساكنه فى قلبه وعقله كما هى حاضرة بيد الطفل الفلسطيني في الضفة والقدس والقطاع.

ولن تثنية كل وسائل الترويع والتجويع والتهجير من مواصلة نضاله فلا الجغرافيا قادرة على ابعاده ولا رغد العيش جعله ينسى فلسطين، هذا ما تظهره قيادات القسام والاقصى والجهاد كما بقية فصائل المقاومه التى تقف فى مواجهة قوات الاحتلال المؤيدة من دول المركز لكن إيمانه بعدالة قضيته جعلته واثقا من استعادة كرامته شعب ابي الا ان يكون له عنوان حاضر فى خارطة البيان وهو ما تجسده قيادة المقاومة التي معظم قياداتها هم اطباء ومهندسين كما انهم يحملون جنسيات أمريكية و سويدية و فرنسيه وبريطانيه ونرويجية وأسترالية ومع ذلك تركوا كل شىء من اجل فلسطين لأنها تشكل لديهم الكرامه والكبرياء.

فإذا كان بيت القرار السياسي بحاجة الى عامل ذاتي موحد و صلب ومقاوم ليتم إقرار القرار، فان الكل الفلسطيني شكل ويشكل هذه الحالة عبر عقود من النضال وإذا كان القرار السياسي بحاجة لحاضنة شعبية داعمة فإن العالم الحر يقف مع عدالة القضية الفلسطينية وقيمها وهذا ايضا ما هو حاضر في المشهد العام، وإذا كان القرار السياسي بحاجة أيضا لظروف موضوعية مواتية فلا أعتقد أن هناك ظرفا سياسيا أفضل من الذي تقف عليه القضية الفلسطينية لإنجاز استحقاق تاريخي للدولة الفلسطينية، فكل العوامل مواتية من أجل وصول قطار فلسطين الى القدس حيث رمزيه العروبه بدلالة السلام، فلا غزة هاشم ستهزم ولا الضفه ستكون يهودا والسامرة ولا القدس ستكون أورشليم، هذا ما ينطق به الدم الفلسطيني وما تقوله الظروف السياسيه الراهنه قبل هبه عربيه أراها قريبة تبشر الجميع بأن فلسطين قادمة.