الكاتب:
هبه بيضون
ما تحتاجه غزة الآن ليس الحديث عن إعادة الإعمار، حيث الحرب لا تزال دائرة، والإبادة لشعبنا الفلسطيني في غزة مستمرة، والعالم عاجز عن وقف العدوان.
كما أن إعادة الإعمار عملية طويلة الأجل ومعقدة، تتطلب أولاً وقبل كل شيء إنهاء العدوان على غزة، ومن ثم الحصول على التمويل اللازم، والذي تم تقديره بمبلغ خمسين مليار دولار وفق ما صرّح به مدير المكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يوم أمس الثلاثاء، وغيرها من أمور تتعلق بالجهة أو الجهات التي تقوم بالإشراف على إعادة الإعمار بكل تفاصيلها.
تتطلب المرحلة الآن وضع برنامج فوري للتعافي المبكر، والذي حدّدت كلفته من قبل ذات المسؤول الأممي بملياريّ دولار. تقع مسؤولية وضع هذا البرنامج على عاتق منظمات الإغاثة المختلفة، سواء كانت تحت مظلة واحدة كالأمم المتحدة، أم كانت منظمات إغاثية فردية. ومن الجدير بالذكر أنّ مثل هذه البرامج تكون عبارة عن مساعدة إنسانية تقدّم إلى غزة، ولا تستلزم السداد لاحقاً، على عكس إعادة الإعمار.
المقصود ببرنامج التعافي المبكر أن يكون هناك مجموعة من المبادرات والأنشطة الهادفة لمساعدة غزة على البدء في عملية إعادة البناء والتعافي من آثار العدوان، وجعلها قابلة للحياة مرة ثانية، من خلال وضع مشاريع لها بعد إنساني، وتنفيذ هذا البرنامج يأتي عادةً خلال المراحل الأولى، بينما لا تزال الأعمال العدائية مستمرة في بعض مناطق القطاع، بمعنى أنه ليس بالضرورة أن يبدأ التنفيذ بعد انتهاء العدوان.
يهدف هذا البرنامج إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية من غذاء وماء ومأوى وصرف صحي ورعاية صحية للسكان، وإعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية، كإصلاح الطرق والمباني العامة والشبكات الكهربائية وشبكات المياه، وإعادة إحياء الاقتصاد المحلي، كدعم عودة الأعمال التجارية والزراعة والأنشطة الاقتصادية الأخرى التي تدير عجلة الاقتصاد. كما يجب وضع خطط وبرامج لتعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل وخلق فرص عمل جديدة للسكان.
وللقيام بتنفيذ برنامج التعافي المبكر، لا بد من أن يكون هناك عملية تقييم فوري للأضرار وللاحتياجات في مختلف أنحاء القطاع، ومن ثم تنسيق الجهود بين مختلف الجهات الفاعلة، من منظمات إغاثية دولية ومنظمات غير حكومية، وقد يكون هناك مشاركة للقطاع الخاص، ولكن لا أعتقد أنّ هناك من هو مؤهل للمشاركة، نظراً للدمار الشامل الذي قضى على كل شيء تقريباً. ومن ثم تأتي عملية توفير التمويل اللازم لتنفيذ مشاريع التعافي المبكر المصممة بهدف إعادة تأهيل غزة، ومن ثم تبدأ عملية التنفيذ على الأرض، تليها المتابعة لتلك المشاريع وتقييم تأثيرها.
إنّ انعدام الأمن نتيجة استمرار الأعمال العدائية يعتبر من أهم التحدّيات التي تواجه برنامج التعافي المبكر، وكذلك التعنت الإسرائيلي في السماح لتلك المنظمات بتنفيذ هذه المشاريع ضمن برنامج التعافي، وحل هذه المعضلة يقع على عاتق المجتمع الدولي أجمع، وإن لم يكن ذلك بالأمر السهل.
غزة تحتاج إلى تحسين مستدام للظروف المعيشية، وعلى المسؤولين في المنظمة الأممية أن يتخذوا خطوة في هذا السياق، كالمدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ومسؤول صندوقِ الأمم المتحدة للسكان وغيرهم، والعمل على إنشاء مشاريع مستدامة.
برنامج التعافي المبكر هو الأداة الأساسية لمساعدة غزة على البدء في عملية إعادة البناء والتعافي من آثار العدوان المدمّر، وإعادتها إلى أن تصبح مكان قابل للعيش بالحد الأدنى، لحينمرحلة إعادة الإعمار المفترضة بعد انتهاء العدوان.