الكاتب: د.فوزي علي السمهوري
مثلت إنطلاقة حركة فتح بالأول من كانون الثاني 1965 إنطلاق الثورة الفلسطينية لتحرير فلسطين من نير الإستعمار الإحلالي الإسرائيلي الإرهابي وإقامة الدولة العربية الفلسطينية الديمقراطية وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 بعد إرتكاب العصابات الصهيونية اليهودية بدعم وتمكين من قبل قوات جيش المستعمر البريطاني سلسلة من المجازر الوحشية بحق فلسطين أرضا وشعبا والتي تصنف وفق القانون الدولي جرائم حرب إبادة وتطهير عرقي .
منظمة التحرير الفلسطينية الخطر على المشروع الإستعماري :
لقد شكل دعم وإلتفاف الشعب الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية باهدافها وإستراتيجيتها النضالية بكافة الوسائل المكفولة دوليا قلقا كبيرا وتهديدا حقيقيا للمشروع الإستعماري العالمي واداته الكيان الإسرائيلي المصطنع مما حداها لتكثيف مخططاتها التآمرية للقضاء على الثورة الفلسطينية التي حظيت ليس بدعم الشعب العربي فحسب بل بدعم واسع من احرار العالم شعوبا ودولا مما شكل تهديدا حقيقيا واسعا لنفوذ ومصالح قوى الإستعمار العالمي على إمتداد العالم .
بناءا على ما تقدم أضحى الهدف الأساس بعد فشل مخطط القضاء على الثورة الفلسطينية وعمودها الفقري حركة فتح العمل على إضعاف منظمة التحرير الفلسطينية التي إكتسبت وإنتزعت بنضالها وبرنامجها الوطني التحرري الإعتراف بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني عربيا وإسلاميا ودوليا والعمل على إيجاد بديلا لها .
إتفاق أوسلو محطة إنتقالية :
جاء إتفاق المرحلة الإنتقالية "اوسلو " على الرغم من التحفظات إلا أنه تضمن جدولا زمنيا يقضي بفترة اقصاها خمس سنوات تنتهي في أيار ١٩٩٩ إنهاء الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧ والانتهاء من قضايا الحل النهائي هذا الإتفاق الوحيد منذ صناعة الكيان الإستعماري الإسرائيلي حظي بمصادقة مؤسساته التنفيذية والتشريعية ولكن سرعان ما إنقلب عليه مع إغتيال إسحاق رابين وصعود القوى الصهيونية الإسرائيلية المتطرفة لموقع القرار تحت شعار وأد الإتفاق الذي يعني بحال تنفيذه وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس :
•إنهاء المشروع التوسعي الصهيوني الإسرائيلي ومنع إمتداده .
* تقويض السردية الصهيونية الإسرائيلية بإنكار وجود الشعب الفلسطيني .
لهذا اطلق عليه رمز الإرهاب والتطرف نتنياهو ومعسكره انه إتفاق جلب على "إسرائيل " الكارثة . إتفاق اوسلو لا يعني باي حال إتفاق او معاهدة سلام مع العدو الإسرائيلي وإنما إتفاق مرحلة إنتقالية للإنفكاك والتحرر من نير الاحتلال الإسرائيلي وصولا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة .
توقيت إبرام إتفاق اوسلو :
عقد إتفاق اوسلو في مرحلة من أخطر المراحل التي كانت تستهدف الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل كما تستهدف الثورة الفلسطينية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني كسبيل لتصفية القضية الفلسطينية وحاء إبرام إتفاق اوسلو في ظل أوضاع إقليمية ودولية إتسمت :
أولا : إنهيار الإتحاد السوفياتي .
ثانيا : العدوان الأمريكي على العراق عام ١٩٩١ وتداعياته على المنطقة .
ثالثا : تربع أمريكا منفردة على سدة قيادة العالم .
رابعا : مرحلة تشرذم وخلافات بينية حادة بين قادة الدول العربية .
إستهداف الشرعية الفلسطينية :
كون منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبموقفها الوطني الإسترتيجي وإستمرار نضالها بكافة الوسائل مثلت عقبة كأداء أمام مخططات الكيان الإسرائيلي وسادته فباتت الهدف والعنوان للمؤامرة الإسروامريكية لعوامل عديدة ولتحقيق اهداف كثيرة منها :
اولا : تقويض البعد الوطني النضالي التحرري للشعب الفلسطيني نحو الحرية والإستقلال وتحويله لبعد إنساني معيشي اي إعادة القضية إلى مربعها الأول قبل إنطلاق الثورة .
ثانيا : التخلص من المثول امام الهيئات والمؤسسات والمحاكم الدولية بعد إعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية كعضو مراقب بالامم المتحدة عام 2012 والذي حال دون إكتسابها العضوية الكاملة حتى الآن الفيتو الأمريكي وما يعنيه ذلك من عدم قانونية وشرعية الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري وإجراءاته من إستيطان ومصادرة اراض وإرتكاب جرائم إعدام خارج القانون وإعتقالات تعسفية والسطو على مقدرات وثروات الشعب الفلسطيني في سياق حرب الإبادة والتطهير العرقي والإنتهاكات الصارخة لمبادئ وميثاق واهداف الأمم المتحدة وللعهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية على عموم أراض الدولة الفلسطينية المحتلة وقلبها القدس الشريف اي الضفة الغربية من نهر الاردن وقطاع غزة .
ثالثا : عضوية فلسطين في الهيئات والمؤسسات الدولية اكسب منظمة التحرير الفلسطينية قائدة الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية تحت الإحتلال الحق بالانضمام لعضويتها وبالتالي حق اللجوء لمؤسساتها وهيئاتها بهدف إنصاف الشعب الفلسطيني وترسيخ حقوقه الأساس ونضاله الشرعي نحو الحرية والإستقلال وتقرير المصير كالمحكمة الجنائية الدولية وملاحقة قادة الكيان الإرهابي الإسرائيلي لمحاكمتهم على جرائمهم بتهم إرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني واللجوء لمحكمة العدل الدولية لإقرار الوضع القانوني للإحتلال الإسرائيلي القائم خلافا للقرارات الدولية ولميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر إحتلال اراض دولة أخرى وغيرها بالطبع من عشرات المؤسسات الدولية .
رابعا : نجاح الدبلوماسية الفلسطينية بعزل وحسر وتقليص النفوذ الإسرائيلي على الساحة العالمية وما عشرات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني والمنددة بالكيان الإسرائيلي الرافض للإلتزام وتنفيذ القرارات الصادرة عن مؤسسات الأمم المتحدة الداعية لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 إلا دليل دامغ .
خامسا : تعرية وفضح صورة الكيان الإستعماري الإرهابي المصطنع المزيفة عن انه كيان ديمقراطي محب للسلام أمام العالم والنجاح بتبيان وترسيخ صورته الإجرامية المعادية للإنسانية والدموية التي تجلت عبر شن حرب الإبادة والتطهير العرقي على قطاع غزة على إمتداد الاشهر التسع الأخيرة وبوتيرة اقل عنفا ودموية بالضفة الغربية على مدار السنوات السابقة وما اسفرت هذه المجازر والجرائم عن تغيرات جماهيرية بالرأي العام في أمريكا واوربا ومختلف دول العالم بإتجاه دعم وتاييد حقوق الشعب الفلسطيني الأساس والتنديد بالجرائم الإسرائيلية الوحشية التي تستهدف المدنيين والأعيان المدنية والبنى التحتية وفرض عقوبات جماعية على الشعب الفلسطيني وحصار شامل من حرمان من المياه والغذاء والكهرباء والعلاج والدواء والاتصالات بحرب عدوانية ممنهجة تنفذ على مرأى العالم بدعم امريكي واوربي دون خوف من المساءلة والعقاب .
خامسا : زرع إسفين بين الشعب الفلسطيني وقيادته وما حملات التشويه والتشكيك التي يشنها الكيان الإستعماري الإسرائيلي وحلفاءه وادواته على م ت ف وإتهامها بممارسة الإرهاب الدبلوماسي والعمل على تجفيف الموارد المالية لمنظمة التحرير الفلسطينية وللسلطة الوطنية الفلسطينية تحت ذرائع واهية والسطو على اموال الشعب الفلسطيني وتصاعد الإنتهاكات والإقتحامات للمدن والقرى الفلسطينية وللمقدسات الإسلامية والمسيحية التي تنفذها عصابات الميليشيات الإستيطانية بدعم وتمكين وحماية من الجيش الإسرائيلي الإرهابي بقرار من المستوى السياسي إلا دليل بالغ على طبيعة اهداف المرحلة القادمة .
بناءا على ما تقدم لا بد من وضع إستراتيجية تصدي ومواجهة المخطط الإسروامريكي الذي يتطلب :
أولا : ترتيب البيت الفلسطيني بما يعزز ويكفل قوة ووحدة الموقف والهدف تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .
ثانيا : الدعوة لعقد المؤتمر الثامن لحركة فتح العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية .
ثالثا : تفعيل وتكثيف دور الأقاليم والجاليات الفلسطينية خارج اراض دولة فلسطين المحتلة لما تمثله من درع واق وحام للمشروع الوطني الفلسطيني .
رابعا : تشكيل جبهات دعم ومساندة سياسية وحزبية وأقتصادية ودبلوماسية وبرلمانية وحقوقية على إمتداد العالم دعما لنضال الشعب الفلسطيني وحقه بالحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس تنفيذا لقرارات الجمعية العامة وللشرعة الدولية بتصفية الإستعمار ان وجد ولم يبقى في العالم إلا الإستعمار الإحلالي الإسرائيلي لفلسطين .
خامسا : العمل على إزالة كل الشوائب والسلبيات التي يتخذها او قد يتخذها أعداء شعبنا الفلسطيني طليعة الشعب العربي لحرف البوصلة وللنيل من قوة الجبهة الداخلية والإلتفاف الجماهيري حول الإستراتيجية النضالية الفلسطينية التي اقرها المجلس الوطني الفلسطيني .
سادسا : تعزيز التنسيق مع الدول العربية والإسلامية والإفريقية والاوربية والصديقة وفي مقدمتها الأردن ومصر والجزائر والسعودية والكويت بهدف تشكيل قوة ضاغطة على أمريكا بمخاطبتها بلغة المصالح وحثها للإضطلاع بدورها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن لحفظ وترسيخ السلم والأمن الدوليين والتوقف عن الإنحياز الأعمى للمستعمر الإسرائيلي الذي يؤدي إلى تقويض الأمن والسلم الدوليين وتغييب العدالة وتجسيد شريعة الغاب .
سابعا : التقدم للجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروع قرار لتجميد عضوية إسرائيل بالأمم المتحدة لإنتفاء شروط قبولها ولرفضها الإلتزام بميثاق الأمم المتحدة بشكل عام وبالمادة 25 بشكل خاص ورفضها تنفيذ اي من القرارات الدولية الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن وعن محكمة العدل الدولية .
الشعب الفلسطيني بالرغم من المؤامرات التي تحيق بقضيته العادلة وتستهدف تصفية قضيته ماض في صموده على أرض وطنه رافضا محاولات التهجير القسري خارج وطنه سواء من قطاع غزة او الضفة الغربية بإعادة لسيناريو 1948و 1967 وماض بنضاله بكافة الوسائل المكفولة دوليا بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حتى النصر ودحر الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي وإقامة دولته العربية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف مهما طال الزمن وعظمت المؤامرات .
فلنعمل موحدين لنزع شرعية الإحتلال الإسرائيلي وإنهاءه عن اراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا بموجب قرار الجمعية العامة رقم 19 / 67 / 2012 وصولا لتنفيذ قرار التقسيم رقم 181وقرار 194 .... ولتبقى البوصلة نحو العدو الإسرائيلي حتى إنجاز الحرية والإستقلال ؟