الخميس: 26/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

من الاخر ... ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

نشر بتاريخ: 06/05/2024 ( آخر تحديث: 06/05/2024 الساعة: 08:56 )

الكاتب: د. أحمد رفيق عوض

ونذهب الى الجملة المركزية في هذا المقال سريعاً فنقول ان هذا الرصيف يخفي وراءه الكثير، و ما اخفي من مقاصده و اهدافه اكثر مما قيل حتى الان، فهو بالتاكيد ليس من اجل ايصال المساعدات لمواطني قطاع غزة، لان الخبراء يقولون و يؤكدون ان الممرات البرية افضل من البحرية بكثير، اكثر من ذلك، فان هذا الرصيف سيقلل ان لم يهمش المعابر البرية، كما انه سيضعف او يقلل من اهمية ميناء غزة المدمر و الفقير هذا ان لم ينهي دوره بالضرورة.

ان رصيفاً من هذا النوع يطرح اسئلة ليست بريئة على الاطلاق، فهو يبنى بارادة و اموال و اهداف لم يستشر فيها اي فلسطيني، و فكرة الميناء تحيلنا الى الفكرة العبقرية التي تفتق عنها ذهن وزير الخارجية الاسرائيلي الحالي (كاتس) الذي اقترح ميناء و جزيرة صناعية، كمنافذ يمكن التحكم بها تماماً بديلاً عن كل المعابر البرية و غيرها المحيطة بقطاع غزة.

ان الميناء الذي يتم العمل فيه الان ليس للمساعدات و ان كان يتم تجميله و تبريره منذ الان بانه لفتة انسانية كبيرة لقطاع غزة المحاصر و المستهدف بالموت و الجوع و الخوف في كل لحظة.

اذن، ما الذي يدفع الولايات المتحدة بكل جبروتها و دعمها الاعمى و المطلق لاسرائيل في كل اجراءاتها مهما بدت غريبة و مناقضة لكل عرف و قانون، ما الذي يدفعها الى التورط في الرمال الغزاوية و استثمار الوقت و الجهد و السمعة في بناء ما يشبه القاعدة العسكرية على شواطىء شرق المتوسط.

الا يشكل ذلك عودة للوجود العسكري الامريكي في المنطقة مع ما يجر ذلك من مخاطر امنية و استراتيجية؟

الا يعني ذلك ان الولايات المتحدة ستكون شريكة في ترتيبات اليوم التالي لقطاع غزة, اي ان الولايات المتحدة لن تكتفي بدور الراعي او المشرف او الوسيط، بل هي و من خلال هذا الميناء او القاعدة انما تبرهن على انها شريك في الحرب و نتائجها و انها تصمم المستقبل و ليس الحاضر فقط؟

الا يعني ان الولايات المتحدة بهذا الميناء تقوم فعلياً بحماية اسرائيل عسكرياً و امنياً بعد ان كشف ما جرى في السابع من اكتوبر الثقوب و العيوب الكبيرة التي تعاني منها اسرائيل؟

الا يعني ذلك ان سبعة اشهر من الحرب على قطاع غزة اثبتت ان اسرائيل بحاجة الى الغرب الاستعماري لحمايتها، و انها لا تستطيع حماية مصالح الغرب ولا حماية سكانها ايضاً؟

هل يعني ان هذا الميناء جاء لتوازنات اقليمية و دولية، بمعنى الحفاظ على ممرات مائية موجودة او قد تكون في المستقبل، او ان هذا الميناء جاء لقطع الطريق على ممرات تجارية اخرى قد تكون منافسة او مهددة لمصالح الغرب؟

و هل هذا الميناء سيكون بمثابة البوابة الكبيرة و المقبولة للهجرة الطوعية و الناعمة و طويلة المدى و الهادئة و التي لا تلفت اليها احداً؟

و هل سيكون هذا الميناء جزءاً من نظام اكبر و اوسع لكسر اية مقاطعة تجارية او انه سيكون رأس جسر بحري في اية مواجهة اقليمية؟

و الاخطر من كل هذا، هل من الممكن ان يشكل هذا الميناء عاملاً اجبارياً او مساعداً لظهور كيانية فلسطينية - بحجة الواقعية او انقاذ ما يمكن انقاذه - بادارة فلسطينية او عربية او دولية مقبولة و متفهمة للواقع و الوقائع.

الميناء العائم، الذي يبنى بقرار امريكي و مساعدة اسرائيلية و صمت متعدد المستويات يثير التساؤلات حقاً، و يدفع المراقب الى طرح السؤال البدهي : اين نحن من هذا الميناء ؟