الأحد: 15/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

معاني زهر الربيع رغم الحرب الحالية

نشر بتاريخ: 14/05/2024 ( آخر تحديث: 14/05/2024 الساعة: 13:41 )

الكاتب:

سيرين نجاجرة

لم تفشل هذه الأرض في جمعِ التناقضات، تدفن في تربتها الشهداء،ثم تنبِت فوق التراب زهرَ الربيع... والآن حلَّ الربيع،رغم كل ما يمنع الحياة ،لا زال هذا الوطن مزهراً كما كان دوماً، تدوسه أرجلُ أهلِها فتنبت تحت أرجلهم زهراً يخبر عن أصلهم هذه الأرض المعروفة بتنوعها الطبيعي وثقافتها الغنية، تزخر بجمال الزهور البرية ،فهي ليست مجرد زهور عابرة، بل هي جزء من الهوية الفلسطينية وتعبير عن الحياة والأمل.... ففصل الربيع عند الفلاح الفلسطيني هو فصل المكافأةِ الزهرية،وإعلانٌ لبدء مرحلة أخرى من العمل الدؤوب،وفرصةٌ لرُؤية حبيبته الأرض وقد ازدانت ألوانها في هذه الفترة من السنة،تَلبَس الأرض حلَّةً من شقائق النعمان،هذا الزهر الذي يقف على قمم الجبال كما العلم،بألوان العلم...هذه البريّة التي تم تصنيفها على أنها الورد الوطني لفلسطين،استطاعت بالتصاقها في جذر الأرض أن تكونَ جزءً لا ينفصل عن تراثه،وجودها يعني وجوده... ومن أجل ذلك،لم تئل إسرائيل جهداً في نسب (الحنونة)لها،فاخذت تغيّر اسمها وتنسج الأغاني من أجلها وتأخذ زوارها رحلَ ربيعٍ لقطفها...ذلك لعلمهم أن شأن ضياعها من قاموس الفلسطينيين شأن ضياعهم ذاته... والى جانب شقيقة النعمان،تقف زهرة ( الأقحوان)،البيضاء ذات القلب الرحيقي المعروفة في ربيع البلاد،والتي كانت اسماً حملته أول منظمة نسويّة سريّة نشطت في مقاومة الاحتلال،جمعية(زهرة الاقحوان)،والتي شاركت في المقاومة الفلسطينية المسلحة مع الرجال الفلسطينيين في يافا، وبالذات في منطقتي كرم الصوان وسكنة درويش المحاذيتين لمدينة (بات يام)على حدود يافا جنوبا. لتجمع فيها نساء البلاد روحَ الإناث محبة الزهور وقلب الفلسطينية التي لا تزال تثأر لأرضها.. وحتى حين اتخذت الثورة الفرنسية من الأقحوان شعاراً لها،اقرَّت(مهيبة خورشيد) التي اتخذت هذا الرمز ان انتشار الأقحوان على ربوع فلسطين هو رمز طبيعي لحرية الأرض وديمومة هوية شعبها. ومروراً بزهر الزنبق الذي ينتشر على جبال قلقيلية والخليل ،إذ يرمز الزنبق إلى عشق الذات الإلهية،وحمل الإيمان في نواتها كما يحمله الشعب في قلوبهم.. وكذلك كل الزهور البرية في فلسطين،تظنها تنبُت صدفةً،فإذا بها كانت تحمل رموزاً لأجل الصمود والوطن.. تأخذ هذه الزاهية العين في رحلة ساحرة. تخبر عن تاريخٍ من الجمال والصمود،من زهور الأقحوان البري إلى زهور الأنيمون والسنبلة والقرنفل البري،في الجبال والوديان والحقول زهورٌ لها جلّ أهميَّةٍ في المحافظة على الهوية الفلسطينية. حيث تعتبر رمزًا للجمال والأصالة في الثقافة. وتعكس التنوع الطبيعي للبلاد وتعزز الوعي بالتراث الفلسطيني. ورسالةً واضحةً أن الأرض ترفُض أن تتنصَّل من ابنائها،فكلما اشتدت عليهم الحرب اهدتهم باقات الرموز لتثبيتهم...إن الاهتمام فيها يساهم في الحفاظ على الهوية الفلسطينية. ويدمي القلب تركُها للسارقين،وهي هديّة الأرض لنا في كل ربيع،باقاتٍ من الصمودِ والجمال.