الثلاثاء: 02/07/2024 بتوقيت القدس الشريف

في ظل السجال والهرطقات الكلامية

نشر بتاريخ: 30/06/2024 ( آخر تحديث: 30/06/2024 الساعة: 11:11 )

الكاتب: يونس العموري

في ظل السجال، وتجاذب فنون الكلام، وأعتى ارقي اشكال الهرطقات السياسية، يبدو المشهد الفلسطيني السياسي الرسمي المعبر عن النظام وتنظيمه والياته ، اكثر بؤسا والأكثر مدعاة للسخرية بذات الوقت ، حيث اختزال كل القضايا الوطنية في اطار السجال الكلامي، وحرب التصريحات ما بين امراء الأمس وقياصرة اللحظة الراهنة، في الوقت التي تبدو فيه الكثير من الحقائق غائبة او مغيبة، بفعل ضرورات هكذا سجال في ظل وقائع وتداعيات العهد الجديد، والعهد الجديد واضح وضوح الشمس حيث حرب الإبادة و ومقاومة وطنية فلسطينية شرسة ولها انياب ، وما يلفت الانتباه هو طبيعة مسار التصريحات الفلسطينية على مختلف توجهاتها السياسية، واللافت للنظر الأن ان ثمة اسئلة شرعية للشرعية في ظل قرارات الشرعية، وفخامة السؤال المشروع يبحث عن اجابات لا بد ان تكون شرعية ايضا، حيث ان الواقع الراهن والذي يبدو ان عنوانه الأساسي والمُسطر على الطرقات يمتثل بهذا الانهيار بلا قاع والسقوط المدوي لكل ما من شأنه ان يشكل رافعة عملية بأدوات فعلية لإنقاذ ما يمكن ان يتم إنقاذه، لكينونة النظام الفلسطيني الرسمي المتربع على عرش ما يسمى بالشرعية والشرعية ليس لها علاقة بصندوق الاقتراع في ظل الإبادة والكارثة ، والشرعية قد باتت محل خلاف واختلاف وعبء على من يمنح الشرعية ، والمانح هنا ، قد يكون جمهور الصمت الصادق ، وقد تكون بنادق الاحرار ، وقد يكونوا الرعاع المتسكعين بالشوارع المظلمة ، والعسس قد يمنح معادلة للشرعية أيضا .

وحيث ان الشرعية باتت متبعثرة ما بين الفهم والمنطق والدستور والنظام والقائمين عليها والمؤلفة نفوسهم والعاملين بها وحقيقة وطبيعة المرحلة وقوانينها الفارضة لمعادلات الحكم والتحكم ما بين الأمس واليوم، فهي قرارات لحظية غير خاضعة بالضرورة لمنطق المكونات الأساسية للقانون الشرعي، هذا القانون المُختلف عليه اصلا، والمختلف على مفاهيمه وضرورته، ودوره.

قد تأتي القرارات من مصادر مختلفة متناقضة صادمة، وقد تكون ذات معنى ومغزى، وقد يتم التعامل معها من قبل البعض ويرفضها امير امراء الأمس، ويهلل لها قياصرة اليوم، ويصفق لها مملوك من مماليك اللحظة الراهنة والطامح للتربع على عرش اسطورة التناقض واللعب على مفاهيم الخربشات.

وتظل الأسئلة طارحة لذاتها باحثة عن اجابات وهي المطاردة المطرودة من حيثيات وقائع المشهد المُقعر، وتدور دوائر البحث والتحليل في الاجتهاد والتناطح بالمصطلحات والاتهامات وتقديم الدفوعات والدعوة للمبارزة من على منصات الكلام والتي تظل سيدة الموقف. والسادة الكبار يعرفون كيفية التعاطي وفنون القتال واصوله ومتى ينسحبون من حلبة هم من يصنعها ويفكك حبالها والجمهور مصفقا منقسما وأيضا متناقضا، وقد نشهد مصالحة الخصوم واتفاقهم على التوافق وتفسير القوانين والخروج من المأزق جراء تلك الأسئلة المطاردة المطرودة بين ازقة المدائن.

وهنا الكل متفق على الأزمة و ما يمكن ان نسميه تناقضا فعليا للمواقف وخربشة للفهم الموضوعي ما بين الموقف الراهن المُستند لقرارات الشرعية وذاك الموقف المنطلق من السجال القانوني لتوصيف ماهية الشرعية ومنطلقاتها، او خربشاته هو ما تحمله تلك السجالات من خربشات بالمفاهيم واختلاط بالمعاني.

وقد أصبح السجال المسيطر على المشهد الفلسطيني برمته ولا فهم لمجريات ما يريد كل طرف من أطراف معادلة الشرعية المشروعة، على وجه الدقة والحقيقة.

ومناسبة هذا القول او هذا التحليل للواقع الفلسطيني الراهن الممعن بفعل التخريب والتدمير للقضية الوطنية، هو ما يمكننا وصفه بالهرطقات اللحظية التي تشهدها الساحة الوطنية، فالطبيعي وكما هو معلوم ان تعتبر القيادة الرسمية الفلسطينية قراراتها شرعية ودستورية وتستوي وفعل القانون وشرعية النظم الدستورية وهو ما أستندت عليه دفوعاتهم ، والسيد المتابع لكل كلمة او رأي يطرح هنا او هناك ، واللاهث خلف منصات التعبير عن الذات ان كان ذلك ممكنا تجاه الإتهامات وقرارات كبير سدنة المعبد، الأمر الذي خلق حالة من الجدل في تحمل وتحميل المسؤوليات وتصويب الأمور ووضع النقاط على الحروف بصرف النظر عن حقيقة تلك الحروف والنقاط ومواضعها، حيث الإطلالات الإعلامية لمنصات الكلام والكلام المضاد وسوق البراهين قد اصبحت سيدة الموقف وما بين المُعلن والمُستتر يظل الضمير الغائب المرفوع وقد يكون المنصوب فعلا لحظيا أنيا لماهية القصد والمقصود مما يسمى بالتصويب الخارق المخترق لكل العرف والأعراف المعمول بها منذ عقود والتي باتت جزءا من تقاليد الحكم والنظام والأنظمة في ساحة اختزال الحقائق.

والحقيقة غائبة مغيبة بمعنى الإجابات الصارخة التي من شأنها ان تصوب كيفية طرح السؤال المطرود من أزقة المدائن والباحث عن المأوى ليستقر في اذهان الفقراء المنتظرين عند زوايا الطرقات، والكل بانتظار الإستشارة التي اعتزلت العمل وتقديم النصح والمشورة حيث اكتشفنا بمحض الصدفة ان الاستشارات ما هي الا جلسات وخراريف لحظية ينطق بها قادة جلسات الخراريف والتخريف ويكون الرأي المُستند لما تفرضة لحظة الهرطقة.

باختصار وبعيدا عن كل القول والقول المُباح وذاك النسبي والممنوع ، ويا سادة السجال والسجال المضاد ، وبالفهم البسيط فلسطين ما زالت تحت الاحتلال ولا سلطة للسطة ولا دولة بمفهوم الدولة وبالتالي نحن نحيا في كنف مرحلة التحرر الوطني وان غابت عنكم هذه الحقيقة ، وبالتالي القوانين التي تحكما هي قوانين مرحلة التحرر الوطني، ودستورنا دستور الثورة ومنطقها، ووقائعنا وقائع مطاردة الاحتلال بكل الأمكنة والأزمنة ولا حياة قانونية دستورية في ظل هكذا وقائع.

اعترف والإعتراف هنا حق ان فهمنا للأمور قد صار ضيقا ويضيق علينا محاولتنا للتحليل في ظل هكذا سجالات، أقل ما يمكن ان يقال عنها انها لا تستوي واساسيات الفهم الموضوعي للعمل الوطني وأصول الفعل الوطني التحرري الذي اعتقد ان له اخلاقياته قبل مبادئه واساسياتها الفكرية الواضحة والمنطلق من خلالها الفهم والرؤية السياسية لوقائع الظرف الراهن واستشراق المستقبل قبل ان تتكون شهوة السلطة ونزعة السيطرة عليها بأي الأثمان