الأحد: 30/06/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
مراسلنا: طائرات الاحتلال تقصف منزلا في مخيم نور شمس بطولكرم

جهل في الصلاحيات أم استكمال لحلقات التضييق

نشر بتاريخ: 27/06/2024 ( آخر تحديث: 27/06/2024 الساعة: 23:13 )

الكاتب:

برهان السعدي

الملفت للانتباه باستغراب، أن بلدية غير مشتركة في الشركة الفلسطينية للكهرباء، تصدر تعميما لمجلس خدماتها بمنع السلف للشحن المسبق لبطاقات الكهرباء، حيث اعتاد بعض الموظفين العموميين أو المتقاعدين أو العمال العاطلين عن العمل في ظل أزمة الرواتب الممتدة، ومنع العمال الفلسطينيين من الدخول إلى سوق العمل الإسرائيلية، اعتادوا شحن بطاقاتهم كسلفة إلى حين نزول الرواتب، ويتم السداد مع شحن البطاقة في حينه.

واستثنى قرار رئيس البلدية من يقدم أوراقه الثبوتية كحالة اجتماعية، وكأن الموظف يريد أن يسجل أسرته كأسرة محتاجة لتحصل على سلفة شحن الكهرباء لمنزله بقيمة مئة شيكل. ولدى الاستفسار عن سبب ذلك، فقد عزي الأمر إلى تعليمات وزير الحكم المحلي بعدم شحن بطاقات الكهرباء كسلفة، وبعدها سمح وزير الحكم المحلي بشحن البطاقات بقيمة مئة شيكل كحد أقصى، ثم ألغي القرار، ومنعت سلف الشحن. وهذا يستدعي وقفة موضوعية من أكثر من جانب:

أولها يتعلق بمهام وزارة الحكم المحلي في فلسطين، فهل هذا التصرف يندرج تحت مهام وزارة الحكم المحلي في السلطة الفلسطينية، خاصة أن المتابع لمهام وزارة الحكم المحلي يجد أنها تتمثل في رسم السياسة العامة المقررة لأعمال مجالس الهيئات المحلية الفلسطينية، وأعمال الميزانيات والرقابة المالية والإدارية والقانونية والإجراءات الخاصة بتشكيل هذه المجالس، والإشراف على وظائف واختصاصات هذه المجلس وشؤون تنظيم المشاريع. والقيام بالأعمال الفنية والإدارية المتعلقة بأعمال التنظيم والتخطيط الإقليمي في فلسطين، ووضع أية أنظمة أو لوائح لازمة من أجل تنفيذ واجباتها المنصوص عليها في البنود السابقة، أو بمقتضى أحكام القانون. بمعنى أن تصرف وزارة الحكم المحلي بهذا الشأن خارج إطار صلاحياتها.

والجانب الثاني، هو طبيعة المجالس البلدية وشخصيتها، فالهيئات المحلية وفقا للقانون الفلسطيني، المادة رقم 3 نصت ان الهيئة المحلية شخصية اعتبارية ذات استقلال مالي تتحدد وظائفها وسلطاتها بمقتضى أحكام القانون، و يتولى إدارة الهيئة المحلية مجلس يحدد عدد أعضاؤه وفقا لنظام يصدر عن الوزير ويصادق عليه مجلس الوزراء وينتخب رئيسه وأعضاؤه انتخابا حرا ومباشرا وفقا لأحكام قانون الانتخابات. فالمجالس البلدية هيئات مجتمعية منتخبة من المواطنين سكان المدينة أو القرية أو التجمع السكاني، وقراراته بشكل عام تنبثق من المصلحة العامة لمنتخبيه بما لا يتعارض مع مواد القانون الأساسي.

وهذا يؤكد أن قرار شحن بطاقات الكهرباء للمواطنين بسلفة أو بعدمها هو قرار يخص المجلس البلدي دون تدخل من أية وزارة في السلطة الفلسطينية، والتدخل بمثل هذه الحالة هو اعتداء على صلاحيات رئيس المجلس البلدي.

والسؤال هنا: هل انتهت وزارة الحكم المحلي من جميع مهامها الأساسية والحيوية لتشغل نفسها بقرار كهذا؟؟

في ظل أزمة الرواتب، وشح الموارد المالية للموظف العمومي أو المتقاعد، الذي في كثير من الأحيان يكون بحاجة إلى ثمن ربطة خبز أو وجبة غذاء لأسرته، كحاجته أيضا لشحن بطاقة الكهرباء أو شراء دواء، ماذا يمكن أن نفهم من قرار رئيس المجلس البلدي غير أنه يسلم بمصادرة جزء من صلاحياته، أو أنه يمارس هو ووزارة الحكم المحلي في إنجاح سياسة المستوطن الإرهابي بتسلائيل سموتريتش وزير مالية حكومة الاحتلال التي تهدف إلى تجويع الشعب الفلسطيني وتركيعه وانهيار سلطته الوطنية كمقدمة للتهجير وتفريغ الوطن من أصحابه الشرعيين الحقيقيين.

على المسؤول أن يدرك تبعات قراراته، وأن يدرك صلاحياته، وأن يكون خياره مصلحة شعبه حتى لو تناقضت مع الأنظمة والقوانين، لأن الشعب هو سيد الحكم، وهو مصدر القانون والتشريع، وعلى المسؤول في جميع مستويات السلطة والمسؤولية أن يدرك أنه مجرد خادم لشعبه لا سيدا له أو عليه.

لتكن هذه المقالة دعوة لجميع المسؤولين، بوجوب إعادة النظر إلى احتياجات شعبهم الملحة والضاغطة من خلال أوضاع الناس وليس من نظرتهم لبيوتهم وأسرهم وأبنائهم وجيوبهم وأرصدتهم، فمعظم الموظفين العموميين تحت خط الفقر بدرجات متفاوتة، نتيجة سياسة الاحتلال وقرصنة حكومته الفاشية، وعدم قدرة السلطة الفلسطينية بتوفير بدائل تحقق كرامة الموظف والمواطن واحتياجاته الأساسية.