الكاتب: جهاد حرب
تمثلت قرارات الحكومة الإسرائيلية الأسبوع الفارط المتعلقة؛ بشرعنة خمس مستوطنات وتوسيع البناء الاستيطاني في الضفة الغربية بما فيه الإعلان عن بناء ٥٣٠٠ منزل ومصادرة أكثر من ١٢ ألف دونم ومد ملاحقة عمليات البناء الفلسطيني في مناطق "باء" والهيمنة على المحميات الطبيعية فيها من قبل الإدارة المدنية التابعة للمستوطنين، استجابةً لشعار تعميق السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، والاستمرار في إفشال السلطة الفلسطينية وإضعاف قدرتها المستمر عبر التحكم بأموال المقاصة وبالقيام باقتطاعات ترتفع بشكل مستمر بما يحقق إفلاسها مالياً وعجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين لمنع بناء مؤسسات الدولة وأية تحركات سياسية في المحافل الدولية والمحاكم الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية للحصول على التأييد الدولي لإقامتها.
تأتي هذه الإجراءات في إطار التأسيس لإقامة "مملكة يهودا والسامرة" المستقلة عن الدولة الأم عبر الاستفادة من الامتيازات التي تمنحها الحكومة الإسرائيلية للمستوطنين. هذا المسار إقامة "مملكة يهودا والسامرة" هو الحلم الأيديولوجي للمستوطنين ذو الأبعاد التوراتية للتخلص "الابتعاد" من آثار مما تبقى من الدولة العلمانية القائمة في إسرائيل سواء باستدعاء حجج تاريخية بذرائع توراتية.
إن تعميق التواجد الاستيطاني في الضفة الغربية عبر فرض تغييرات ديمغرافية وجغرافية في مناطق "جيم" ثم "باء" عبر ترويع الفلسطينيين سواء بتدمير المزروعات والاستيلاء على الأراضي ومصادر رزق المواطنين، أو عبر الهجمات المنظمة على البلدات والقرى الفلسطينية وإحراق المركبات والمنازل فيها بشكل منظم. أو عبر إقامة مؤسسات المملكة المنتظرة كالحكومة "مجلس المستوطنات" وإقامة الجيش من عصابات المستوطنين التي تم تسريع تسليحها من قبل الحكومة في الأشهر التسعة الماضية. ناهيك عن وجود اقتصاد المستوطنين "الاستيلاء على الأراضي الزراعية والمراعي وإقامة المناطق الصناعية المتعددة إضافة إلى تطوير نظام تعليمي في المستوطنات الكبيرة".
هذه الصورة في الضفة الغربية تتشابه مع مسار الأحداث قبل العام ١٩٤٨ التي أدت إلى إقامة دولة إسرائيل والنكبة الفلسطينية باختلاف واحد وهو نقصان التأييد الدولي. لكن على أرض الواقع في الضفة الغربية يفرض إقامة "مملكة يهودا والسامرة للمستوطنين فيها" بالقوة وبالتدريج؛ لمنع احتمالية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧، وبما يغير طبيعة المكان وطبيعة السكان الأصليين وصولاً لتجسيم خطة الحسم لصالح المستوطنين.