الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

محاولات أستكمال المخطط القديم الجديد لتصفية مشروعنا التحرري

نشر بتاريخ: 30/08/2024 ( آخر تحديث: 30/08/2024 الساعة: 22:55 )

الكاتب: مروان أميل طوباسي

ان ما يجري اليوم لا يمثل عملية عسكرية موسعة بالضفة ، انها بدايات مرحلة متقدمة بالتوازي مع الإبادة والتهجير والتجويع الجاري في غزة الذي تريد له اسرائيل الاستمرار ضمن خطة الحسم المبكر لتصفية المشروع التحرري الوطني الفلسطيني واقامة دولة يهودا في اطار رؤية المشروع الصهيوني لدولة اسرائيل الكبرى وتنفيذ الرؤية الأمريكية للشرق الأوسط الجديد .

المشروع الصهيوني منذ وضع رؤيته وتطوره العملي اللاحق منذ عام ١٩٤٨ ، لا يتعلق بحياة اليهود أو تحررهم من الاضطهاد الأوروبي على الإطلاق ،
إنه مشروع استعماري غربي يخدم أجندة الأنجلوساكسونين بهدف الحفاظ بالسيطرة على الشرق الأوسط للأسباب التي أشرت لها بمقالات سابقة .

فبأسم حماية حياة اليهود وإنشاء بلد آمن لهم ، انتج هذا المشروع الصهيوني الكولنيالي في الواقع انعدام الأمن الدائم ليس فقط لنا نحن الفلسطينين ، وانما لليهود الذين أتوا بهم مستوطنين في فلسطين وتوريطهم في جرائم إبادة شعب آخر ، وعدم استقرار المنطقة .

اما المجتمعات الغربية التي تخلصت من هذا العبئ الثقيل الذي كان قد لحق بها خاصة بعد مظاهر معاداة السامية هنالك وجريمة الهلوكوست التي شملت الشعوب الأوروبية ومن ضمنها اليهود والمسيحيين الأوروبين . فقد خُدع بعضها القليل وتورطت الاخرى قصدا في معادلة انشاء إسرائيل التي فرضتها الحركة الصهيونية العالمية تحت ذريعة الدفاع عن حقوق وحياة اليهود واعتبارهم شعب بلا أرض .

والآن ورغم وضوح مشروع نتنياهو بشكل كامل ، الذي يشتق موضوع عناصره من خطة شارون التي تقدم بها عام ٢٠٠٥ للرئيس محمود عباس الذي أعلن والقيادة الفلسطينية رفضهم القاطع لها في حينه . حيث كان شارون قد دعى بها الى "استقلالية قطاع غزة" و"اقامة جيوب سكانية لحكم ذاتي بالضفة الغربية " تحت السيطرة الإسرائيلية، مع فصل الوحدة الجغرافية بين "جيوب الحكم الذاتي" والدولة الممكنة في قطاع غزة الذي اصبح غير قابل للحياة بفعل حرب الإبادة والتهجير الجارية ، لكنه اصبح قابل للأحتلال مرة اخرى اليوم ، وهو الامر الذي دفع حكومة الأحتلال بتعيين حاكما عسكريا او ما يسمى بمنسق اعمال الحكومة الإسرائيلية هنالك يوم امس .

وقد هدفت خطة شارون حينها الى فرض حلول جزئية على شعبنا الفلسطيني ، كانت تقوم على أساس فرض أمر واقع جديد دون العودة إلى المفاوضات حول القضايا النهائية الجوهرية مثل المياه، الحدود، القدس، واللاجئين بحسب أتفاق أوسلو آنذاك .
وهي خطة تمثل رؤية اسرائيلية تعكس توجهات المجتمع الإسرائيلي بشكل شبه مطلق ، تركز على الحفاظ على المستوطنات وتوسيعها والسيطرة الأمنية مع تقليل الاعتماد على ما يسمى حكم ذاتي مباشر للمناطق الفلسطينية على أرض تشبه قطعة الجبنة السويسرية كما وصفها الرئيس ابو مازن قبل اعوام امام مجلس الامن .
وبموجب هذا المشروع ، كانت الأراضي الفلسطينية ستقسم إلى مناطق متفرقة غير متصلة جغرافيا، مما يحد من إمكانية اقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومتواصلة ، من خلال تقليل حجم الأراضي الخاضعة للحكم الذاتي الفلسطيني إلى أقصى حد ممكن، وضمان استمرار السيطرة الإسرائيلية على جزء كبير من الضفة الغربية.

قد يراها البعض مشروعا طوباويا غير ممكن التنفيذ ومرتبط فقط بنتنياهو وتحالفه اليميني اليوم ، وسينتهي بانتهاء الحكومة الراهنة . ولكن الحقيقة السياسية تقول خلافا لذلك، فقرار الكنيست قبل اشهر كان بإجماع الكتل اليهودية الصهيونية دون أي استثناء، الذي اعتبر أن وجود دولة فلسطينية في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس المحتلة يشكل تهديد وجودي ، فقد كان القرار يمثل الوجه الآخر للضم والتهويد واقامة جيوب الحكم الذاتي التي أشرت لها واعادة احتلال قطاع غزة .

ان مشروع نتنياهو الخاص اليوم ، والمشتق من رؤية غابوتنسكي، بإلغاء الهوية القومية الفلسطينية، شعبا وكيانا وهوية ، لم يعد مشروعا خاصا أو "حلما" صهيونياً ، بل مشروع قد تم تنفيذ جزء كبير منه في الضفة والقدس سابقا ويتم استكماله اليوم دون اعتراض من ما يسمى بالمعارضة الاسرائيلية التي لا تملك برنامج لإنهاء الأحتلال او حتى الابرتهايد .

هذا المشروع ما زال يُعتبر جزءً من استراتيجية إسرائيلية أوسع لمنع قيام دولة فلسطينية متكاملة ومستقلة ، وقد يراه البعض منهم كمحاولة لتجنب الضغوط الدولية للتوصل إلى حل شامل للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

لكن هذا الأمر القائم الآن لن يدوم برأيي طويلاً فالوقائع بالعالم تشهد متغيرات كما والتاريخ يشهد على سقوط إمبراطوريات وصعود دول وتحرر شعوب رغم محاولات امتلاك وتشويه التاريخ ونشر الظلم وكل عناصر الاضطهاد .

لكن يبقى السؤال اليوم ، أين نحن من ما يجري ، وإلى اين نحن ذاهبون في رؤيتنا واستراتيجيتنا المفترض وضوحها ووجودها وفق قرارانا الوطني ؟ ولماذا يتأخر تنفيذ الأستحقاقات المفترض معرفتها والتي تُمليها علينا المسؤولية والمصلحة الوطنية العليا لمواجهة ذلك برؤية وبرنامج وأدوات واضحة موحدة قابلة التنفيذ تُفضي الى حماية شعبنا وصموده والتصدي لهذا المخطط القديم الجديد وافشاله للوصول الى حقنا بتقرير المصير والأستقلال الوطني .