الكاتب: بسام زكارنه
العالم يُجمع الان انه من الضروري وقف الابادة الجماعية في قطاع غزة ، و هذا يعززه اجماع فلسطيني تام بما يشمل شقي الوطن ، حيث ان حياة المواطن اصبحت جحيم ، نتيجة القصف الهمجي والعشوائي والذي أدى إلى قتل المدنيين بأعداد كبيرة و قصف خيام النازحين على رؤوس ساكنيها، وتوَقُف تدفق المساعدات و اغتيال المتطوعين الدوليين و العاملين في المؤسسات الدولية وسياسة التجويع و التهجير التي وصلت ذروتها ناهيك عن الوضع الصحي و التعليمي المدمر ، و بشهادة العالم ان الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل تجاوزت كل ما حدث على مدى التاريخ المعاصر من فضائع واهوال .
وقف إطلاق النار و انهاء حرب الابادة الجماعية و جرائم الحرب التي تقوم بها اسرائيل في غزة نعم يحتاج لمبادرة دولية من جهات محايدة تتسم بالمصداقية و ليس من الشيطان نفسه الذي يمول و يسلح و يدعم الحرب على غزة و نقصد بشكل مباشر أمريكا و رئيسها بايدن و طاقم ادارته الصهيونية و الذين اعلنوا جهارا و نهارا انهم يدعموا اسرائيل بكل جرائمها ، و حتى محكمة الجنايات التي استعدت للتحقيق قادة الابادة الجماعية نتنياهو وغالنت كمجرمي حرب لمحاكمتهم هددتها أمريكا و هددت قضاتها بشكل سافر رغم انها منذ فترة قصيرة دعمت هذه المحكمة عندما أصدرت أمر اعتقال بحق بوتين بسبب الحرب الروسية الاوكرانية ، فهل المجرم بايدن صاحب المعايير المزدوجة و المشارك بالجريمة بكل أركانها مؤهل ان يطرح اي مبادرة ؟! بالتاكيد لا .
المبادرة الممكن دراستها تكون من دول ذات مصداقية و احترام للقانون الدولي وتتسم بالحياد و تؤمن بالمصير و العيش المشترك للبشرية و المنفعة المتبادلة مثال جمهورية الصين الشعبية التي نجحت في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في شمال ميانمار ، واعادة العلاقات الدبلوماسية بين ايران و السعودية.
مبادرة بايدن التي لا يُعرف بنودها إذ ان خطابه يختلف عما و صل مكتوبا و تصريحات ادارته المنحازة تتناقض مع المبادرة نفسها ، و نسمع ايضا بلنكين يقول ان المقاومة المعطلة و رغم عدم استلام اي رد من اسرائيل و المقاومة ردت و رحبت و استجابت لمعظمها و فقط كل ما طالبت به توضيح للتناقض بين تصريحاته و ان يكون هناك جهات ضامنة أخرى مثل الصين و روسيا و تركيا ، فلماذا الخوف من وجود جهات ضامنة اضافية ؟ بالتاكيد السبب ان امريكا و اسرائيل يريدان الالتفاف على اي اتفاقية .
مجلس الامن طالب لأكثر من مرة بوقف اطلاق النار من خلال مشاريع لدول محايدة لكن الفيتو الأمريكي عطلها ، فلماذا الان وافقوا على اصدار قرار من مجلس الامن ، و الواضح ان السبب ان اللعبة الأمريكية محبوكة للخداع و رغبة أمريكا التي وضعت مبادرة منحازة لاسرائيل ان تضع المقاومة في موقف المُعطل لوقف اطلاق النار ، و رغبة بايدن و القادة الاسرائيليين في استكمال عملية الابادة الجماعية .
المبادرة الأمريكية تحدثت عن الاسرى الاسرائيليين ولم تتحدث عن الاسرى الفلسطينيين، المبادرة تحدثت عن وقف مؤقت للحرب ولم تتحدث عن وقف دائم ، المبادرة تحدثت عن عودة المدنيين لمناطق سكناهم ولم تتحدث عن رفع الحصار بعد الحرب والمبادرة تحدثت عن الأعمار دون ضمانة لذلك ، المبادرة تحدثت عن الاسرى الإسرائيليين و لم تقارن بين معاملة الأسرى الفلسطينيين بامثالهم الاسرائيلين ، رغم ان كل الشواهد تفيد ان سجون الاحتلال اليوم باتت مقابر جماعية للفلسطينين و مقابلها يعيش الاسرى الاسرائيليين كانهم في فندق خمس نجوم و الخطر عليهم فقط من القصف الإسرائيلي، المبادرة لم تضع خريطة الانسحاب الكامل والشامل من كافة اراضي قطاع غزة بما في ذلك معبر رفح و محور فيلادلفيا باختصار هناك الكثير من النقاط الغامضة والتي بحاجة للتفسير.
وعليه فمن حق المقاومة الوقوف على كل هذه الإشكالات و التناقضات الكبيرة في المبادرة و الأصل رفضها لو كانت كاملة بما ان بايدن مشارك في الجريمة .
المعروف ان إسرائيل تريد عودة أسراها بعد ان انعدمت فرصة تحقيق اهدافها المستحيلة و هذا الأمر مقبول للمقاومة مقابل وقف شامل و دائم لاطلاق النار و الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بضمانات راسخة ، و هذه التقاطات واضحة فلماذا مبادرة التوهان الأمريكية .
بايدن و أمريكا بيدها الحل بشكل شامل لو أقرنت ذلك بالفعل و ليس ببيع الوهم ، بامكان أمريكا الاعتراف بدولة فلسطين و فرض حل الدولتين و إلزام اسرائيل و غيرها بذلك و هي وحدها تملك هذه القوة ، وليس استخدام حق النقض الفيتو ضد العضوية الدائمة لفلسطين في الامم المتحدة ، و ليس اعتبار منظمة التحرير ارهابية و اغلاق مقارها ، و نقل سفارتها للقدس المحتلة و رفض حتى اعادة فتح القنصلية في القدس العربية التي هي موجودة قبل إنشاء الكيان الإسرائيلي ، و بامكان أمريكا إلزام أوروبا و العرب بدعم عملية السلام و دعم السلطة الوطنية الفلسطينية و ليس منع تلك الدول من دعم موازنتها ، بامكان أمريكا إلزام إسرائيل بعدم حجز اموال السلطة من قِبل اسرائيل و منع الاستيطان و منع عربدات المستوطنين و احراق القرى و قتل الأبرياء في الضفة الغربية ، بامكان أمريكا محاسبة اسرائيل على ما تقوم به من تدمير البنية التحتية في المدن الفلسطينية كما تفعل اليوم في جنين ، بامكان أمريكا وقف سياسة الإعدام الميداني في الضفة الغربية للأطفال و المدنيين ، لكن يا سادة كل ذلك تحميه و تدعمه أمريكا و بايدن بالمال و السلاح و التخطيط و التنفيذ وكل ما نسمعه من مواقف أمريكية كذب و بيع الوهم .
قرار الحرب والسلم بيد أمريكا و إسرائيل احد أدواتها في المنطقة وكل ما تقوم به الولايات المتحدة هو بيع الوهم للتغطية على جرائمها، ومبادرة الشيطان بايدن احد تلك الوسائل ، وهو لن يستطيع خداع العالم و لا خداع الشعب الفلسطيني و حتى لا يستطيع إقناع شعبه و طلاب الجامعات الأمريكية بصدقه ، و سيعرف الجميع حتى لو وافقت المقاومة على كل بنودها لن يتوقف مشروع القتل و التدمير للشعب الفلسطيني إلا بقوة الاحرار من العالم الحر و الامة العربية و الإسلامية ، و هنا لا بد من دعوة لجمهورية الصين و روسيا و البرازيل و إيرلندا و جنوب أفريقيا انتم و امثالكم فقط من يطرح مبادرات تنهي الجرائم ضد الإنسانية و ضد القانون الدولي التي تقوم فيها إسرائيل في غزة ، بل هي واجبكم لوقف الابادة الجماعية لشعب اعزل تحت الاحتلال .