الكاتب: د. رمزي عودة
تشير غالبية التوقعات من قبل المراقبين والمختصين بالشأن الفلسطيني بأن المرشحين الرئيسين لخلافة الشهيد إسماعيل هنية في رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس هما خليل الحية وخالد مشعل. حيث أن الرجلين لهما الحظوة الاساسية في التاثير على مراكز صنع الثقل السياسي داخل الحركة مع افضلية لخليل الحية الذي يعتبر تلميذاً وفياً لاسماعيل هنية وله علاقات متينة - بخلاف خالد مشعل- مع يحى السنوار الرجل الاقوى عسكريا داخل الحركة في غزة. من جانب آخر، للرجلين خبرة واسعة في العمل السياسي مع أفضلية واضحة لخالد مشعل الذي تولى سابقا رئاسة المكتب السياسي للحركة.
في الواقع، لقد قمت بإستشراف رأي عدد مهم ممن لهم خبرة واسعة في شأن حماس وطبيعة التنظيم، ووجدت أنه من أصل 15 خبيراً في هذا الموضوع، توقع 8 منهم خالد مشعل بشكل جازم، بينما توقع الاخرون وعددهم 7 خليل الحية ولكنهم وضعوا شروطا أو اعتبارات معينة لاختياره وتفضيله عن خالد مشعل وأهم إعتبارين أو محددين تم وضعهما من قبل هؤلاء الخبراء هما:
أولا: اذا ما كان ثقل السنوار وغزة في الداخل قوي بعد نحو 10 شهور من العدوان ويستطيع ان يؤثر في المرحلة المقبلة، حيث سيكون هذا الثقل لصالح خليل الحية.
وثانيا: اذا نجحت ايران وحزب الله في فرض خليل الحية على رئاسة المكتب السياسي وإقصاء خالد مشعل الذي لم يكن مرحباً به في الاوساط الشيعية الايرانية واللبنانية لاسيما بعد مواقفه من النظام السوري بعد ثورات الربيع العربي.
أما المؤيدون لترشيح خالد مشعل فقد فسروا توقعهم بالاسباب التالية:
- ضعف ثقل يحي السنوار في إختيار مرشح متوافق معه بسبب استمرار العدوان الاسرئايلي على قطاع غزة واضعاف كبير لقدرات حماس في الداخل.
- رغبة وإرداة قطر في الانفراد في توسيع نفوذها الاخواني على حركة حماس بعيداً عن التأثير الايراني الشيعي الذي كان يمثله بشكل كبير محور هنية – السنوار.
- استعداد التنظيم العالمي للاخوان المسلمين بتوافق ودعم قطري لاعادة تولي زمام الامور في حركة حماس من خلال خالد مشعل ممثل حماس في التنظيم العالمي للاخوان المسلمين.
- وجود توافق تركي قطري اردني في اختيار مشعل الذي يتمتع بعلاقات ونفوذ قوي مع هذه الدول
- وجود حالة من القبول لخالد مشعل في الأوساط السياسية الفلسطينية في منظمة التحرير نظراً لكونه كان وما زال يتمتع بعلاقات جيدة مع القيادة الفلسطينية وله مواقف متقدمة في المصالحة عن غيره من قادة حماس.
- وجود توافق أمريكي غربي لليوم التالي بعد العدوان يقصي قيادات حماس من الداخل ويحولها الى حركة دعوية مثل الاخوان المسلمين، ويعتبر خالد مشعل هو المرشح الاقوى لتولي هذا التغيير الوظيفي في دور حماس.
في الواقع، أعتقد ان حجج المراهنين على تولي خالد مشعل للمكتب السياسي لحركة حماس هي أقوى من تلك التي تتجه نحو خليل الحية، ومع ذلك تبقى النتيجة النهائية مرهونة بنمط القوى والتجاذبات بين قطر – التي تطمح في رئاسة التنظيم العالمي للاخوان المسلمين- وبين ايران زعيمة المحور الشيعي او محور المقاومة. بالمحصلة هل ستسمح ايران باعادة توزانات داخل حركة حماس لصالح قطر؟ وهل ستسمح قطر بعودة النفوذ الايراني داخل حركة حماس مما يقلص من قدرتها على التحكم بورقة حماس في الشرق الاوسط ؟ ربما تكون الحلول الوسط هي الاقرب في ظل استمرار العدوان، بمعنى تولى خالد مشعل رئاسة المكتب السياسي وخليل الحية يتولى نائبه او يستمر في منصبه كنائب له صلاحيات اكبر. وربما وفي حال عدم القدرة على الوصول الى حلول وسط، فإن حركة حماس معرضة للانشقاق بين تيارين اساسيين تيار قطر وتيار ايران، وسيظل هذا الاحتمال مخيما على الوقعات لاسيما في ظل غياب السنوار عن المشهد السياسي بفعل استمرار العدوان الاسرائيلي وانهاك قوى حماس في الداخل.