الكاتب: وسام زغبر
لا تتوانى دولة الاحتلال الإسرائيلي عن ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة، حيث لا تغيب ساعة إلا وجريمة جديدة تضرب المدنيين العزل وجلهم من الأطفال والنساء والتي كان آخرها جريمة رفح باستهداف خيام تؤوي نازحين قرب بركسات تتبع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» راح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى.
جريمة رفح استهدفت النازحين الفلسطينيين في مناطق يدعي الاحتلال الإسرائيلي أنها في مناطق آمنة، والتي تأتي بعد ساعات على قرار محكمة العدل الدولية بإلزام دولة الاحتلال بالوقف الفوري لكل أعمالها الحربية والعدوانية في محافظة رفح، في تحد فاضح للعدالة الدولية والقانون الدولي الإنساني والضمير الإنساني.
لم تكن هذه الجريمة وغيرها من جرائم الإبادة الجماعية أن تستمر للشهر الثامن على التوالي، لولا الانحياز الأميركي الصارخ لدولة الاحتلال، وشراكتها المفضوحة في الحرب على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الفلسطينية ودورها في زرع الفوضى والاضطرابات في المنطقة وتشجيع دولة الاحتلال على التمرد على قرارات الشرعية الدولية في مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ومواصلة وزارة الدفاع الأميركية إمداد جيش الاحتلال بالمزيد من الأسلحة والذخائر والقنابل.
ولم يعد غائباً أمام الرأي العام الدولي عمق الانغماس الأميركي في العداء لشعبنا وقضيته وحقوقه وإصرارها على تدمير مستقبلهم، ولا سيما إنكار الرئيس الأميركي جو بايدن أن دولة الاحتلال ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ودفاع وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كمجرم حرب في مواجهة المحكمة الجنائية الدولية ومدعيها العام كريم خان الذي طلب من المحكمة استصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير حربه غالنت لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية، والموقف الأميركي المعادي لمحكمة العدل الدولية والتحريض عليها بعد دعواتها لدولة الاحتلال لوقف جرائم الإبادة الجماعية في محافظة رفح.
إن الاصطفافات والمواقف الدولية المتقدمة لجانب شعبنا الفلسطيني وحقوقه وقضيته الوطنية بدءاً من اعتراف عدد من الدول بدولة فلسطين، وطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية باستصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالنت، والأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية الداعية لوقف فوري للحرب العدوانية الإسرائيلية على محافظة رفح، هي انتصار لشعبنا وشهدائه وجرحاه، وانتصار لصموده وثباته وللقضية الفلسطينية وعدالة الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا الفلسطيني.
ومن الواضح أن كافة الخطوات والإجراءات القانونية الدولية تجعل من دولة الاحتلال دولة مارقة وكياناً مطلوباً للعدالة الدولية لتمرده على قرارات الشرعية الدولية، ما يوجب على دول العالم التي تحترم القوانين الدولية إعادة صياغة علاقاتها مع دولة الاحتلال وفق هذا المعيار.
إن الولايات المتحدة الأميركية تناصب العداء لشعبنا الفلسطيني وحقوقه الوطنية، وتنكر ارتكاب دولة الاحتلال جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والتي تتوسع إلى الضفة الغربية، ويواصل رئيسها بايدن بالتصريح أنه «لو لم تكن إسرائيل موجودة لصنعناها» وتطاوله الوقح على المحكمة الجنائية، وبلورة أعضاء الكونغرس الجمهوريين مشروع قانون لملاحقة كريم خان وقضاة المحكمة الجنائية لفرض عقوبات ضد شخوصهم ومنعهم من دخول الولايات المتحدة، ما يتطلب امتلاك استراتيجية وطنية شاملة ترتقي لمستوى الحدث وتطوراته ومخاطره ومغادرة سياسة الانتظار والرهانات الخاسرة على الولايات المتحدة الأميركية ووعودها الكاذبة، والكف عن التعامل معها كطرف وسيط بين السلطة والاحتلال، وبين المقاومة والاحتلال، بل طرفاً معادياً لشعبنا الفلسطيني وحقوقه وقضيته الوطنية وشريكاً للاحتلال في جرائم الحرب والإبادة الجماعية في قطاع غزة والضفة بما فيها القدس المحتلة.
وأخيراً، أليس من العار أن تضج الجامعات الأميركية والأوروبية بالتظاهرات والاحتجاجات تنديداً باستمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، بينما هذا المشهد غائب عن الجامعات في الدول العربية والمسلمة، وأليس معيباً أن تعم التظاهرات العواصم والمدن الأميركية والأوروبية بينما حجم الاحتجاجات في الدول العربية والمسلمة ضعيف للغاية، وأليس مخجلاً أن تعترف عدداً من الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية وتغلق السفارات والقنصليات وتطرد السفراء الإسرائيليين في العواصم الأوروبية، بينما تواصل عدداً من الدول العربية والمسلمة علاقاتها مع دولة الاحتلال وتفتح أجواءها أمام طيرانها ودون استدعاء السفراء والقناصل الإسرائيليين للتوبيخ بالحد الأدنى.