الكاتب: د. محمد عودة
سيأتي اليوم الذي تضع فيه هذه الحرب أوزارها رغم كل الدمار الذي احدثته وعلى كافة الصعد. الحقيقة أن الحروب الصعبة تبدأ في اليوم التالي وستكون اسرائيل ملزمة بمعارك من نوع آخر ربما تكون اصعب عليها من حرب الابادة التي لا زالت تقوم بها ضد الشعب الفلسطيني حتى الآن وهي:-
• حرب لجم الحقد والكراهية والاستكبار
لقد نشأ الكيان الصهيوني على نظرية التفوق اليهودي والتعامل مع الاغيارعلى انهم دون ولا يمكن التعامل الا مستخدمين ينفذون الاجندة الصهيونية أحياناً بأجور مادية واغلب الأحيان مقابل السماح لهم بالبقاء على قيد الحياة.
واحد من اسباب هذه الحرب حاجة الحكومة الاسرائيلية الى استعادة ثقة الشارع الاسرائيلي الذي ومنذ شهور طويلة يحتج بمئات الالاف على سياستها، ولذلك استغلت احداث السابع من اكتوبر وحجم الضحايا المفترضين في ذلك اليوم وبغض النظر ان كانوا قد قتلوا بنيران اسرائيلية او فلسطينية فقد اختلقت اكاذيب ولفقت روايات عن حرق الاطفال وقطع الرؤوس واغتصاب النساء، كما استغلت الحكومة اختطاف حماس لعدد كبير بينهم مدنيين لتأجيج مشاعر المجتمع الاسرائيلي تضامنا مع اسر الضحايا ،سواء اسر المخطوفين او القتلى مما عمق وبشكل ملحوظ درجات الحقد والكراهية والعداء لكل ما هو فلسطيني وعربي بين صفوف المواطنين الاسرائيليين بكل انتماءاتهم السياسية وان بشكل متفاوت فاليمين كان اقل احتياجا للذرائع حيث حرق ابو خضير والدوابشة وحرق حوارة وترمسعيا وعوريف وبورين لدليل على حجم الحقد والكراهية والعنصرية لدى هذا اليمين .وفي ظل كل ما ورد ستكون الحكومة الاسرائيلية القادمة ملزمة بمواجهة هذا التطرف منعا لانزلاق المنطقة الى حرب جديدة قد تكون اكثر كارثية في الضفة الغربية وربما تمتد الى حرب اقليمية.
• الحرب النفسية
الحكومة الإسرائيلية القادمة ملزمة بمعالجة الآثار النفسية التي تركتها الحرب على المجتمع الإسرائيلي سواء تجاه عائلات آلاف القتلى والمخطوفين ام لكل المجتمع الذي عاش في الملاجئ لفترات طويله واصابه الرعب من أصوات القصف من الجبهتين الجنوبية والشمالية وتصدي الدفاعات الجوية لهذا القصف مما يحدث انفجارات مرعبة يضاف الى ذلك مئات آلاف الإسرائيليين الذين اجبروا على ترك منازلهم وهم بحاجة الى ضمانات غير متاحة من اجل العودة الى مستوطناتهم سواء في الجنوب ام في الشمال.
• الحرب الاقتصادية
لقد أدت الحرب الى كوارث اقتصادية في إسرائيل وعلى الحكومة القادمة إيجاد الحلول فحجم الانفاق العسكري وتراجع البورصة وانخفاض قيمة العملة وتعطل المرافق الاقتصادية كافة لفترة طويلة قد كلف الدولة أكثر من مئة مليار دولار، وهي بحاجة الى مبلغ مشابه من اجل إنعاش الاقتصاد وإعادة بناء ما تهدم إضافة الى تعويض الشركات والمؤسسات والافراد الذين تضرروا من الحرب خاصة قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة والمال،كما انها ستكون بحاجة ماسة الى ترميم سمعة الصناعات العسكرية الإسرائيلية التي تضررت سمعتها نتاج اداء المقاومة التي تقول انها دمرت المئات من الآليات التي تعتبر فخر الصناعة الاسرائيلية.
• حرب ترميم السمعة
من اليوم الأول للحرب حصلت إسرائيل على دعم وتعاطف دوليين غير مسبوقين على صعيد الحكومات وبشكل اقل على صعيد الشعوب لكن هذا الدعم ما لبث وان بدأ يتقلص ولو بشكل خجول من بعض الحكومات الا ان الدعم الشعبي لإسرائيل بدأ يتلاشى بشكل تدريجي نتيجة المجاز الوحشية التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي خاصة قتل آلاف الأطفال والنساء والاعتداء على المرافق الصحية والتعليمية إضافة تكرار التهديدات من قادة سياسيين ودينيين بنية ممارسة الابادة الجماعية وحروب ضد الانسانية والتهديد باستخدام السلاح النووي مما سيشكل أيضا تهديدا صريحا للاستقرار والسلم الدوليين. وبناء على ذلك فان اسرائيل بحاجة الى جهد غير عادي لتحسين صورتها امام العالم وقد يكون ثمن ذلك تنازلات لم تكن ممكنة في السابق.
• حرب دفع الثمن السياسي
لقد برهنت هذه الحرب للمجتمع الدولي خاصة المتواطئ مع إسرائيل ان خطر الحروب على مصالحها يكمن طبيعة الكيان الذي حرم الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية وعلى راسها حقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم على أساس الشرعية الدولية التي تطالب بمنح الفلسطينيين دولة عاصمتها شرق القدس على حدود ما قبل الرابع من حزيران 1967ولم يكتفي بذلك بل مارس ضدهم كل اشكال القتل والتطهير العرقي ضاربا عرض الحائط بكل ما له علاقة بالشرعية الدولية وبالتالي سيمارس المجتمع الدولي ضغطا على إسرائيل حيث لا يمكنها ان تكون جزءا من المنطقة الا من خلال اعادة الحقوق لاصحابها سواء في فلسطين ام على الجبهات الاخرى بالاخص سوريا ولبنان.حيث ان الانتماء الى المنقة له ثمن غير مؤجل.غير ذلك فان حلم نتنياهو بالاحتفال بمؤية تاسيس الكيان لن يتحقق وستذهب اسرائيل غير مأسوف عليها.
. اما حروب الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لعدوان غير مسبوق فان علية لملمة جراحة والذهاب لى حروب كثيرة الالم فيها اقل من حرب الابادة لكنها ليست سهلة على الاطلاق ومن اجل ذلك فان الكل الفلسطيني مطالب بانهاء الانقسام وبناء الوحدة الوطنية على قاعدة الميثاق الوطني الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية من خلال استعاب الكل الفلسطيني والحفاظ على المنجز الوطني الذي دفع الشعب الفلسطيني ثمنه آلاف الشهداء الا وهو وحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني وانجاز الوحدة قبل فوات الاوان وحروبنا هي:-
حرب الإغاثة
لقد عجزت القيادة الفلسطينيةعن ايجاد حلول مستعجلة رغم كل الجهد المبذول فالاغاثة بكل اشكالها شكلت ضرورة من اليوم الاول خاصة وان عليها ان تسابق لاجهاض المشروع الصهيوني القاضي بالتهجير الطوعي والذي اهم ركائزه حرمان الناس من ابسط مقومات الحياة.ومع ذلك ان تاتي الاغاثة متاخرة خير من ان لا تاتي.
• حرب إعادة الاعمار
على القيادة الفلسطينية وبالتعاون بالتعاون مع الهيئات الدولية وضع خطة وطنية لاعادة الاعمار و توفير الامكانيات الضرورية لذلك وبشكل عاجل ويمكن استخدام الركام في توسعة القطاع على حساب البحر.هكذا خطة ستشكل حافز للمواطن للبقاء في غزة.
• الحرب الاقتصادية
يجب ان يشمل برنامج القيادة توفير فرص عمل لسكان قطاع غزة عبر انشاء مشاريع خلاقة في كل المجالات آخذين بالاعتبار الاف من ذوي الاحتياجات الخاصة و توفير فرص عمل لآلاف العمال الذين كانوا يعملون في إسرائيل وهذا حافز اضافي لمنع الهجرة.
• حرب إعادة بناء وترميم الانسان
لقد تركت هذه الحرب إضافة الى الدمار المادي دمارا نفسيا يحتاج الى سنوات لعلاجه لذا يجب وضع برنامج إعادة تأهيل عبر تدريب و توظيف العدد الكافي من الاخصائيين حتى وان اقتضى الامر جلب طاقات من خارج فلسطين . بالضرورة الاخذ بعين الاعتبار رصد الامانيات المادية واللوجسية لذلك.
• حرب توظيف التعاطف الدولي لصالح انجاز الحل السياسي
على قيادة الشعب الفلسطيني وضع الخطط والبرامج وعلى كل المستويات الرسمية والشعبية سياسيا ودبلوماسيا لاستثمار التضامن الشعبي الدولي غير المسبوق وترجمة هذا التضامن الى فعل يسهم في تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حق تقرير المصير.
اما في اليوم التالي فالقيادة خاصة الكومة مطالبة بالتواجد في غزة مع مراعات خطورة ذهاب الكل مما قد يستخدمة العدو في ان تقتصر الدولة الفلسطينية على قطاع غزة.