الكاتب: السفير حكمت عجوري
اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس وعلى الرغم من انني لم اتفق معه يوما ايدولوجيا الا ان اغتياله جسديا وبهذه البشاعة في غرفة نومه يجعلني اعتقد جازما بان مرتكب هذه الجريمة ليس من بني البشر وهي وبدون اي شك جريمة من انتاج واخراج وتنفيذ صهيوني والسبب انه من غير الممكن لغير الحركة الصهيونية ان تغتال مع من تتفاوض معه لوضع نهاية لمذبحة ما زالت مستمرة لاكثر من ثلاثمائة يوم على يد نفس قتلة هنية (جيش نتنياهو) وهي حرب ابادة وتطهير عرقي بكل معنى الكلمة ضحاياها من البشر والحجر والشجر دون اي استثناء بين البشر وصل الى الااجنة في بطون امهاتهم الحوامل وهو ما يضيف صفات غير انسانية للطبيعة العنصرية لهؤلاء القتلة الذين اصبحوا يمتهنون الاغتيال والقتل وسائل استرتيجية من اجل البقاء وهي جينية متوارثة.
تفجير سكن هنية في طهران هو نسخة كربونية عن تفجير فندق الملك داوود في يوليو سنة 1946 ادى في حينه ادى الى قتل 91 شحخص وقد تم ذلك بامر من الارهابي مناحيم بيغن الذي اصبح فيما بعد رئيس وزراء لاسرائيل تماما كما تم تفجير مبنى سكن هنية بامر من نتنياهو رئيس الوزراء الحالي للكيان وبنفس طريقة زرع المتفجرات مع فارق بسيط وهو ان الاولى تمت بطرق بدائية وذلك بوضع المتفجرات في علب الحليب .
ما ذكرته يؤكد على ان القتل والاغتيال عادة صهيونية اصيلة كونها تشكل اساس الايدولوجية التي قامت عليها الحركة الصهيونية في تعاملها مع كل من يختلف معها في الراي لانها حركة عنصرية ولا تملك اي من الوسائل البشرية المتحضرة المتعارف عليها في مواجهة الايدولوجيات الاخرى الامر الذي يجعل من هذه الايدولوجية الصهيونية في حالة صدام بل وتناقص دائم مع باقي الايدولوجيات التي عرفناها والتي تضع نصب اعينها حقوق الانسان كاساس كون كل هذه اليدولوجيات باستثناء الصهيونية قامت من اجل الانسان ولاجله وهو ما يكسب هذه الايدولوجيات على اختلافها الصفة الانسانية التي تفتقر لها الايدولوجية الصهيونية وبشكل مدقع ومنذ نعومة اظافرها كحركة عنصرية ودموية وهو ما يفسر هذا الكره الذي اصبح يتنامى في كل العالم ضد الصهيونية بعد ان تكشفت لهم حقيقة الصهيونية التي وظفت كل الخدع والاكاذيب لاخفاء هذه الحقيقة وتحديدا من خلال تقمصها للسامية احيانا وللدين احيانا اخرى كاساس لايدولوجيتها مع ان الدين اليهودي الذي نزل على سيدنا موسى بريء منها كبراءة الذئب من دم يوسف بدليل ان كل القائمين على هذه الحركة ومنذ نشأتها لا يؤمنون حتى بوجود الله.
اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال كان من الممكن لها ان تكون دولة شرق اوسطية ديمقراطية ومتحضرة كباقي الدول المسؤولة تعيش بسلام ووئام وحسن جوار في المنطقة لو انها اكتفت بما منحته اياها الشرعية الدولية (قرار التقسيم رقم 181) دولة على مساحة 56% من ارض فلسطين التاريخية وذلك على الرغم من اجحاف هذا القرار بحق السكان الاصليين الذين كانوا يعدون اكثر من 70% مقارنة مع باقي السكان الصهاينة في حينه والذين كانوا بمعظمهم من المهاجرين من اصول غير سامية .
الا انها وبسبب طبيعتها التوسعية والضم تمكنت هذه الحركة الصهيونية بالقوة من اقامة كيانها "اسرائيل" على مساحة 78% من ارض فلسطين التاريخية والى كل ذلك نضيف بانها ما زالت لم تفي بشروط عضويتها في منظمة الامم المتحدة في سنة 1949 وهي موافقتها على تطبيق قرار التقسيم رقم 181 وعلى تطبيق قرار عودة اللاجئين رقم 194 كشرطين لقبولها عضو في المنظمة الاممية الا انها والى يومنا هذا ما زالت لم تفي بذلك وهو ما يعني عدم شرعية هذا الكيان المارق وبامتياز.
ما سبق يؤكد على حقيقة ما ذكرته ويفسر في نفس الوقت سبب فشل الحركة الصهيونية بالدفاع عن وجودها وعن روايتها وعن كيانها بالحجة والبراهين كون روايتها كاذبة وبالتالي كيانها باطل وهو السبب الذي يجعلها تدافع عن وجودها بالخديعة وبالسيف والقتل والاغتيال وهو ما يعيدنا بالذاكرة لاغتيال الحركة الصهيونية لاول رسول سلام جاء الى فلسطين وهو الديبلوماسي السويدي الكونت برنادوت الذي تم اغتياله في سبتمبر 1948 بخسة وجبن من قبل العصابات الصهيونية التي ومنذئذ اصبحت كما اسلفت تمتهن الاغتيال كوسيلة بقاء لها ولكيانها بدلا من العمل على احلال السلام الذي اصبح معروفا بانه عدو وجودي لهذا الكيان الصهيوني بدليل اغتيال الشهيد عرفات وقبله رابين والسبب توقيعهما على اتفاق سلام الشجعان.
الشهيد اسماعيل هنية ليس اول قائد فصيل فلسطيني يتم اغتياله على يد الحركة الصهيونية ولا اعتقد انه سيكون الاخير طالما بقيت حركة الاغتيالات الصهيبونية بزعامة نتنياهو هي الحاكمة في دولة الاحتلال التي اغتالت قبل الشهيد هنية مئات من القادة الفلسطينين وقادة الفصائل ومن كافة الوان النسيج السياسي و العسكري الفلسطيني حتى الاديب والمفكر والعالم لم يسلموا من هذا الاغتيال الصهيوني.
اغتيال هنية لا محالة اثلج صدور معظم الاسرائيليين الصهاينة ان لم يكن جميعهم لانهم سرعان ما يصبحوا جميعا على قلب رجل واحد عندما يتعلق الامر بحق الشعب الفلسطيني في استرداد ارضه وحقه في تقرير مصيره وحقه في اقامة دولته المستقلة والعيش بكرامة سيدا على ارضه التاريخية على الرغم من التنازل الفلسطيني التاريخي بالوافقة على اقتسام ارضهم التاريخية مع بني صهيون وعلى الرغم ايضا من ان كل هذه الحقوق الفلسطينية هي حقوق تاريخية واخلاقية وفوق كل ذلك حقوق اقرتها لهم الشرعية الدولية .
ختاما اقول لكل الصهاينة الفرحين باغتيال هنية ان الاغتيال هو عملية جبانة و خسيسة وهي ليست لصالح اي منهم وانما لصالح من امر بهذه الجريمة شخصيا وبالتالي فهي من المؤكد ستعود وبالا عليهم ان اجلا او عاجلا بعد ان ثبت بان كل اغتيال يعني ضخ دماء طاهرة جديدة في عروق ابناء الفصائل وابناء الشعب الفلسطيني كله لتنبت هذه الدماء قادة جدد ولكن باكثر عنفوان واكثر عزيمة واكثر قدرة لاحقاق الحق الفلسطيني الذي لن يضيع طالما بقي فلسطيني واحد يطالب بهذا الحق.
اطفال الانتفاضة الاولى واجهوا الاحتلال الصهيوني بالحجارة والصدور العارية ولكنهم وبعد ان خذلهم قادة الاحتلال بالتنكر للعهود والاتفاقات اُجبروا بسبب ذلك لاستخدام وسائل اكثر ايلاما في النتفاضة الثانية ولا ندري كيف سيكون الحال في الانتفتضات القادمة الثالثة والرابعة والعاشرة .
قادة الاحتلال وعلى راسهم نتنياهو وهو مختل عقليا هم مجموعة من القتلة الذين بلغ بهم الامر ليس بقتل اطفال الفلسطينيين وقادتهم فقط وانما ايضا بقتل الاسرائيليين من بني جلدتهم وهو ما حدث في السابع من اكتوبر بتفعيلهم لبروتوكول هانيبال وهل هناك ابلغ من قتل رابين الجنرال الصهيوني سنة 1995 بتحريض من نفس هؤلاء القادة وذلك بسبب ارتكابه جريمة محاولة احلال السلام مع اصحاب الارض .
للمحتفلين الفرحين باغتيال هنية اضيف بالقول بان القاتل لا يمكن له ان يبني مجتمع يعيش بامن وسلام لا مع نفسه ولا مع غيره ومن يعيش بالسيف لا بد وان يموت بالسيف .