الأحد: 30/06/2024 بتوقيت القدس الشريف

عدوان واسع على لبنان؟

نشر بتاريخ: 27/06/2024 ( آخر تحديث: 27/06/2024 الساعة: 17:05 )

الكاتب:


زاهر أبو حمدة
يهدد قادة الاحتلال بتوسيع العدوان على لبنان، لكن هل هذا في إطار التهويل للتوصل إلى حل ديبلوماسي أم أنه جدي؟ وفي المقابل، ما هي السيناريوهات المتوقعة؟
يمكن القول إن صورة إسرائيل تهشمت في ما يخص الردع، بعدما فتح “حزب الله” الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة من دون سابق إنذار دعماً لغزة في 8 تشرين الأول الماضي. صورة كهذه فيها الطرف اللبناني هو المبادر لا بل يضغط عسكرياً وسياسياً ويضرب أهدافاً استراتيجية في العمق الجغرافي تضر بأسس الدولة وتفوقها الإقليمي.. لذلك لا بد من تغيير هذا المشهد العام.
أما السبب الثاني المحفز لتوسيع دائرة النار الاسرائيلية ضد لبنان، فهو أزمة النازحين من الشمال نحو الوسط. المستوطنون يرفضون العودة من دون ضمانات أمنية، وعددهم يتراوح بين 80 و120 ألفاً وسيرتفع العدد كلما وسع “حزب الله” من قصفه بعد إدخال عكا ونهاريا الى مروحة المناطق المستهدفة. فكيف سيعود النازحون من دون إشعارهم بالأمن وأن يد دولتهم هي العليا وليس عدوهم؟ إضافة إلى أن منطقة الشمال هي السلة الغذائية التموينية للمستوطنين، وإعادة الحياة إليها تتطلب عملاً كبيراً على مستويات مختلفة.
والسبب الثالث وهو الأهم، أن كل أركان دولة الاحتلال والمستوطنين يخافون من “7 تشرين لبناني”. والقول هنا: “إذا كانت حماس بإمكانات قليلة استطاعت كسر الحدود وفعلت ما فعلت في ساعات قليلة، فماذا يفعل حزب الله؟”، فالخوف من السيطرة على الجليل في توقيت مفاجئ هو الهاجس عند كل من يسكن الشمال. وبما أن “حزب الله” يُصنّف على أنه “التهديد الاستراتيجي” فهذا يعني أنه كلما تأخر “الحسم” معه زاد قوة وعدة وعتاداً.
ماذا يمنع الحرب؟
على صانع القرار في حكومة الاحتلال قبل إعطاء أمر الهجوم على لبنان أن يسأل: هل انتصرت في غزة؟ إذا كانت الاجابة نعم، فيمكن تكرار السيناريو في لبنان. وإذا كانت لا، فيمكن دراسة الموقف أكثر والتردد كثيراً في إعادة التجربة في جغرافيا مختلفة وعدو مختلف.
وما يعوق اتخاذ قرار الحرب عوامل عدة، أهمها الضوء الأخضر الأميركي وما يتبعه ذلك من جسر جوي ينقل الأسلحة إلى فلسطين المحتلة، والتأهب لأن أي عدوان على لبنان يعني انتقال المعركة إلى كل الاقليم. أما المعضلة الأخرى فهي التوافق بين المستوى السياسي الاسرائيلي والمستوى العسكري، وأن يكون جيش الاحتلال قادراً على تأمين العدد والعتاد اللازم. ولذلك يشرع جيش الاحتلال في تجنيد الحريديم وتشكيل فرقة جديدة من 40 ألف متطوع ومتقاعد. يضاف إلى ذلك، قدرة الاحتلال على تحمل التكلفة المالية والدمار في البنية التحتية والخسائر البشرية. في حين يبقى العائق الأساسي هو الجبهة الفلسطينية في غزة والضفة، فصمود المقاومة الفلسطينية لا سيما في رفح يؤخر المرونة في نقل ألوية للجيش من الجنوب إلى الشمال، إضافة إلى الخوف من اشتعال الضفة الغربية كجبهة واسعة وضاغطة.
ما المتوقع؟
كثر في الساعات الماضية التصعيد في الجبهة اللبنانية، وتزامن مع تصريحات تركية ومصرية وأردنية وأوروبية وأميركية ومن الأمم المتحدة تدعو إلى التهدئة والقلق من توسيع الحرب. لم تأتِ هذه التصريحات من فراغ، إنما من معلومات أن الاحتلال سيقدم على خطوات ما، يمكن أن تكون عبر أحزمة نارية في عمق 15 كيلومتراً في الجنوب اللبناني أو هجوم سريع وخاطف ضد مقرات ومنشئات لـ “حزب الله”. ويمكن أن يتطور السيناريو ليكون هجوماً برياً يختلف عما حصل عام 2006. والتقدير هنا أن يتوغل جيش الاحتلال من القنيطرة ويتقدم من الأراضي السورية نحو ضهر البيدر وفصل البقاع عن الجنوب، مع إنزالات في بعض مناطق الساحل. طبعاً، هذا يعني حرباً مفتوحة. وفي كل الأحوال، وإن تأخرت المعركة الكبرى أو تأجلت إلا أنها قادمة لا محالة، وذلك لأن إسرائيل فقدت ميزتها الأساسية وهي إمكان البقاء من دون تأمين شامل لكل محيطها واستعادة هيبتها التفوقية الفوقية.