الكاتب: نبيل عمرو
حروب إسرائيل التي كانت تبادر بها، أو التي فاجأتها.. كانت تتم بدعم كامل من الرأي العام الإسرائيلي وتفاهمٍ بين المستوى السياسي والعسكري، غير أن الأمور كانت تتغير حين يكتشف الرأي العام الحجم الحقيقي للخسارة التي مُني بها الجيش أولاً والخسارات السياسية التي تتم على مستوى العالم.
في حرب غزة، تبدو الأمور أكثر وضوحاً على صعيد الارتدادات السلبية التي أنتجتها، ففي داخل إسرائيل، انقسام شعبي حاد حول الحرب وجدواها وانعدام انجازاتها، إلى الحد الذي ارتفعت فيه أصوات مؤثرة تدعو لوقفها أو تغيير أولوياتها، بحيث لا يكون المحتجزون في غزة هم ضحيتها المحققة ويبدو أنهم كذلك.
وعلى مستوى الجيش، الذي يحارب لمدة هي الأطول من جميع الحروب السابقة، فقد تبلور تذمر شامل جسّده رئيس الأركان وبعض الجنرالات الجريئين الذين أفصحوا عن يقينهم بعدم جدوى هذه الحرب المفتوحة على الزمن دون أفق سياسي مقنع لها، وآخرها ما قاله رئيس الأركان من أن سلوك نتنياهو في هذه الحرب عبثي.
حين يصل التذمر إلى هذا الحد على صعيد الجنرالات، فذلك معناه أنه بكل زخمه وبكل إمكانات الجيش، يخوض حرباً لا يمكن أن ينتصر فيها لأنه غير مقتنع بها، وهذه هي أحد أهم انعكاسات حرب نتنياهو على غزة.
نتنياهو صاحب مصطلح النصر المطلق، يواجه تصحيحاً من رئيس أركان جيشه، بأن المطلق عبثي، ومستحيل.
حين يقول ذلك جنرال على رأس الجيش وما يزال يعمل، ويستقيل جنرال آخر لذات السبب، ويتشارك الجنرالات جميعاً في الرغبة بمغادرة الوظيفة العسكرية في الوقت المناسب، فهذا هو أخطر ما تواجهه إسرائيل ولأول مرة في تاريخها، وكأن نبوءة وزير الدفاع الأمريكي أوستن تتحقق بالحرف.. "قد تكسب إسرائيل تكتيكاً ولكنها حتماً ستخسر استراتيجياً".
والسؤال.. ما دام الجنرالات بدأوا بإشهار تذمرهم فهل يتمردون؟