الكاتب: هبه بيضون
من أسوأ الرؤساء الذين مرّوا على القضية الفلسطينية بصورة خاصة كان دونالد ترامب، بوقاحته وعنجهيته وجرأته اللامعهوده في اتخاذ قرارات تصب في مصلحة دولة الاحتلال، على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
شكّلت فترة رئاسته الأولى كابوساً ضاغطاً على الفلسطينيين، وكانت قراراته المتتالية التي تضمنت إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ونقل السفارة الأمريكية الى القدس، وغيرها، قرارات سريعة وجريئة ومجحفة بحق الفلسطينيين، لم يسبق لها مثيل.
كما لا ننسى أنه أطلق قطار التطبيع مع بعض الدول العربية الشقيقة بما سمي بالاتفاقات الإبراهيمية التي عقدها، والتي بدأت تلك الدول تكتشف زيفها، وأنّ المنفعة الكبرى لعقدها تعود للاحتلال.
كانت فترة رئاسته الأولى عبارة عن مفاجآت غير متوقعة، وبمثابة صدمة، سواء للفلسطينيين وربما لبعض العرب.
ومع ذلك، فقد تصدّى الفلسطينيون، كما الأردن والسعودية ومصر لخططه الجهنمية ومؤامرته التي كان يحيكها والتي تمثلت بصفقة القرن، وأبت هذه الدول أن يمرّر هذه الصفقة، على الرغم من جميع محاولاته الخبيثة، وعلى الرغم من السموم التي كانت تبث عبر الإعلام الأصفر وبعض وسائل التواصل الاجتماعي، والتي كانت تبث الفرقة بين الدول العربية، ببث الإشاعات وبتهويل بعض الحالات الفردية الشاذة التي لم تكن تمثّل إلّا نفسها، إلّا أنّ المواقف الواضحة والثابتة التي كانت تنطلق من الجهات والشخصيات الرسمية في هذه الدولة أو تلك، بتمسكها بحقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وربط تحقيق ذلك بالتطبيع مع دولة الكيان، وضعت حدّا لجميع الشكوك.
كانت تجربة فترة حكمه مريرة، ولكن تمّ التغلب عليها وإضاعة فرصته الذهبية بإرادة الفلسطينيين والعرب الذين وقفوا دائماً إلى جانب الحق الفلسطيني، ولم تمرر الصفقة.
ذهب ترامب ومن معه، واعتقدنا أننا خلصنا من قرفه وجنونه وعنجهيته ووقاحته وعدائه للعرب والمسلمين وللفلسطينيين، وبأننا خلصنا من مؤامراته وصفقته المشبوهة.
الآن، ترامب مرشح أن يعود إلى الرئاسة وبقوة، ونخشى ما نخشى، أن يفي بوعده الذي وعده حينما غادر البيت الأبيض، عندما قال بأنه سيعود.
السؤال هو: ماذا أعدّدنا من خطّط لمواجهة عودة ترامب، الذي إن عاد، وهذا احتمال كبير، سيعود حاملاً صفقة القرن بين ذراعيه، سواء بالتسمية ذاتها أو بغير مسمى، كما سيعود ومعه عربات قطار التطبيع الذي انطلق ليكمل السلسلة، في مفاجآت قادمة، لا يمكن أن نستثني أيّ من الدول من ركوب موجتها، تحت ذرائع ومبررات عديدة. هل فكّرنا كيف سنواجهه وقراراته، بما فيها سياسة الضم الذي وعدت ابنته بأنه لو عاد، ستطبق على الأرض؟