الكاتب: د. محمد عودة
يُحكى ان مدينة في احدى الدول مقسمة الى شمال وجنوب وفي الوسط بركة ماء ، طبعا سكان المدينة موزعين جغرافيا وعشائريا وكانوا دوما في تنافس وصل الى حد الصراع ،ومع اشتداد الصراع ،اتهم الشمال الجنوب بأنهم يستهلكون اكثر من حصتهم من مياه البركة ومن اجل استهلاك عادل ولمنع الانزلاق الى العنف المسلح اتفق الطرفان على التقاضي امام مختار القرية المجاورة والذي قضى بقسمة البركة بحبل يمتد من طرفها الشرقي الى طرفها الغربي تاركا اياها مقسومة مناصفة بين الشمال والجنوب.
وبما ان الثقة كانت معدومة بين الطرفين فقد عمد الشماليون الى ارسال شبابهم ايام الجمعة منتهزين وقت الصلاة محملين بالاوعية لسرقة مياه الجنوب وسكبها خلف الحبل في حصة الشمال ،اما الجنوبيون فقد كانوا ينتهزون صلوات ايام الاحد لارسال شبيبتهم لسرقة مياه القسم الشمالي من البركة وسكبها في القسم الجنوبي .ولم يدُر بخلد اي من الطرفين ان نقص المياه من البركة كان نتاج سرقة مياهها ليلا من قبل اهالي قرية المختار الذي قضى بالقسمة .
الوضع الفلسطيني ليس بحال افضل من حال اهالي تلك المدينة، يتصارع الفلسطينيون احيانا بالطرق المشروعة واحيانا بغيرالمشروعة ، فهذا ياخذ من حصة ذاك وذاك يختلس من حصة هذا ولكن ليس متخفين بليلة باوقات صلاوات الجُمع كما الشماليون ولا خلف صلاة الاحد كما الجنوبيون.
نتصارع على البلديات والمجالس القروية وياتي مختار القرية المجاورة (اسرائيل ) وغير متخفي ليسرق ارض وحجارة ومياه البلدية او المجلس القروي.
نتصارع على ادارة المؤسسات والوزارات ولا نتصارع على تحسين اداء الوزارة او المؤسسة من اجل ان تقوم بمهمتها على اكمل وجه لتسهم في تعزيز مقومات تجسيد الدولة وبقصد ام بغيرة نسهل على قرية المختار مهمتهم.
نتصارع على تطبيق برامج لم نضعها ويدفع شمالنا وجنوبنا ثمن الدفاع عنها من دمنا، ويقطف ثمن تلك دمائنا صاحب البرنامج رغم ان لدينا برنامج يحظى بشرعية محلية واقليمية ودولية.
يتفق شمالنا وجنوبنا على 90% من القضايا(حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف وضرورة الحصول عليها ) ويختلفان على الباقي ويقضي جنوبنا جل اوقاته في التمترس خلف ال 10%ويعتبرها دستورا لا بل قرآنا ، اما شمالنا فيرى ان تمترس الجنوب مبررا لان لا يبذل الجهد المطلوب لجسر الهوة وان لا امل في ذلك بحجة ان الاحتلال والاجندات الخارجية حاضرين دوما.
لقد ان الاوان ليقتنع الجنوب والشمال أن سرقة مياه البركة من قبل اهل قرية المختار(اسرائيل ) يؤدي الى نقص المياه في البركة بشقيها،لا بل ان السكوت على ذلك نكاية بالآخر شجع المختار واهله على سرقة ارواح ابناء شعبنا الفلسطيني ليتمكنوا من سرقة كل شيء وليس مياه البركة بل سرقة الارض ومقدراتها بما فيها المياه سواء تلك المتجمعة في البركة ام في جوف الارض .
الوقت ليس في صالحنا وعلينا اليوم قبل الغد ان نعود الى ما يجمعنا دفاعا عن مصالح شعبنا وان نترك ما نختلف علية الى ما بعد انجاز تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس .ولنترك الصراع والتنافس الى ما بعد ذلك حيث الثمن الذي ندفعة الآن ياتي من شقي تلك البركة .