السبت: 05/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

في مواجهة سايكس بيكو جديد

نشر بتاريخ: 06/07/2024 ( آخر تحديث: 06/07/2024 الساعة: 09:51 )

الكاتب: د. محمد عودة

إن من يتابع السياسة الأمريكية على المستوى الخارجي خاصة فيما يخص العدوان على غزة وتبنيها الاعمى للموقف الإسرائيلي والمشاركة الفعلية في الحرب من خلال التسليح والحماية العسكرية والقانونية يدرك تماماً أن ما يجرى في منطقتنا يرتبط بفكرة استعمارية قديمة جديدة اخذت شكلها الحالي مع نهايات القرن الماضي وهي إعادة ترتيب المنطقة بما يضمن مصالح ذلك الاستعمار البغيض لأطول فترة ممكنة في مواجهة القطب الرديف والمتنامي بقيادة الصين وروسيا. حيث يحاول الغرب استنزافهما عبر أوكرانيا وتايوان.

ان تفكك الاتحاد السوفييتي لم يكن صدفة فقد جرى العمل عليه طويلا وللحفاظ على مصالح الغرب كان لا بد من خطط في المناطق الحيوية وعلى راسها الشرق الأوسط تشبه الى حد بعيد ما جرى في الاتحاد السوفييتي ومن اجل ذلك تم افتعال 11 سبتمبر لاستخدامها ذريعة في السيطرة على مفاصل الاقتصاد والسياسة والجغرافيا في كل انحاء العالم. لقد تم استخدام 11 سبتمبر مبررا بين مبررات اخرى لاحتلال أفغانستان والعراق وقد كان ذلك مكلفا مما دفع المسؤولين الأمريكيين وعلى لسان كونداليزا رايس الفوضى الخلاقة لإيجاد شرق أوسط جديد على المقاس الأمريكي.

ابتدعوا داعش والنصرة على غرار القاعدة التي ابتدعوها لمحاربة الاتحاد السوفييتي في حينه ،ثم ابتدعوا الربيع العربي تهيئة للشرق الأوسط الجديد عبر الفوضى الخلاقة و أنا هنا لا أريد أن أبدو وكأني أدافع عن نظام حسني مبارك أو زين العابدين بن علي أو علي عبد الله صالح أو حتى نظام زياد بري في الصومال في حينه أو حتى صدام حسين في العراق او بشار الأسد في سوريا لكني أصر على أن أبدو من خلال هذا المقال مدافعاً عن مصر ، تونس ، اليمن ، العراق ، سوريا ، والصومال وكل الدول العربية الأخرى .كان من المفترض ان تكون شرارة الربيع العربي في فلسطين الا انها لم تنجح علما أن اي شرق اوسط جديد بدون فلسطين لن تكتب له الحياة ، من هنا يمكن فهم لماذا كل هذا العنف ضد الشعب الفلسطيني .

ان العودة الى الحقيقة الساطعة التي تعتبر من اهم اهداف السياسة الغربية والتي تقضي بمنع استقلالية اقتصادية في الشرق الأوسط والإبقاء على المنطقة كسوق استهلاكية لكل ما هو غربي وبالأخص الصناعات العسكرية وذلك لتأجيج الصراعات الدينية عبر خلق أعداء وهميين يتحولون مع الزمن الى أعداء حقيقيين.

بالتأكيد الموضوع ليس بهذه السهولة حيث الكثير من الشعوب في الشرق الأوسط ترى ان الحراك الدولي تضامنا مع غزة وانتفاضة الجامعات ستسهم في تقليل هيمنة الغرب على أنظمة دولهم مما سيساعد في حراك مستقبلي ضد الأنظمة المذكورة، اما إذا نجح المشروع الغربي فان نسخة جديدة من سايكس بيكو ستكون جاهزة وستدفع شعوب العالم الثالث ثمنها لعقود قادمة.

من هنا تأتي أهمية وحدة الساحة الفلسطينية (قواها واحزابها) ضمن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والانضمام الى تحالف حقيقي بين قوى المنطقة المناهضة للاستعمار لإفشال هذا المخطط مما يتيح بناء عالم أكثر عدلا وإنسانية ويتيح لكل شعوب العالم ممارسة حقها في تقرير مصيرها وسيطرتها على مقدراتها مما يسهم في إرساء الاستقرار والامن الدوليين.