الإثنين: 01/07/2024 بتوقيت القدس الشريف

بين الردع والفعل.. الجبهة الشمالية

نشر بتاريخ: 28/06/2024 ( آخر تحديث: 28/06/2024 الساعة: 11:41 )

الكاتب: فراس ياغي

كل ما يتم التصريح فيه من قبل مسؤولي الدولة الصهيونية السياسيين والعسكريين ليس من باب التهويل وهدفه ليس ردعي بل هو مقدمة لعمل ستقدم عليه دولة الإحتلال

واشنطن طلبت مهلة عدة اسابيع في حدها الأدنى إسبوعين والأعلى نهاية شهر تموز/يوليو بهدف إما التوصل لصفقة تبادل اسرى "هذا إحتمال ضعيف"، وإما الحديث أن الحرب بمعناها التصعيدي إنتهى وان الإحتلال ذاهب للمرحلة الثالثة في حربه على قطاع غزة، لذلك يجب أيضا أن يتم تخفيض التصعيد في جبهة الشمال إلى حد أقل من الأدنى والبدء بمبادرة دبلوماسية.

دولة الإحتلال تقدر أن إمكانية التوصل لتوافق عبر مبادرة دبلوماسية غير متوفرة بسبب طلب حزب الله وإصراره على التبادلية في اي حديث يتعلق بالترتيبات الامنية على حدود الطرفين وهي غير مستعدة لذلك ولن تقبله، لذلك ترجح ان الدبلوماسية القسرية التي تمارسها الآن عبر التهديد غير كافية. وأن الخيار هو الذهاب لضربة إنتقامية محدودة بعدها يأتي الإتفاق المطلوب.

كعادة دولة الإحتلال حيث لا زالت تعيش وهم ما قبل السابع من تشرين/أكتوبر بأنها تتمتع بقوة الردع، لذلك هي تنسى ما حدث وتمارس هواياتها القديمة الجديدة، التهديد والتدمير الفعلي.

هناك مسألتين مهمتين لدى طرفي المعادلة، الدولة الصهيونية والمقاومة:

اولا- دولة الإحتلال الصهيوني لا زالت ترى بالقوة المفرطة ومزيدا من القوة ستؤدي بالضرورة لفرض شروطها ، وواضح أنها لم تأخذ دروس غزة بعين الإعتبار، الناطق بإسم الجيش هاغاري يقول " بعد المعركة في الشمال سنصل لإتفاق إما مع الحكومة اللبنانية وإما مع حزب الله"...أعتقد تقديرهم خاطيء فالإتفاق هذه المرة سيكون مع كل المحور بما يشمل الشمال والجنوب إذا ما إندلعت نيران الشمال والتي لن تنطفيء إلا بقرار محور أيضا.

ثانيا- المقاومة اللبنانية وحزب الله: لديهم تقديرات بأن دولة الإحتلال لن تغامر بحرب ضدهم، خاصة مع ما حدث ويحدث في قطاع غزة حتى الآن وما تعرض له الجيش من إنهاك عدا عن أمور أمنية وعسكرية أخرى يحسب لها حساب الطرف الصهيوني، ويستندون في ذلك أحيانا للمحللين العسكريين والسياسيين المتقاعدين الصهاينة، او للتصريحات والتسريبات الأمريكية.

هذا تقدير إن وجد وكان صحيحا فهو سطحي ولا يحاكي حقيقة لا العقلية الصهيونية ولا القدرة التدميرية عبر سلاح الجو والصواريخ والتي تستند له الآلة العسكرية للإحتلال، عدا عن نظرة التكبر والإستعلاء وإستعادة الردع في المنطقة ككل وبالذات أمام الدول العربية المعتدلة وفي سياق أن دولة الإحتلال قادرة على فرض معادلات تُلجم محور المقاومة وعلى رأسه إيران، إضافة لعدم قراءة للموقف الأمريكي الذي بمجمله يحاكي المتطلب الصهيوني ويعمل على تحقيقه كما فعل في الخداع والتضليل وشراء الوقت.

تقديري الشخصي

الهجوم على المقاومة اللبنانية وفي قلبها حزب الله ليس ببعيد من وجهة نظري وكل المبادرات الدبلوماسية الأمريكية كانت ولا تزال تهدف لمنع التصعيد في جبهة الشمال في ظل التصعيد في الجنوب، بل المحافظة على تصعيد منخفض في الشمال حتى الإنتهاء من جبهة الجنوب وهذا ما إستطاعت أمريكا تحقيقه حتى الآن، بمعنى أنها نجحت في شراء الوقت الكافي الذي تحتاجه الدولة الصهيونية، وسيثبت ذلك في الأسابيع القادمة. وكما نجحت ميركل وساركوزي في شراء الوقت لتحضير أوكرانيا للحرب لمواجهة روسيا بطلب أمريكي عبر إتفاق مينسك عام 2014، نجحت دولة الإحتلال وتحملت تسعة شهور من إنتهاك حدودها وتفريغ مستوطني الخطوط الاولى من جبهة الشمال، وحققت تصعيد منخفض في الشمال لإتاحة الفرصة لها لتدمير قطاع غزة، وفي نفس الوقت نجح الأمريكي في البقاء بعيدا عن التدخل المباشر بقوات على الأرض والتي كان بالتأكيد سيفعلها لو كان التصعيد في الشمال كما في الجنوب.

متطلبات الأمن الجديدة للدولة الصهيونية تعني ليس ردع ولا خفض تصعيد ولا منع مسبق، بل أكثر من ذلك بكثير وهو إجتثاث أي تهديد على مستوطني الدولة وفقا لما حدث في السابع من تشرين/أكتوبر، بما يعني ذلك هو فرض المخطط الأمني في الجنوب اللبناني وفق رؤيا أمنية صهيونية، وهذه ستكون البداية إذا ما إستطاعت تحقيقها

أخيرا، إنتهى عهد التسويات وفقا لما كان عليه الواقع الجيوسياسي قبل السابع من تشرين/أكتوبر، ونحن الآن في خضم خلق وقائع جديدة سيحددها الميدان، وفقط الميدان، فالطاؤوسية السياسية والعسكرية للدولة العبرية سُحقت، وما فعلته في غزة وما تخطط لفعله في الجنوب اللبناني، لن يُعيد تلك الكرامة التي فقدت، بل سيتعمق فقدها إذا ما ذهبت وفق حسابات خاطئة لتوجيه ضربة تسميها إنتقامية للجنوب اللبناني

#غزة_تتنفس_إلإحتلال_يختنق_ويحترق.

#الله_غالب_على_أمره