الكاتب: سندس تلبيشي
لَم تكن النكبة بالنسبة للشعب الفلسطيني مُجرد قصة من الماضي البعيد بل كانت تجربة مُتجذرة في الحاضر مُتداخلة مع الأحداث الحية عبر عِدة أجيال بنكبة حرب تشرين الأول (2023) في غزة حتى يومنا هذا أيار (2024)، حيث ارتكب الاحتلال الإسرائيلي أعمال إبادة جماعية وتجريد للفلسطينيين من مُمتلكاتهم أثناء عام (1948) هذا الواقع سلط الضوء على مأساة هذا الشعب المُتواصلة على مدى ثمانية عقود مَمزوجة بالألم والفقدان والمُعاناة المُستمرة.
76 عاماً والنكبة والجراح لَم تنته بعد
وقبيل انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان قيام إسرائيل في مُنتصف أيار (1948) أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار رقم (181) في 29 تشرين الثاني (1947) وفي هذا القرار، تم تقسيم الأرض إلى دولة يهودية بنسبة (56%) ودولة عربية بنسبة (43%)، مع تدويل منطقة القدس بنسبة (1%).
تمزق الوطن وتشرد أهله في المنافي والشتات، وشهدت العديد من المُدن الفلسطينية أحداثاً مأساوية بما في ذلك التهجير الجماعي والمَجازر، وأشهرها مجزرة دير ياسين التي وقعت في 9 نيسان (1948) حيث قُتِلَ مئات الفلسطينيين المدنيين العزل على يد العصابات الصهيونية، تركت هذه المجازر أثراً كبيراً في توجيه الوعي العالمي نحو الصراع الفلسطيني وخاصة وضع اللاجئين الفلسطينيين.
حَقائق مأساوية مغروسة بِعُمق الذاكرة الفلسطينية
وخلال الحرب خسر الفلسطينيون جزءاً كبيراً من أراضيهم، حيث استولى الاحتلال الصهيوني بالقوة على نحو (77%) من أراضي فلسطين. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل شهدوا أيضاً تدمير العديد من القرى والمُدن الفلسطينية ونزوح مئات الآلاف منهم.
تم تهجير أكثر من (800) ألف فلسطيني كانوا يقيمون في الأرض التي نشأ عليها الكيان ولجأوا إلى عدة بلدان مُجاورة، ووصل عددهم الآن نحو (7) ملايين لاجئ، يعيش مُعظمهم في مخيمات الشتات بالضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المُضيفة لهم. نتجت عن هذا التهجير مُشكلة اللاجئين الفلسطينيين التي لا تزال قائمة حتى اليوم.
لم تُسفر النكبة فقط إلى النزوح الجسدي للفلسطينيين، بل امتدت لتشمل الجوانب النفسية والاجتماعية والسياسية أيضاً، هذه الأحداث المُؤلمة سَاهمت في بناء وعي وطني فلسطيني فريد، وأثارت حركة تطلعات نحو تحقيق حق تقرير المصير وحق العودة للفلسطينيين في مُختلف أنحاء العالم.
"طوفان الأقصى" لحظة حاسمة في التاريخ الفلسطيني الحديث
لا شيء يُمكنه أن يغيب فلسطين وقضيتها، فكلما تم تجاهل القضية الفلسطينية، كلما عادت لتفرض نفسها من جديد، ومع تصاعد الأحداث الهامة التي شهدناها في غزة، تفاقمت الأوضاع وانكشفت جرائم الاحتلال أمام العالم بأسره. تلك الجرائم التي أودت بحياة أكثر من (35) ألف فلسطيني، بما في ذلك الأطفال والنساء والمدنيين العزل والوضع المأساوي الذي يمر به سكان غزة نتيجة للقصف المُستمر والحصار الاقتصادي والسياسي الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي.
وفقًا للإحصائيات الحديثة التي نشرها مكتب الإعلام الحكومي، تُشير إلى وجود حوالي مليوني نازح داخل قطاع غزة نتيجة لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي.
وجد أصحاب الحق أنفسهم غرباء في وطنهم، وسادت حالة من الرعب في مدن غزة بسبب القصف المُستمر وسياسات التجويع، مما دفع السكان إلى النزوح إلى أماكن آمنة بإرادتهم تأكيداً لصمود الشعب الفلسطيني حتى اليوم ليُعبر عن عزمهم الثابث على عدم التخلي عن قضيتهم وحلمهم ووطنهم.
الحراك العالمي المُساند لفلسطين وَعد يتجدد
وفي ظل الأحداث الراهنة، تجدد الاهتمام العالمي بقضية فلسطين وعدالتها، حيث شهدت العديد من الجامعات العالمية المرموقة احتجاجات طلابية تأييداً لفلسطين وغزة، وارتفعت وتيرتها تأثيراً في أعقاب فصل (15) طالباً مُؤيداً لوقف الحرب من جامعة كولومبيا. ما جعله الحدث التاريخي الأبرز الذي تشهده الجامعات منذ الاحتجاجات الطلابية التي طالبت بوقف الحرب على فيتنام. ويعود السبب في هذا إلى الدور الحيوي الذي لعبته وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في كشف حقيقة ما يجري في الأراضي الفلسطينية وما يتعرض له الفلسطينيون من ظلم طال أمده وبلغ الثمانين.