الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

في نقاش وحدانية وشرعية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني

نشر بتاريخ: 23/06/2024 ( آخر تحديث: 23/06/2024 الساعة: 11:01 )

الكاتب: يونس العموري

في ظل التشكيك بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة اماكن ‏تواجده، وفي ظل الواقع الفلسطيني الراهن ووقائع الشرذمة والتجاذبات وتصفية الحسابات ما بين الكبار ‏والامراء ، وبصرف النظر عن مناصرة الحق وللحق وجهات نظر مختلف عليها، وفي ظل الأطروحات ‏السياسية الجديدة القديمة التي تتمثل بالكثير من الاجتهادات التي باتت بعيدة كل البعد عن الثوابت والحقوق ‏التاريخية للشعب الفلسطيني وجماهيره المناضلة في سبيل الحرية وتقرير المصير وانجاز الدولة وعاصمتها ‏القدس غير القابلة للقسمة او التقسيم ، وبحق السيادة الوطنية غير المنقوصة، وفي ظل إسقاط الحق ‏المشروع والعام بالمقاومة على مختلف أشكالها وتنوعاتها وأرقى أشكالها المسلحة بشكل او بأخر ، وفي ظل ‏مؤامرة انهاء وانتهاء ومحاولة شطب المنظمة كعنوان تمثيلي للشعب الفلسطيني بشكل حصري ووحداني، ‏وفي ظل تناقض وتناحر الخطاب الفلسطيني الذي لا يرتقي لحد التنسيق المشترك ولا حتى للحد الأدنى من ‏التوافق على مختلف القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها قضايا الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، ‏وفي ظل التجرؤ على وحدانية وشرعية التمثيل للإطار المنظماتي الجبهوي وتحديدا من جهات تدعي البحث ‏الأكاديمي او التنظير الفكري السياسي البعيد عن وقائع الواقع الفلسطيني عموما ، وفي ظل هذا الكم الهائل ‏من تضارب المواقف وخربشات اللحظة.

وقد يكون هناك وجهة نظر لطرح تساؤل حول منظمة التحرير وهل ما زالت الممثل الشرعي والوحيد ‏للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده…؟؟ وهو الشعار الذي لطالما بقي الأكثر وضوحا والأكثر قبولا ‏للجماهير الفلسطينية بمختلف مناطق الأراضي الفلسطينية المحتلة وأماكن الشتات واللجوء، وقد شكل هذا ‏الشعار مرتكزا أساسيا من مرتكزات تشكيل منظومة الوعي الوطني والقومي للفلسطينيين بمختلف اماكن تواجدهم ‏وتنوع مذاهبهم ومشاربهم الفكرية والأيدلوجية وبالتالي رؤاهم السياسية، وأمام هكذا مستجدات وفي ظل هذه ‏التطورات والتداعيات في البحث عن الحلول (الخلاقة) والهرولة وراء الحل بصرف النظر عن طبائعه إن ‏كان فعليا سيحقق الحد الأدنى من الأهداف الفلسطينية، وكما أسلفنا في ظل تراجع وتخبط الخطاب الوطني ‏الفلسطيني وعدم مقدرة المؤسسة الفلسطينية على إنتاج خطاب وطني موحد قادر على مواجهة تشرذم ‏وتشتت الأطروحة الفلسطينية تصبح معها مسألة وحدانية وشرعية التمثيل من قبل منظمة التحرير ‏موضع تساؤل كبير، بل من الممكن اعتباره موضع تشكك وتشكيك حول حقيقة وطبيعة وجودية هذه ‏المؤسسة التي اعتبرت بمثابة الوطن المعنوي الذي منح الشعب الفلسطيني هويته الحضارية من خلال ‏التجمع الجبهوي الشعبي الائتلافي العريض المسمى منظمة التحرير الفلسطينية والذي استوعب كل أشكال ‏الفعل الفلسطيني السياسي والدبلوماسي والشعبي والنقابي وبالتالي المسلح، وكان هذا البيت هو الحاضنة ‏التي تصب فيها كل الرؤى والأفكار ومن ثم تكون صياغة المواقف الوطنية الفلسطينية بما يتناسب وحدود ‏التوافق الوطني مع الأخذ بعين الاعتبار الهوامش للرأي والرأي الأخر في الإطار العام لمنظمة التحرير‎…‎

ان منظمة التحرير الفلسطينية ومنذ بداياتها وحتى الأمس القريب عملت على تعزيز تآلف قواها وتعزيز ‏تحالف مسارات البنادق المقاتلة المناضلة لتحرير الأرض والانسان ولم تحاول ان تعمل على شطب احد من ‏القوى والفصائل الوطنية العاملة على الساحة الفلسطينية وان كانت المناوشات والمناكفات في كثير من ‏الأحيان سيدة الموقف ما بين تلك القوى، وان حاولت تلك القوى العمل على تعزيز نفوذها وسيطرتها على ‏مؤسسات المنظمة وبرغم المحاولات المحمومة للكثير من الأنظمة العربية للعبور والولوج الى تلك المنظمة ‏عبر الوجوه الفلسطينية والتي لم تتوقف على مدار سني عمر المنظمة، التي حاولت حرف مسار فعل ‏المنظمة عن اساسياتها، الا ان تلك المنظمة وحتى الأمس القريب لم تحاول ان تتنصل من أدبياتها الأساسية ‏التي قامت عليها ولم تحاول الالتفاف على جوهرية وجوديتها، وبالتالي استطاعت برغم الكثير من الأخطاء ‏ان تحافظ على مسارها الإستراتيجي واستحقت ان تكون ممثلة الشعب الفلسطيني الشرعي والوحيد حيث ‏التفت حولها جماهير الداخل والخارج ومنحتها كل الثقة كونها قد رأت بأطروحاتها ما يستحق ان تعتبرها ‏ممثلة له وكونها تعبر عن اردته بالعودة وحق تقرير المصير، وحيث ذلك فلا يوجد خلاف بين الفصائل ‏الفلسطينية المختلفة أو بين أبناء الشعب الفلسطيني على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي المظلة الكبيرة ‏والبيت الجامع لكل الفلسطينيين، أو هكذا كانت على الأقل، لكن في الوقت نفسه لا يخفى على أحد أن ‏المنظمة بشكلها وتكوينها وشخوصها الحاليين لا تمثل الشعب الفلسطيني بأي شكل من الأشكال، في ظل ‏ميثاق مخترق، ولجنة تنفيذية غير جامعة، ومجلس وطني لابد من اعادة حسابات تشكيله، وفي ظل ‏أطروحات سياسية متناقضة مع اساسيات المنظمة، وفي ظل هيمنة وتفرد الكثير من الشخوص ومراكز ‏القوى المتنفذة التي تسعى لتطويع المنظمة بما يتلاءم ونزعاتها السياسية، وبوجود شخصيات يجمع ‏الكثيرون على رفضها لتبنيها مبادرات تسقط حقوق الشعب الفلسطيني‎.

إن وحدانية وشرعية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية تنطلق من التمسك بالثوابت والحقوق الوطنية ‏الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة إلى الأماكن والممتلكات الأصلية، ومن خلال الحق المشروع بالمقاومة ‏وبكافة اشكالها، ومن خلال خدمة الجماهير وتبني قضاياها، وليس من خلال حلول تلفيقيه، يتم صناعتها في ‏أماكن اخرى غير الأماكن الفلسطينية ذاتها‎.‎

وبذات الوقت لابد من اعادة الاعتبار للمنظمة وتجسيد حقيقة انها تمثل المرجعية العليا لكافة المؤسسات ‏الفلسطينية الرسمية بما في ذلك مؤسسة السلطة الفلسطينية التي لابد لها ان تعمل وفقا لرعاية وتوجيهات ‏منظمة التحرير وفض الاشتباك ما بين مؤسسات السلطة ومؤسسات المنظمة واعتبار المؤسسات السلطوية ‏انما تدور في فلك المنظمة وتوجيهاتها وبرامجها، وحكومة السلطة تعمل وفقا لهذا التوجه بمهام محددة ‏ومحدودة وواضحة والحكومة الفلسطينية عليها تنفيذ القرارات الصادرة عن مؤسسات المنظمة بكل ما ‏يتصل بالشأن السلطوي، واعادة الاعتبار لدوائر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وان تمنح الحق بممارسة ‏صلاحياتها وبرامجها بعيدا عن الاشتباك والتشابك مع مؤسسات السلطة، كالشأن السياسي العام للتوجهات ‏الفلسطينية وشؤون العلاقات الخارجية مع العالم والشأن المالي وشؤون الاسرى والشهداء والحق بالمقاومة ‏فاذا كانت السلطة محدودة ومكبلة الصلاحيات وامتداد صلاحياتها جغرافيا محصورا بمناطق السلطة ( الضفة ‏الغربية وقطاع غزة ) فلابد من الانتباه الى ان المنظمة صلاحياتها ونطاقها الشرعي يمتد الى كافة اماكن ‏التواجد الفلسطيني بمعنى الشتات والاهم في القدس ومناطق ال 48 وهو الأمر الذي يعني ان مكونات ‏الجماهير الفلسطينية مكونات اصيلة والمنظمة بكافة تنوعاتها ومشارب أطرها وتشكيلاتها انما تمثل هذا ‏الكل من اقصى اليمين الى أقصى اليسار لطالما هناك التزام بالحقوق الوطنية التاريخية لجموع القوى ‏والفصائل والاحزاب الفلسطينية العاملة على الساحة وكذلك كافة التشكيلات الجماهيرية الشعبية والاتحادات ‏التمثيلية لمختلف شرائح هذه الجماهير ( العمال، الفلاحين، النقابات، الشباب، المرأة، الكُتاب والصحافيين ‏‏… الخ ) ولا ننسى هنا حملة البنادق والمناضلين سواء من كانوا في أطر المنظمات النضالية او تلك المعبرة ‏عن ذاتها بالعمل الكفاحي، كتائب شهداء الاقصى، كتائب ابو علي مصطفى، وكافة التشكيلات التي لها كل ‏الحق بالولوج والعبور الى ساحة منظمة التحرير وان كانوا ممن يتبعون بشكل او بأخر لفصائل العمل ‏الوطني وهنا لابد من التأكيد على ان العمل الوطني بمختلف اشكاله من الممكن ممارسته شرعيا ووفقا لكافة ‏القوانين والمواثيق الدولية من خلال منظمة التحرير الفلسطينية فقط وحصرا، وهذه حقيقة وحقيقة غير قابلة ‏لأي تفسير او اجتهاد بغير تفسيره القانوني والشرعي، من هنا لابد من التمسك والدفاع عن وحدانية ‏وشرعية منظمة التحرير الفلسطينية ولابد من الحفاظ عليها مع ضرورة اصلاحها وتأطيرها وفقا لنظامها ‏الاساسي وبما ينسجم ويتوافق مع الميثاق الوطني دستور المنظمة ، وحتى يكون ذلك ممكنا فلابد من عودة ‏الأمور الى نصابها الصحيح من حيث الالتزام بالميثاق الوطني ومواده واللوائح والأنظمة الداخلية للمنظمة ‏وتنفيذ قرارات المجالس الوطنية والمجالس المركزية، فيما يخص القرارات السياسية او تلك التنظيمية ‏لشؤون المنظمة وعدم التغول عليها وتهميشها. ‏

ان إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير لا يتأتي من خلال انعقاد دورة هزيلة للمجلس المركزي وتمرير ‏القرارات وفقا لما يُراد لها ان تكون ، بل من خلال أولا وقبل شيء الالتزام بقرارات هذه المجالس وتنفيذية ‏على ارض الواقع ، فحينما يصدر قرار عن المجلس الوطني والمجلس المركزي على سبيل المقال بسحب ‏الاعتراف بدولة الاحتلال ووقف التنسيق الأمني مع أجهزة الاحتلال الأمنية فيعني ذلك على كافة الجهات ‏ذات الاختصاص تنفيذ هذا القرار فورا دون انتظار أي تعليمات أخرى ، واي تعليمات او قرارات تصدر ‏متناقضة وهذه القرارات تعتبر باطلة وغير شرعية ومخالفة للقانون، حيث ان قرار المجلس الوطني او ‏المركزي بمثابة قانون.‏

ان منظمة التحرير الفلسطينية وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده ، ‏وحتى تظل كذلك لابد ان تحافظ على وحدتها واطرها لا ان تعمل على تقويض هذه الشرعية من خلال ‏انعقاد دورة للمجلس المركزي يعتدي على صلاحيات المجلس الوطني ، ويصبح قوام المجلس المركزي ‏محل تشكيك في شرعيته من خلال الطعن بعضويته حيث ان البعض من أعضاء المركزي كان دخولهم ‏للمركزي من خلال عضوية المجلس التشريعي للسلطة والذي تم حله وبالتالي كيف لهم ان يظلوا أعضاء ‏لطالما ان المؤسسة التشريعية ذاتها قد تم حلها من قبل رئيس السلطة ، وأيضا لابد من الانتباه لشرعية ‏التمثيل تتطلب الالتزام أولا واخرا بقرارات الهيئات القيادية الشرعية للمنظمة وهي كثيرة لم يتم الالتزام ‏بها. ‏

اعتقد ان وحدانية وشرعية تمثيل منظمة التحرير تتعرض للخطر والاهتزاز من قبل القيادة الرسمية لها، ‏والتي صادرت دورها وقوضت اساساتها واستخدمتها وفقا للحاجة ولمتطلبات المصلحة، وهنا لابد من ‏حراك تنظيمي ووطني يسجل مواقفه المبدئية للحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد ‏للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده وحمايتها من خلال استعادتها ممن اختطفوها وصادروا دورها. ‏