الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
حين تتورط في شجار مع شخص مجنون فان الهزيمة المطلقة بانتظارك؛ لن تنفعك الحكمة ولا تفيدك اية قوة تملكها. انت وهو فقط في مواجهة صحراء مقفرة حتى العدم وجميع الاحتمالات الأخرى بعيدة المنال. لو ضربته بكل قوتك سوف يعتبرك الناس مجنونا، ولو ضربك هو تصبح انت مادة للسخرية والضحك، باختصار انت في ورطة كبيرة وكلما طال الصراع تقل فرص النجاة .
وإن كل ما يمكن ان تفعله سوف يكون ضدك على المدى البعيد وعلى المدى القريب؛ وحينها فقط تنظر عاجزا الى السماء وتتمنى ان يأتي اي طرف ثالث لإنقاذك من هذا الموقف البائس .
نعم تورطنا مع اليمين الصهيوني الراديكالي المتطرف، وفعلا انهم لا يخضعون لقوانين المنطق او السياسة او المجتمعات البشرية المتحضرة.. تورطنا وخسرنا الكثير، وبعد حين سوف يدرك الاسرائيليون ان خسارتهم لا تقل عن خسارتنا كما ونوعا .
رفح لم تكن الحلقة الاخيرة في مسلسل الرعب والقتل؛ ونحن والاسرائيليون الان في طائرة واحدة ضاعت في السماء، وكأن طاقم القيادة هرب بالمظلات لينجو بنفسه وتركونا نصرخ في كبد السماء!!
من يقود اسرائيل؟ من يقود امريكا الان؟ من يقرر للفلسطينيين مصائرهم؟؟ جميع القيادات تتحدث وتخرج على شاشات التلفزيون، ولكن من الذي يقرر !!
غالبا اشعر ان نتنياهو هو رئيس امريكا فهو منفصل عقليا وميكانيكيا عما يواجهه الاسرائيلي وصراخه. وأن بايدن مجرد رئيس وزراء اسرائيل ولا يهمه الشعب الامريكي بقدر ما يهمه ان يفوز مرة اخرى. وأشعر كثيرا ان جميع القيادات الفلسطينية تحمل اللقب ولكنها لا تقود قرية واحدة يحاصرها المستوطنون في الضفة الغربية .
حين فاز ترامب كتب "المثقفون" في معظم بلادنا ان هذا الرجل "مجنون" وانه سوف يحرق العالم. وحين تسلم الحكم اوقف الصراع مع روسيا ومنع حرب اوكرانيا والتقى برئيس كوريا الشمالية وزار فيتنام وزار بيت لحم ورام الله وحاول بشكل ما حل الصراع .
وجاء من يقولون عن انفسهم "خبراء" واقنعونا ان بايدن عاقل وان ترامب لا يصلح رئيسا .
كلما شاهدت صور الجرائم في غزة ورفح .. وقد صار السهد رفيقي، واحادث نفسي لوما بلا رحمة، وأهذي مع كل فجر يتسلل الى نوافذنا فاقول :
ترامب ليس مجنونا ابدا .. بل ان معظم حكام العالم وحكام الشرق الاوسط بالذات هم المجانين . ونحن تورطنا معهم ولا رجاء لنا سوى ان نطلب رحمة الله .