الأحد: 06/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

حزب الله..والدولة اللبنانية

نشر بتاريخ: 23/06/2024 ( آخر تحديث: 23/06/2024 الساعة: 13:47 )

الكاتب: معتز خليل

لا يمكن لأحد أن ينكر الأهمية الاستراتيجية للمكون السياسي والاستراتيجي والعسكري لمنظومة حزب الله ، هذه المنظومة التي دافعت عن لبنان طوال سنوات من هجوم الاحتلال الإسرائيلي واستطاعت تطهير الأرض اللبنانية منه.
غير آن التطورات الاستراتيجية الحالية تفرض علينا التساؤل عن علاقه الدولة اللبنانية بالحزب ، وهو أمر دقيق ، خاصة في ظل تطورات الوضع في لبنان في ظل تصعيد الهجمات الإسرائيلية على الدولة.
في البداية وعقب عملية السابع من أكتوبر بات واضحا أن هناك نية من حزب الله لمساندة حماس ، وهي النية التي باتت واضحة مع الضربات التي وجهتها إسرائيل لحماس في غزة ، وتصعيد ذلك ليشمل الأهداف المدنية في القطاع ، وبالطبع كان لذلك أثراً في سقوط الآلاف من الشهداء الضحايا من المدنيين الفلسطينيين.
في ذروة كل هذا خرج الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله لينتقد وبقوة إسرائيل ويعلن مواصلة القتال ضدها ، وهو أمر بالطبع يصب في المصلحة السياسية والوطنية اللبنانية كما رأى نصر الله.
غير آن هذا تسبب في الكثير من الانتقادات داخل الساحة اللبنانية ، ورفع الكثير من اللبنانيين شعار : "حرب غزة ليس حربنا"..في إشارة للحرب المشتعلة التي تشنها إسرائيل في غزة ومحاولة حزب الله مساندة حركات المقاومة الفلسطينية في غزة.
غير آن هذا التصعيد أتخذ منحى آخر مع الانتقاد الذي وجههة الأمين العام لحزب الله لعدد من الدول التي تتعاون عسكريا مع إسرائيل ، ومنها قبرص على سبيل المثال والتي تتعاون مع إسرائيل في التدريبات العسكرية والمناورات الاستراتيجية .
ورأى الأمين العام لحزب الله إن هذا التعاون موجه في الأساس ضد لبنان ، وضد الحزب وضد الجنوب تحديدا ، وهو ما دفعه لانتقاد هذا التعاون.
بالطبع ردت قبرص وبقوة على هذه الانتقادات وتدهورت العلاقة بين نيقوسيا وبيروت ، وفي نفس الوقت انقسمت الساحة اللبنانية إلى قسمين: (الأول) رأى ان الأمين العام لحزب الله أوقع البلاد في أزمة دبلوماسية ، و(الثاني) رأى أن من حق الحزب القول بهذا لما تفرضه عليه القواعد والقيود الوطنية في البلاد.
غير آن انصار الفريق الأول قالوا أن لبنان في النهاية دولة ، وحزب الله فصيل ، بالتالي من المعيب ان يسبب فصيل هذه الأزمة للبنان الذي يمتلك وزارة للخارجية ، وأجهزة أمنية وجيش ، وهي مؤسسات الدولة التي من المفترض أن يتم العودة إليها في هذه الأزمة ، وقد تواصلت شخصيا مع أحد أنصار هذا الفريق وتساءلت عن السبب في كل هذا التصعيد السياسي والإعلامي ضد الحزب ، فقال لي أن لبنان دولة ، ودولة لها برلمان ، وبالتالي لو وافق البرلمان على ما قاله نصر الله سيصمت ويتوقف عن انتقاد الحزب.
شخصيا لا أحبذ أي تصعيد سياسي ضد أي حركة مقاومة وطنية تتواجد في ربوع الوطن خاصة في ظل الحرب التي تشنها دولة معادية ضد هذه الدولة ، غير أن الحقيقة الرئيسية التي أؤمن شخصيا بها وهي ضرورة الرجوع إلى الدولة في أي تطور سياسي أو أمني تتعرض له، صحيح أن المنظومة العربية لها خصوصيتها ، وهو ما يدفعها كثيرا للاعتماد على الجماعات والقبائل في بعض الوقت لمواجهة التحديات الأمنية ومثال ذلك مثلا أتحاد القبائل العربية في مصر والذي كان له دورا في التصدي للإرهاب بالتعاون مع الجيش المصري في سيناء ، أو عناصر الجيش الليبي المقاتل مع اللواء خليفة حفتر والحاضرة من قبائل متعددة ، أو عناصر الحشد الشعبي في العراق والتي تم دمجها في إطار الدولة ، أو غيرها من النماذج الموجودة في اليمن أو موريتانيا او السودان أو الصومال ، وجميعها نماذج فرضها الواقع القبلي العربي واستغلتها الدولة لتحقيق مكاسب في ظل تعاظم التحديات بها ، لكنني اعتقد شخصيا أنه لا بديل عن الدولة والتعاون مع أجهزتها الأمنية والتنسيق معه ، وفي النهاية فإن حزب الله هو فصيل وطني مقاوم ، وهو لا يحتاج لشهادتي بالطبع ، ولكنني عموما أدعو الله ألا تتطور الأمور لصوره أخطر وأكثر تدهورا وحرب من الاحتلال لا أحد يعرف نهايتها.