الكاتب: د. محمد عودة
ضمن قرارات الشرعية الدولية المتمثلة في راي محكمة العدل الدولية بان من حق الشعب الفلسطيني تقرير مصيره وان الاحتلال الإسرائيلي يجب ان ينتهي بأسرع وقت ممكن مما يعزز السردية التاريخية الفلسطينية ويدحض الخرافة الصهيونية حول ملكية اليهود لهذه البلاد.
اما فيما يخص السردية التاريخية الفلسطينية هناك ضرورة لصياغتها بعيدا عن الأديان، خاصة وان الحفريات برهنت على وجود نقوش واواني وعملات فلسطينية تعود لأكثر من ستة آلاف عام مما يعني ان فلسطين مسكونة قبل الديانات التوحيدية بكثير وهذا يدحض الخرافة الإسرائيلية بانها ارض الميعاد وأنها ارض بلا شعب لشعب بلا ارض.
ففي تناقض صريح بين الكثير من النصوص التوراتية، حيث هناك نصوص تقول ان هذه الأرض سكنها العماليق وان صراعا جرى بين داوود وجوليات وفي مكان اخر انها ارض بلا شعب. إضافة الى ان نفي وجود فلسطين رغم ورود كلمة "فلسطين" في العهد القديم أربع مرات في كُل من سفر الخروج وسفر إشعيا. بينما ذُكر "الفلسطينيين" وهم سُكان فلسطين 287 مرة في مواضع متفرقة من أسفار العهد القديم، منها ما ورد في سفر التكوين، وسفر الخروج، وسفر يشوع، وسفر القضاة، وسفر أخبار الأيام.
لم يتمكَّن علماء الآثار من العثورِ على دليلٍ، يُشيرُ صراحةً، أو كنايةً، إلى مَملكةِ داود، وسليمان، في فلسطين. على الرغم من ان رواية سِفر صموئيل الثاني، وسِفر المُلوك الأول تقول بأنَّ المَلِك داود، أقامَ إمبراطورية، تمتدُ بين النيل، والفرات، أورثها لسليمان بعد وفاته.
لقد عجزت البعثات الاثرية عن إيجاد اي اثرٍ آركيولوجيَّ تاريخي للمَملكة الداوديَّة ـ السليمانية رغم ان هذه البعثات تجري حفريات في أكثر من 300 موقع في فلسطين مما يعزز نظرية ان هاتين المملكتين هما من الاساطير والخرافات ولا تعدو كونها مملكة على الورق.
كما نفى عالم الآثار «الإسرائيلي»، إسرائيل فنكلشتاين، من جامعة تل أبيب، وجود أي صِلَة لليهود بالقدس؛ وجاءَ ذلك خلال تقرير، نشره في مجلَّة جيروساليم ريبورت، حيث أكَّد أنه لا يوجد أساس، أو شاهِد إثبات تاريخي، على وجود داود او حتى ابنه سليمان وان وجودهما مجرد وهم وخيال.
يقول العلاَّمة توماس طُمسن، في كتابِهِ «الماضي الخرافي (التوراة والتاريخ)» لا يتوافر دليل على وجود مملكة مُتَّحِدَة، ولا دليل على وجود عاصمة في أورشليم، أو وجود أي قوَّة سياسيَّة مُوحَّدة مُتماسكة، هيمنت على فلسطين الغربيَّة، ناهيك عن امبراطوريَّة، بالحجم الذي تصفهُ الخرافات والاساطير وايده في ذلك الباحثين الإسرائيليين اسيكشن فينكلشتاين مما مكن ليتش من الاستنتاج أن داود المَلِك لا يمكن إثباته تاريخيًا.
في تصريح معبر لكل من غاريبيي، ليتش، وريتشارد فلاناغان بان صمت السجلات الثرية بخصوص تلك الاساطير هو الذي يطرح أكثر الأسئلة جدية من حيث اننا نتعامل مع ماضٍ مخترع.
لقد عبر المؤرخون الإسرائيليون الجدد عن بطلان الاساطير الواردة في الكتاب المقدس حيث تحدث شلومو ساند عن اختراع الشعب اليهودي والاختراع تعني انتاج شيء غير موجود. اما إسرائيل شاحاك فقد تحدث في كتابه الديانة اليهودية وطأة ثلاثة آلاف عام ولم يتحدث عن شعب بمعنى ان الديانة لا تتحول تحت أي ظرف الى قومية. اما كتاب الباحث والمؤرخ ايلان بابيه عن التطهير العرقي فيه إقرار مقصود بوجود شعب على هذه الأرض يتعرض للإبادة والتطهير العرقي.
وقد استخدم قادة إسرائيل نصوصا دينية لتبرير ما يقومون به من إبادة للشعب الفلسطيني تارة بان الفلسطينيين حيوانات بشرية وتارة ان لا أبرياء في فلسطين. وليس اخرها قرار الحكومة الإسرائيلية بتطعيم جنودهم المشاركين في العدوان على غزة ضد شلل الأطفال وحرمان أطفال غزة من ابسط حقوقهم في الغذاء والدواء في خرق جديد للقوانين الدولية التي تجبر الاحتلال على حماية المدنيين خاصة وان العدوان الإسرائيلي هو السبب الوحيد لانتشار فايروس شلل الأطفال مجددا. فهم هنا ينطلقون من نصوص وخرافات وبما ان الفلسطينيين حيوانات بشرية فلا ضير من ابادتهم، فمن لا يموت بالقتل من خلال الحرب سيموت من المجاعة ومن انتشار الاوبئة.