الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

غير العرب وغير المسلمين

نشر بتاريخ: 24/06/2024 ( آخر تحديث: 24/06/2024 الساعة: 11:37 )

الكاتب: د. أحمد رفيق عوض

لا بد من أن نقارن بين مواقف دول غير عربية وغير إسلامية وبين مواقف دول يربطنا بهم الدين واللغة والتاريخ والمكان والمستقبل . نحن مجبرون فعلياً على المقارنة ، وهي مقارنة مؤلمة وجارحة وتقودنا إلى استنتاجات مؤلمة.

وحتى لا نقع في شبهة الردح أو توزيع الاتهامات الجاهزة والمقولات الرائجة، فإننا لن نأتي بالأمثلة والنماذج من مواقف تلك الدول مقارنة مع الدول الشقيقة على الاطلاق، فالمواقف المعلنة وغير المعلنة تتحدث عن نفسها ، والسياسات الواضحة والغامضة ينشرها العدو قبل الصديق، و الفضائح والفظائع تتطاير في الفضاء كما تتطاير الروائح الرديئة ، لهذا لن ننشر الغسيل الوسخ كما يقال فهو منشور بما فيه الكفاية، ولن نكرر ايضاً التفسيرات والتبريرات التي تقال عادة لتفسير التخاذل أو التكاسل أو التواطؤ أو السكوت الضمني أو العلني، فقد قيل ويقال عن ذلك الكثير ، وهو كثير لا يغني ولا يسمن من جوع ، بل هو كثير مخجل وسيء فلا يمكن المقارنه مثلا بما قعتله دول امريكا الاتينية بما فعلته دولا نتوقع منها كل خير .

أقول ذلك لأن غير العرب وغير المسلمين هم المبادرون والفاعلون ، وهم الذين يسعون إلى وضع الحلول أو إلى الاحلال أو الاخلال بالأمن والارض والدم. وما بين أولئك الذين يريدون حلاً أو اولئك الذين يريدون إحلالا ، نتحول نحن، الفلسطينيين والعرب إلى الضحية المستهدفة والجثة التي تصبح ككيس الرمل عند الملاكمين في صالات الرياضة ، أو نتحول الى ملعب الغولف الذي يستمتع عليه وبه كل الأمم من عجم وروم وصقالبة وهياطلة وغيرهم من أجناس الأرض القريبة منا والبعيدة .

فهناك منا من يستعين بغير العربي وغير المسلم من أجل الحماية ومن أجل التمويل ومن أجل وضع الحلول لمشاكل صنعها أو استخدمها غير العربي وغير المسلم ليبرر تدخله أو تحكمه أو تأثيره ، وهناك منا من يستجلب غير العربي وغير المسلم لتخويف الأقربين ومن أجل التمتع بالشرعية المفقودة أو الادعاء بها، وهناك من يأتي بغير العربي وغير المسلم من أجل الإيهام بالقوة والمنعة أو من أجل التغطي أو التلطي بحلف مشبوه أو جبهة تعمل ضد مصالح المنطقة .

غير العربي وغير المسلم الذي أقصده هو كل اولئك الذين يتحكمون بنا الآن

، ويفرض شروطه علينا ، ويجبرنا على التعامل والتعاطي مع معادلاته رغماً عنا، ولا يتم ذلك بالإقناع أو التفاوض أو حتى أدنى شروط الاحترام، بل يتم ذلك بالقوة والاجبار العلني ، ولم يعد أحد يغطي ذلك بأي تبريرات. الآن، أصبح كل شيء شفافاً وواضحاً إلى حدود القبح الشديد اكثر من ذلك ، صار التعاون معه ميزة وافضلية .

غير العربي وغير المسلم، بتدخلاته وتأثيراته وإجراءاته ، أسقط كل الشعارات الكبيرة، وفكك الجغرافيا وسيطر على النخب ، فصارت الدول العربية القطرية تعاني الفقر والبطالة والتبعية، تخشى الغزو أو التفكك أو الانفجار الداخلي.

الدولة العربية القطرية، لضعفها وخوائها وهشاشتها وخوفها ، لا تستطيع أن تتخذ قرارات حاسمة أو قوية فيما يتعلق بالحرب المجنونة على الشعب الفلسطيني، و لفشلها الذي لا معه تستطيع أن تشكل مع مثيلاتها العربيات حلفاً أو جبهة تتصدى للحرب المفتوحة على الجميع ، فالحلف الذي يمكن لهم أن يشاركوا به هو ما يقال عن حلف إقليمي ذي أهداف عجيبة تم الاعلان عنه بليل .

غير العربي وغير المسلم، وربما المسلم القريب للدقة والموضوعية، يستغل ظروف الفراغ والخواء في اقليمنا العربي للبحث عن مصالحه أيضا، ليس هناك ملائكة على الأرض، وحتى ذلك الحين، فإن شعبنا الفلسطيني أولا يدفع فاتورة الغياب بالكامل، وهذا ليس عتبا ولا لوما، بقدر ما هو كشفا للحساب ونفضا لما تراكم من غبار على مشهد مرعب يراد تجميله من خلال مسلسلات كاذبة خاطئة.

اخرت الكلام عن غير العرب وغير المسلمين الذين يسبقون العرب و المسلمين في المواقف التي أقل ما يقال عنها أنها جريئة وقوية وانسانية، وأنها ليست مجانية أو استعراضية، بل هي مواقف قد تجر تبعات داخلية وخارجية، فلماذا يتخذ هؤلاء تلك المواقف وهم لا يريدون جزاء أو شكوراً؟ ولا ينتظرون منا شيئاً ولا مغنماً ولا حتى مصلحة قريبة أو بعيدة، الا يعني وجود هؤلاء أن العالم ما يزال بخير وأن الضمير الإنساني لا يموت وأن حب العدل ونصرة المظلوم وتقديم المساعدة هو ما يميز الإنسان عن الحيوان، ثم، أخيرً، ألا تدفع هذه المواقف أخوتنا العرب و المسلمين إلى المقارنة الحادة والموجعة والتي يتفاداها الكثيرون خجلا او ضعفا او كيليهما ؟؟