الأربعاء: 03/07/2024 بتوقيت القدس الشريف

ضعف القيادة بالرد يفقدها حق البقاء

نشر بتاريخ: 01/07/2024 ( آخر تحديث: 01/07/2024 الساعة: 17:40 )

الكاتب:


برهان السعدي

تكررت علنا وجهارا تصريحات حكومة نتنياهو برفضها إقامة دولة فلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وتكررت تصريحات المستوطن وزير المالية سموترتش والوزير في وزارة الأمن التي يطلق عليها وزارة الدفاع بأنه سيعمل على انهيار السلطة الفلسطينية، وأنه سيعاقبها بمصادرة الأموال الضريبية الخاصة بها، وقال مرارا أنه سيحول أموالها لمن تضرر من الأعمال الفدائية الفلسطينية من اليهود، والتي أقرت المحاكم الإسرائيلية لهم بتعويضات من السلطة الفلسطينية لهذا الغرض. وتصريحات المستوطن الحاقد بن غفير وزير الأمن القومي بسعيه لتشريع قانون إسرائيلي بإعدام الأسرى الفلسطينيين، وسياسته في تجويع وإذلال الأسرى التي تشكل سياسة الحكومة الإسرائيلية.
وأكد سموترتش مرارا بأنه سيخضع المستوطنات في الضفة الغربية للحكم المدني الإسرائيلي بنقل الصلاحيات تدريجيا من قيادة الجيش لوزارات إسرائيلية دون أن يكون قرار من الحكومة بالضم، وهذا جميعه باتفاقه من رئيس حكومته نتنياهو.
ونتيجة ضغوطات ومطالبات البيت الأبيض في واشنطن ودول أوروبا للحكومة الإسرائيلية بتسليم الأموال الضريبية المحتجزة للسلطة الفلسطينية، والموافقة الشكلية لحكومة الاحتلال على ذلك، اشترط أقطاب الحكومة موافقتهم على ذلك بتشريع بؤر استيطانية وعقوبات أخرى ضد السلطة الفلسطينية.
وبعد الموافقة على تسليم المقاصة للسلطة الفلسطينية، تتضح خطة حكومة الاحتلال، التي تؤكد أنها حكومة قرصنةٍ غزاة، لا تتقن غير فنون القتل والسلب والتدمير وشطب معالم الحياة عن كل ما من شأنه أن يشكل معلما فلسطينيا يمكن أن ينادي بإقامة دولة فلسطينية. واعتبرت الأموال الضريبية الخاصة بالسلطة الفلسطينية لا تشمل ما تدفعه السلطة الفلسطينية عادة كرواتب لأهالي الشهداء والأسرى، كما لن يتم تسليم جميع استحقاقات السلطة الفلسطينية، وبدلا من تسليم المبالغ المالية التي تصل ستة مليارات شيكل حتى نهاية شهر أيار من هذا العام، سيتم دفع أقل من نصف مليار شيكل، والتي لا تفي بالاستحقاقات المطلوبة من السلطة لموظفيها ودائنيها. وفوق ذلك، لم تحدد موعدا لتسليم الأموال، إنما يبقى الأمر وفقا لمزاج المستوطن السادي سموترتش، ويهدف من ذلك سواد التخبط بدلا للتخطيط، والتلاعب بالنفسيات، والأهم من ذلك، ممارسة أساليب التجويع والمضايقات الاقتصادية لتكون سببا للتهجير وتفريغ الوطن من أصحابه لصالح موتورين من شذاذ الآفاق ليستولوا على الوطن بكل تفاصيله، وهم لا علاقة لهم بتربة الوطن أو هوائه أو مائه أو نسيجه.
هذا غير المشهد اليومي بمواصلة جيش الاحتلال مداهمة المدن والمخيمات كما يحصل في طولكرم وجنين وغيرها من المواقع الفلسطينية، حيث يقصفون بطائرات مروحية وطائرات مسيرة، ويقتلون مدنيين آمنين في بيوتهم وشوارع بلداتهم، ويمارسون التخريب والدمار بحفر الشوارع مرارا بجرافاتهم وتدمير خطوط المياه وخطوط المجاري، ووضع القناصين في مواقع مختلفة ليطلقوا النار دون سابق إنذار على سيارات أو مواطنين نساء أو أطفالا وفتية لدى مرورهم.
فهذا هو واقع الحال، بمشهد يومي متكرر، إذن ما العمل؟؟!! كيف يمكن مواجهة ذلك؟؟ هل ببيانات استنكار، أم بخطة مدروسة وجريئة، يمكن أن تحدث أثرا واضحا على وجود الاحتلال؟؟
على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة السلطة الفلسطينية القيام بعدة خطوات منها: التوجه إلى الإدارة الأمريكية ودول أوروبا، لتوضيح الموقف بشكل ضاغط، بأن هذه ممارسات ربيبتكم إسرائيل، فقد أنشأتموها بقرار أممي، نص على إنشاء دولة فلسطين في نفس الوقت، ويتم التنصل من تنفيذ القرار الذي هو قراركم. وتتمرد ربيبتكم إسرائيل التي جاءت لحماية مصالحكم في المنطقة العربية، وترفض حتى تسليم ما هو ليس حق لها، إنما جمعت أموال الضريبة للفلسطينيين مقابل أجر وباتفاقيات ملزمة للطرفين برعاية أوروبية وأمريكية.
وعلى القيادة الفلسطينية أن تطالب إسرائيل مباشرة، ومن خلال وأوروبا والولايات المتحدة، ومن خلال القضاء بتعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي تلحق بهم وباقتصادهم ومنازلهم ومتاجرهم وحركتهم والخسائر البشرية عدا عن الوقع النفسي.
كما على القيادة الفلسطينية أن تعلن بجرأة وجهارا، أنه أمام رفض إسرائيل وتنكرها للحقوق الوطنية الفلسطينية، وتنكرها للاتفاقات المبرمة معها بوساطة أوروبية ورعاية وضمانات أمريكية، فإن القيادة الفلسطينية وأمام الممارسات التدميرية والتخريبية الممنهجة، الساعية لترسيخ الاحتلال ومصادرة الأراضي الفلسطينية وشرعنة البؤر الاستيطانية والإمعان في القتل والمصادرة ونهب مقومات شعبنا، تؤكد على حق أبناء الشعب الفلسطيني التعبير عن رفضهم للاحتلال ومقاومته بالوسائل المتاحة لهم.
وعلى القيادة الفلسطينية ممارسة دورها الوطني في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بتفعيل المنظمة، وتشجيع كل الجهود المبذولة لتحقيق ذلك، فمنظمة التحرير هي إطار جبهوي بالضرورة أن ينضوي تحت لوائه جميع القوى الحزبية والتنظيمية والهيئات والاتحادات والكفاءات الفلسطينية، حتى يبقى بشخصيته الوطنية الكفاحية حفاظا على حقه الشرعي بتمثيل الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، ولتبقى الهوية الوطنية والشخصية السياسية الجامعة لكل فئات وفصائل وهيئات ومكونات الشعب الفلسطيني.
وللعلم، إن عدم المحافظة على حق منتزع يفقد شرعية بقائه، أو على الأقل فقدان أحقية الادعاء بملكية هذا الحق، وهذه فرضية تنطبق على السلوك المجتمعي كما تنطبق على السلوك السياسي. وعدم إدراك ذلك يلقي بالحقوق في هوامش التاريخ وأرشيف مهجور. بمعنى، إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في غياب الدولة الفلسطينية المستقلة على أرض وطنه، وتبقى كذلك في مرحلة التحرر الوطني وكفاحها من أجل التحرير وكنس الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة. وإن توقفت عن أدائها الكفاحي في مقاومة الاحتلال وطرده والسعي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة تنتفي عنها بالضرورة الصفة التمثيلية التي انتزعتها من خلال كفاح مقاوميها والتفاف شعبها حول أهدافها وإسناد مقاوميها، فتفقد شرعية البقاء، وتسقط صفة التحرير عن المنظمة، وتجعل قيادتها كقيادة أي دولة في العالم لها مواقف إيجابية أو سلبية من النضال الفلسطيني.
بكلمة، إن عدم الرد بخطوات فاعلة ضد حكومة الاحتلال وأقطابها على غرار العنصريين الوقحين سموترتش وبن غفير وكاهنهم نتنياهو من شأنه أن ينهي أحقية القيادة الحالية في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وقيادة المرحلة.